strong>على الرغم من سيطرتها على أكثر من 40 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط، تجد منظّمة الدول المصدّرة للنفط «أوبك»، صعوبة في التوليف بين ملاقاة الطلب المتزايد على الوقود الأحفوري، ومصلحتها في إبقاء الأسعار مرتفعة. أعضاؤها يبدأون اجتماعاً في فيينا اليوم، يبحثون فيه الحاجة إلى زيادة الإنتاج أو عدمها
في تمّوز الماضي، عندما وصل سعر برميل النفط إلى مستواه القياسي التاريخي الذي بلغ 147.27 دولاراً، دعت السعوديّة إلى «اجتماع طاقة طارئ» في جدّة من أجل تسوية أمور السوق. وتعهّدت رفع إنتاجها إلى 9.7 ملايين برميل يومياً، مسجّلة أعلى معدّل للزيادة منذ عام 1981. ولكن تلك الزيادة لم تؤثر كثيراً على نمط انخفاض الطلب بسبب ارتفاع الأسعار. ومن خلال دراسة التطوّرات خلال النصف الأوّل من العام الجاري، يظهر أنّ الطلب على النفط في البلد المستهلك الأوّل له في العالم، الولايات المتّحدة، انخفض بأعلى مستوى منذ عام 1982.
ويقدّر أنّ المنظّمة التي تضمّ 13 بلداً، تنتج أكثر من سقفها المحدّد بـ29.67 مليون برميل يومياً، 790 ألف برميل، 750 ألف برميل بينها تنتجها السعوديّة وحدها، وهذا الموضوع هو الذي يكسب الاجتماع في فيينا أهميّة متزايدة، إذ إنّ الأعضاء منقسمون على ما يبدو إلى متحمّسين متطرّفين لإبقاء السعر فوق 100 دولار للبرميل، وبالتالي خفض الإنتاج أو إبقائه على مستواه الحالي إلى حين آخر، وبين من يرون أنّ 100 دولار هو سعر منطقي، لكن لا يجب السعي السياسي للحفاظ عليه.
فمنذ وصوله إلى قمّته التاريخيّة، هبط سعر البرميل بنحو 30 في المئة، ليقارب 105 دولارات الأسبوع الماضي، وهو الأمر الذي «أزعج!» بلدان المنظمة الدوليّة المتوقّع أن يحصّلوا عائدات قد تبلغ 1 تريليون دولار خلال عام 2008 وحده.
إيران أعربت عن رفضها القاطع لمسألة تخطّي السقف المحدّد للإنتاج. وقال مندوبها إلى «أوبك»، محمّد علي خطيبي: «على الأعضاء العودة للعمل بالكوتات المتفق عليها، وإذا لم يرغب أي بلد بالعودة (إلى هذا النظام) فعليه أن يشرح أسبابه». وهو موقف كرّره المسؤولون الإيرانيّون كثيراً في الفترة الأخيرة، فقد شدّد وزير النفط في الجمهوريّة الإسلاميّة، محمّد علي نوذري، على أنّ المعروض «في السوق فائض عن الطلب»، وأنّ سعر 100 دولار للبرميل هو الأدنى المقبول. وعن الاجتماع المقرّر اليوم قال: «سنعيد النظر بالسوق، ومن ثمّ نقرّر».
البلد الصقر الثاني في المنظّمة، هو فنزويلا. ويتبنّى رئيسه اليساري، الرؤية نفسها الموجودة في طهران: على «أوبك» خفض الإنتاج لكي يتوافق مع نظام الكوتات. وهذه الرؤية لاقت صداها أيضاً في حديث المندوب الليبي إلى المنظمة، شكري غانم، الذي قال عشيّة المؤتمر، حسبما نقلت عنه وكالة «أسوشييتد برس»: «هناك نفط كثير في السوق، أكثر بكثير من المطلوب».
ولكن يبدو أنّ سعر 100 دولار برميل لا يمثّل الحد الأدنى المقبول للجميع في المنظمة. فوزير النفط السعودي، على النعيمي، تحدّث عن أنّ 80 دولاراً للبرميل، هو الحاجز الذي يمثّل الخط الأحمر لانخفاض الأسعار. كذلك فإنّ وزير النفط الكويتي، محمد العليم، رأى أنّه لا حاجة لخفض الإنتاج، وذلك لدى مغادرته بلاده متوجّهاً نحو العاصمة النمساويّة.
وفي هذا السياق أيضاً، شدّد المدير التنفيذي لـ«وكالة الطاقة الدوليّة»، نوبو تاناكا، على أنّه ينبغي لـ«أوبك» الإبقاء على إنتاج النفط دون تغيير. وقال في مقابلة أجرتها معه وكالة «رويترز»: «على المدى القصير أعتقد أنّه إذا واصلت أوبك مستوى الإنتاج الحالي فستهدأ السوق». وأضاف أنّ ترك الإنتاج دون تغيير سيكون «خطوة جيّدة» من جانب المنظمة.
وهذا الهدوء ليس سوى نسبي، فعلى الرغم من الانخفاض الحاد في السعر خلال 3 أشهر، تبقى الأسعار أعلى بـ14 في المئة، مقارنة بالمعدّل المسجّل خلال العام الماضي، ولا يزال سعر برميل النفط الخام أعلى بنحو 4 أضعاف من السعر المسجّل قبل 5 أعوام.
وبالتالي فإنّ من الواضح أنّ أي خطوة من جانب «أوبك» لخفض الإنتاج ستولّد احتجاجات عارمة في البلدان الصناعيّة المستهلكة بقوّة للنفط. كذلك فإنّ المنظّمة الدوليّة تعي تماماً أهميّة قانون العرض والطلب، ومن المحتمل أن تستغلّ اجتماعها، الذي يتضح أنّه سيكون صاخباً، للموازنة بين الأرباح الكبيرة المطلوبة، والسعر المنطقي الذي ممكن أن تقبل به السوق.
وبالتالي فإنّ معظم المراقبين يتوقّعون أنّ يفضي الاجتماع إلى قرار إلغاء الزيادات التي طرأت على الكوتات المحدّدة، من دون المسّ بحجم الإنتاج الذي تفترضه. وهذا القرار سيمثّل نقطة المنتصف بين رؤية «الصقور»، خفض الإنتاج من أجل كبح الانخفاض السريع للأسعار، ورؤية «المعتدلين» الذين يرون أنّ خفض الإنتاج سيؤدّي إلى انخفاض الطلب بهوامش أوسع في البلدان المتقدّمة.
(الأخبار)


«آيك» يهدّد أيضاً

تزامناً مع توافد وزراء بلدان الدول المصدّرة للنفط، «أوبك»، إلى فيينا، انتعش سعر النفط الخام بسبب ازدياد المخاوف من الخسائر التي ممكن أن يحدثها الإعصار «آيك» الذي تقدّم صوب مركز صناعة النفط الأميركيّة في خليج المكسيك. وعلى الرغم من الطمأنات التي أطلقها «المركز القومي الأميركي للأعاصير»، يُتوقع أن يستعيد «آيك» قوّته مرة أخرى إلى الفئة الثالثة مع اقترابه من خليج المكسيك، الذي يضمّ 25 في المئة من إجمالي الإنتاج النفطي الأميركي، و15 في المئة من إنتاج الغاز الطبيعي.