strong>ترقّبت الأسواق العالميّة أمس، انتهاء اجتماع الاحتياطي الفدرالي الأميركي لاستشفاف التوجّهات العامّة لسياسته النقديّة، وبلورة توقّعات بشأن النمط الذي سيسري على أساسه سعر صرف الدولار أمام العملات الكبرى. «ميريل لينش» تتوقّع أن تتحسّن العملة الخضراء تدريجياً رغم «بقائها تحت الضغط»
يخشى الاحتياطي الفدرالي الأميركي من أنّ إبقاء سعر الفائدة الأساسيّة على الدولار منخفضاً عند 2 في المئة، سيؤدّي إلى ارتفاع نسبة التضخّم، ولكن في الوقت نفسه يرى أنّ إجراءاته أساسيّة كي لا يعاني النموّ الاقتصادي. وفي الحالتين، ينظر إلى الدولار بحذر، على اعتبار أنّ سعر صرفه يعدّ مؤشّراً إلى الأوضاع الاقتصادية في أميركا.
وبحسب شركة الاستشارات الماليّة «ميريل لينش»، فإنّه من المتوقع أن يرتفع الدولار باعتدال في النصف الثاني من العام الجاري. وعلى أساس قيمته التجارية من الآن إلى آخر العام، سيرتفع سعر صرفه 1،6 في المئة. فهو مسعّر 7 في المئة تحت قيمته الأساسية ويُتوقّع أنّ يتحسن بنسبة 3،4 في المئة إزاء عملات الدول «العشر الكبرى»، في أواخر كانون الأوّل المقبل، و1،3 في المئة بالنسبة إلى عملات الأسواق الناشئة المعوّمة، إلّا أنّه سينخفض 2،1 في المئة إزاء عملات الأسواق الناشئة المرتبطة به.
ويعود السبب في ذلك إلى أنّ حركيّات تراكم الاحتياط والتباطؤ في الاقتصادات التي تشكو من عجز وتتمتع بأسعار صرف تفوق أساسيّاتها ستسمح للدولار بالتحسن إزاء العشرة الكبار. غير أن جزءاً من هذا التحسّن قد بُني فعلاً في السوق، باستثناء الين الياباني. لكن الدولار قد يبقى تحت الضغط إذ إنّ هذه الاقتصادات تواجه معضلاتها التضخميّة المتصاعدة من خلال تحسّن العملات.
والاقتصاد الأميركي يبقى ضعيفاً وعرضة لمزيد من الصدمات من جانب القطاع المالي. بيد أنه يتبيّن بالنسبة إلى العشرة الكبار، أن قدراً كبيراً من ذلك قد استوعبته الأسعار. كذلك فإنّ العجز الخارجي اعتدل، واستيراد النفط يمكن أن يُبقيه ثابتاً في المدى القصير، غير أن هذا العجز أصبح في الوقت الحاضر أدنى بكثير من الذروة التي بلغها عام 2005.
وترى «ميريل لينش» أنّ ثمّة «أخطاراً جسيمة» تبقى محيطةً بالدولار. فالتغيّرات في الرؤية بشأن القطاع المالي قد تكون مفاجئة، والقلق بشأن جاذبية الأصول الأميركيّة والحاجة إلى تدفّق الرساميل لتمويل العجز الخارجي، يبقيان الخطر السلبي الأكبر على الدولار الأميركي في المدى القصير.
وعلى صعيد آخر، يُتوقع أن يرتفع اليورو تدريجياً وباعتدال عن المستويات الحاضرة، ومن المرتقب أن يخفض التباطؤ في تراكم الاحتياط من القطع الأجنبي الطلب على العملة الأوروبيّة من جانب هذا القطاع. وهذا يتوقف على التشدّد في سياسة الكبار الذين يجمّعون الاحتياط، وهذه المسألة مرجّحة في ظلّ سياسات مكافحة التضخم.
وإضافة إلى ذلك، تقول «ميريل لينش» إنّ اليورو قد يقع تحت الضغط من خلال الضعف في اقتصاد منطقته. ويُرتقب أن يرفع المصرف المركزي الأوروبي معدّلات الفائدة إلى 4،5 في المئة في الأشهر المقبلة، وهذا عامل استوعبه السوق مسبّقاً. غير أن النمو الاقتصادي الآخذ بالاعتدال راح يخفض من جاذبية اليورو إزاء الاقتصادات التي تنمو بتؤدة، لكنها لا تشكو من مشاكل التضخم. ومن المتوقع أن يبقى اليورو قوياً نسبياً إزاء العملات التي تعاني اختلالات سلبية في موازناتها وهي مسعّرة أعلى من أساسياتها، كما هي الحال مع الليرة الاسترلينية مثلاً.
أمّا في آسيا، فتتّصف تطلعات الين بقوّة متجددة. ففي الاقتصاد الياباني نسبياً اختلالات أقل من الاقتصادات الأخرى من العشرة الكبار. ويتوقع أن يعتدل نموّه، إلّا أنّه لن يضعف بحدة. والتضخم مرشح لأن يرتفع من حالة الانكماش ولكن إلى مستويات متدنية وإيجابية. ومن شأن هذا التحرك صوب تضخم إيجابي متدنٍّ، أن يرفع الاستهلاك المحلي وأرباح الشركات ويرتقب أن يكون في مصلحة العملة.
أمّا الجنيه الاسترليني، فمن المتوقع أن يكون أداؤه ضعيفاً. فالاقتصاد البريطاني يستمر في التدهور إذ ترتفع رداءة أحوال الائتمان وتتواصل تصفية فورة المساكن التي تؤول إلى إنتاج أضعف.
ويستمر مصرف إنكلترا في تركيزه على ارتفاع التضخم الذي ذهب إلى أبعد من الهدف المقرر. كذلك فإنّ البيانات الأخيرة كانت على العموم هجومية، والفشل في معالجة الاقتصاد المتزايد في الضعف عن طريق السياسة النقدية من شأنه أن يلقي بثقله على الجنيه.
فالمؤشّرات تفيد بمزيد من التباطؤ في الاقتصاد أكثر من الارتفاع في التضخم. وتتنبّأ «ميريل لينش» أن يخفض المصرف المركزي معدلات الفائدة في الفصل الرابع من العام الجاري، وهذا الأمر لم تستوعبه السوق بعد. فالجنيه مسعّر أعلى من قيمته الأساسية رغم التطلعات الاقتصادية السلبيّة، وستشرع السوق في استيعاب التطلعات المتردية المتوقعة خلال الأشهر المقبلة.
(الأخبار)


انتعاش وتضخّم

انتعش الدولار في التداول الأوليّ في الأسواق أمس، بعد هبوط النفط إلى مستوياته منذ 3 أشهر، ليسجّل سعر 118 دولاراً للبرميل. وذلك بعدما كانت العملة الخضراء قد عانت أمام اليورو خلال عام كامل مضى، لأنّ المستثمرين يفضّلون العملات ذات معدّلات الفائدة الأعلى. وسرت توقّعات في الأسواق أمس، تفيد أنّ المصرف المركزي الأوروبي سيبقى سعر الفائدة للإقراض عند 4.25 في المئة في ظلّ قلق متزايد حول المستويات المرتفعة للتضخّم، وهي المشكلة التي تدفع بالمصرف المركزي البريطاني إلى إبقاء الفوائد عند 5 في المئة.