أنهى الرئيس الباكستاني، برويز مشرف، أمس، سنوات حكمه التسع. نهاية مفاجئة خصّص لها خطاباً تلفزيونياً إلى «الأمة الباكستانية»، ليعلن اعتزاله منصبه الرئاسي، بعد أقل من أسبوعين على إطلاق الأحزاب الحاكمة آلية إقالة دستورية له .استقالة الرئيس الباكستاني تثير الكثير من التساؤلات عن تدخلات من أقرب حلفائه السابقين، الجيش وواشنطن، لدفعه إلى الرحيل؛ فالإدارة الأميركية أحجمت طوال الفترة الماضية عن التدخّل في «الشأن الباكستاني»، فيما كان حليفها يتلقى الضربة تلو الأخرى من برلمانات الولايات.
أما الجيش، الذي كان يعوّل عليه الجنرال السابق في مواجهة خصومه الداخليين، ففضّل البقاء على الحياد، وسط تسريبات عن دفع قائده، إشفق كياني، الرئيس الباكستاني إلى هذه الخطوة، بعدما نصحه بالرحيل، وأبلغه أن الجيش لن يدعم أي خطوة يقدم عليها الرئيس لحل البرلمان.
وأشار مقربون من مشرّف إلى أن الجيش ليس على الحياد تماماً، موضحين أن كياني قال للرئيس إن «أمنه الشخصي بعد الاستقالة سيكون مسؤولية الحكومة المدنية لا الجيش، وإن قضاء فترة من المنفى ستكون الخيار الأفضل»، ملمّحين إلى أن المنفى قد يكون السعودية.
تسريبات رجحتها الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس الاستخبارات السعودية، الأمير مقرن بن عبد العزيز، إلى إسلام آباد، يوم الجمعة الماضي، والتي تلاها مباشرة قرار الاستقالة.
وكشف مسؤولون باكستانيون أنّ معاوني مشرّف أجروا محادثات مع حكومة الائتلاف بوساطة سعودية وأميركية وبريطانية للسماح بخروج «مشرّف» للرئيس الباكستاني من السلطة في مقابل سلامته الشخصية، وهو ما لمّحت له تصريحات مسؤولين أميركيين، في مقدمتهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، التي نفت أول من أمس نية بلادها أن تكون منفى لمشرّف.
رايس نفسها لم تبد أسفاً على رحيل جنرال باكستان، واكتفت بالإشادة بجهود «الحليف في الحرب على الإرهاب»، مؤكدة أنّ واشنطن «ستواصل العمل مع الحكومة الباكستانية والقادة السياسيين في محاربة التطرّف والإرهاب».
وبعد إعلان مشرف، شهدت مدن باكستانية احتفالات، ورقص الناس في الشوارع، رغم أن مستقبل البلاد السياسي ودور باكستان في «الحرب على الإرهاب» التي تخوضها واشنطن، أصبحا غير معروفين، وخصوصاً أن استحقاقاً انتخابياً سيكون أمام البلاد بعد ثلاثين يوماً، وهي المدة الدستورية التي تفصل بين استقالة الرئيس واختيار خلفه.
الاستحقاق الانتخابي الجديد سيخضع للكثير من السجال بين الحليفين الحاليين، رئيس حزب «الشعب» آصف زرداري ورئيس الرابطة الإسلامية نواز شريف، ولا سيما أن الحلف بين الاثنين لا يزال هشاً، وخضع للكثير من التوترات في الفترة الماضية على خلفية مواقفهما المتباينة في أكثر من ملف داخلي.
وأشارت مصادر باكستانية إلى أن زرداري، الذي لم يتولّ رئاسة الحكومة، ستكون عينه على كرسي الرئاسة، إلا أن لشريف أفكاراً أخرى، وأنه سيستفز من فكرة صعود زرداري إلى منصب قوي.