لم يعد الفصل السياسي بفعل الانقسام الداخلي الفلسطيني كافياً على ما يبدو. بات قطاع غزة والضفة الغربية على موعد مع فصل جديد، جغرافي وديموغرافي، تمارسه سلطات الاحتلال. وذكر تقرير أصدرته منظمتا «بتسيلم» و«المركز للدفاع عن الفرد» أن «إسرائيل تنفذ خطوات أحادية الجانب بهدف تكريس واقع جديد من العزل بين السكان الفلسطينيين في قطاع غزة والسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية»، مشدداً على أن «إسرائيل تحوّل بعض الفلسطينيين إلى مقيمين غير قانونيين في بيوتهم».
وأضاف التقرير أن «إسرائيل تعمل منذ بداية الانتفاضة الثانية بطرق شتى من أجل إنشاء حالة من العزل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتقسيم الفلسطينيين فيهما إلى مجموعتين سكانيتين منفصلتين، وبلغت هذه السياسة أوجها في العام الأخير من خلال مطالبة المسجلين من سكان قطاع غزة، بحيازة تصريح للإقامة في الضفة الغربية وإقدام السلطات الإسرائيلية على إبعادهم من الضفة إلى القطاع بذريعة أنهم مقيمون غير قانونيين فيها».
وسيتعيّن على الفلسطينيين الحصول على هذا التصريح من الجيش الإسرائيلي ومدته ثلاثة أشهر فقط. كذلك يطالب الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين الذين يطلبون الإقامة في الضفة بأن يثبتوا إقامتهم بصورة متواصلة في السنوات الثماني السابقة وأن يكون الواحد منهم متزوجاً ولديه أولاد وألا يكون ضده أي مانع أمني إسرائيلي، كما عليه أن يضيف إلى طلبه بأن إقامته في الضفة نابعة من اعتبار «إنساني».
وكشف التقرير الحقوقي عن أن الجيش الاسرائيلي مخوّل رفض طلب الفلسطيني حتى إن كان مقدّمه قد لبى جميع الشروط. وذكر التقرير أن نظام التصاريح الإسرائيلي يسلب من الفلسطينيين حقهم في اختيار مكان سكنهم.
وأشار التقرير إلى ممارسات إسرائيلية خطيرة أخرى، بينها وضع قيود على زواج سكان قطاع غزة من سكان الضفة الغربية. ولفتت إلى أن «النساء الفلسطينيات اللواتي يطالبن بالانتقال من القطاع إلى الضفة لغرض الزواج مُطالبات بإيداع كفالة مالية كبيرة والتعهد بالعودة إلى القطاع مع انتهاء مراسم الزواج».
وأضاف التقرير أن «النيابة العامة سمحت لعروس فلسطينية ووالديها بالانتقال من غزة إلى الضفة لحضور حفل زفافها شريطة أن يودعوا مبلغ 20 ألف شيكل (نحو 5700 دولار) بمثابة رهن لعودتهم إلى القطاع، وكان الهدف من ذلك ضمان عودة الثلاثة بمن فيهم العروس».
وذكر التقرير أنه «بعد سيطرة حركة حماس على القطاع في 8 حزيران 2007، ألغت إسرائيل إمكان دخول الفلسطينيين من سكان الضفة إلى القطاع والخروج منه، ووضعت بذلك خياراً واحداً أمام هذه العائلات، بحيث إذا أراد الزوجان العيش معاً فإن عليهما الانتقال للسكن في القطاع ولا يكون بإمكانهما العودة إلى الضفة.
(أ ف ب، يو بي آي)