strong>جهود الدول العربيّة في إطار العولمة تتفاوت بحسب القطاعات الخدماتيّة والإنتاجيّة. ولكن الولوج إلى الاقتصاد الكوني عبر جذب استثمارات أجنبيّة مباشرة قيمتها 62 مليار دولار، يقابله تباطؤ في مؤشّر التكامل الإقليمي، وذلك يعود إلى التلكّؤ في تنفيذ إعلان منطقة التجارة الحرّة العريبّة
أظهر تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا، الذي قدّم في مبنى الأمم المتّحدة في بيروت أمس، أنّ تدفق الاستثمارات الأجنبيّة المباشرة إلى الدول العربيّة حقق عام 2006 رقماً قياسياً بلغ 62 مليار دولار، حصّة البلاد العربية منها 4.8 في المئة. وحلّت السعودية في المرتبة الأولى من تدفق الاستثمار الأجنبي بجذبها 18.29 مليار دولار، تليها مصر بـ10.043مليار دولار، فالإمارات العربيّة المتّحدة بـ8.386 مليار دولار.
وبحسب وكيل الأمين العام (الأمين التنفيذي) لـ«إسكوا»، بدر عمر الدفع، فإنّ هذا النموّ الذي تبلغ نسبته مقارنة بعام 2006، 36 في المئة، يعكس «حجم الجهود التي بذلتها معظم الدول العربية لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر». ويقول إنّ عوامل عديدة ساعدتها على ذلك «منها ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، وجهود الإصلاح الاقتصادي التي قامت بها دول عربية عديدة والتقدم الكبير الذي تحقق في مجال تحسين مناخ الأعمال».
أمّا حصة الدول العربية من التجارة العالمية، فقد ارتفعت بخجل من 3.9 في المئة عام 2005، إلى 4.1 في المئة عام 2006،
وفي هذا السياق يشير الدفع إلى أنّ هذا التقدّم البطيء يعود إلى اعتماد الدول العربيّة «بصورة رئيسية على النفط. ومن المتوقع أن يستمر الوضع الحالي إذا لم تؤدِّ جهود التنوع الاقتصادي في الدول العربية إلى زيادة صادراتها من القطاعات الأخرى».
والقطاعات الأخرى التي يمكن على أساسها تقويم مدى ولوج البلدان العربيّة في العولمة، تتضمّن السياحة. ولكن رغم تمتع تلك البلدان بمزايا عديدة، «تمثّل السياحة فيها 4،8 في المئة فقط من الإجمالي العالمي، ويعد هذا الرقم متواضعاً مقارنة بالإمكانات السياحية التي تملكها الدول العربية، ما يعني أن هناك مجالاً واسعاً للاستفادة من الدخل الذي توفره السياحة».
هذه الأرقام التي تتفاوت من ناحية الأهميّة التي تؤشّر إلى مدى انخراط البلدان العربيّة في السوق الكوني، تقابلها مؤشّرات ضعيفة على صعيد تعزيز التكامل الإقليمي. وفي هذا السياق يقول الدفع إن «عام 2006 لم يشهد تطورات مهمّة، فالتجارة البينية العربية وصل حجمها إلى 119 مليار دولار، ولكن نسبتها بقيت في حدود 11 في المئة من إجمالي التجارة العربية».
كذلك، فرغم نمو الاستثمار العربي البيني بنسبة 11 في المئة ليصل إلى 11،5 مليار دولار عام 2006، هناك «انخفاض ملحوظ لمؤشر الاستثمار العربي البيني كنسبة من الاستثمار الأجنبي المباشر من حوالى 34 في المئة عام 2005 إلى 27،4 في المئة في عام 2006»، أي إنّ التراجع هو 6.6 نقاط. وبحسب مؤشر التكامل الإقليمي الذي تعده الـ«إسكوا» استعاد الأردن المرتبة الأولى التي كان يحتلها في عامي 2003 و2004، «بينما تراجع لبنان إلى المرتبة الثانية نتيجة لحرب صيف 2006، واحتلت البحرين المرتبة الثالثة».
وعلى صعيد آخر، سبب عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة العربيّة توجّه السيّاح العرب، وخصوصاً الخليجيّين، نحو الدول الأوروبيّة ودول شرق آسيا، ما أدّى إلى تراجع في السياحة العربية البينية، إذ انخفض عدد السياح العرب من حوالى 22 مليوناً عام 2005 إلى حوالى 20 مليوناً عام 2006.
ويشدّد الدفع على أنّه رغم المحاولات الجادة لربط أسواق المال العربية كخطوة هامة نحو التكامل الإقليمي، فإن هذه المحاولات لم تأت بالثمار المرجوّة، ومن الضروري وضع استراتيجية لربط البورصات العربية.
وفيما البطء في نموّ المؤشّرات العربيّة البينيّة يعود، بحسب وزير الاقتصاد اللبناني محمّد الصفدي، إلى التنفيذ الجزئي لإعلان منطقة التجارة الحرّة، يقول الدفع إنّ «على دول المنطقة أن تستفيد من الوضع الاقتصادي الراهن من أجل اتخاذ مبادرات بناءة للعمل المشترك».
ويمكن الشروع بذلك عبر الخطوات التالية: 1 - ضرورة مراجعة السياسات الاستثماريّة وإعداد دراسة مبنيّة على مسوحات ميدانيّة لتحديد أثر تدفّق الاستثمار الأجنبي المباشر. 2 - وضع سياسات تؤدّي إلى ربط المؤسّسات المحليّة بشركات الاستثمار الأجنبي المباشر. 3 - توجيه جزء من ذلك الاستثمار نحو قطاع الصناعة. 4 - تنسيق المواقف بين الدول العربيّة في محادثات منظّمة التجارة العالميّة. 5 - تفعيل التعاون والتنسيق على المستوى الدولي. 6 - دعوة شركات الطيران إلى عقد تحالفات قويّة في ما بينها ودعوة الدول العربيّة إلى زيادة تفعيل وتنفيذ اتفاق تحرير النقل الجوي الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2007.
(الأخبار)


تحويلات بـ9.8 مليارات دولار

تبلغ حصّة الدول العربيّة من الناتج المحلّي العالمي 2.64 في المئة (1.273 تريليون دولار من مجمل 48.244 تريليون دولار)، ويبلغ حجم إجمالي احتياطاتها من العملات الأجنبيّة 228.2 مليار دولار، ما يمثّل 5.5 في المئة من الرقم العالمي. وبحسب تقرير الـ«إسكوا» فقد حافظت التحويلات البينية العربية على وتيرتها عام 2006 وبلغت 9.8 مليار دولار. ولا تزال 5 دول عربية تحصد ما يزيد على 86 في المئة من إجمالي التحويلات العربية وفي مقدمتها مصر وبعدها الأردن ولبنان واليمن فالسودان.