بغداد ــ زيد الزبيديهكذا يبرّر الاحتلال تجزئته لمناطق بغداد وأحيائها، وحجز سكانها خلف الجدران الكونكريتية: «كل كتلة إسمنتية بعرض 6 أقدام توضع في الأرض توفّر علينا مئات الطلقات في الاشتباك بنيران الأسلحة الصغيرة وبالعبوات الناسفة التي لا تُعدّ ولا تحصى».
ليس هذا كلام مراسل صحافي، بل بيان رسمي صادر عن الجيش الأميركي، أكد أنّ قواته تستغلّ هدنة الليل لتشيّد جداراً جديداً في مدينة الصدر التي يسمونها «الوطن» حيث يعيش 1.5 مليون نسمة. والجدار الجديد يلفّ منطقة جميلة وطريق القدس في الجزء الجنوبي من المدينة. وبحسب البيان الأميركي الذي أُرفقت به صور ليلية، فقد بدأ تشييد هذا الحائط منذ مطلع الشهر الجاري في طول حافة شمال غرب المدينة، بوضع جدار بطول 4.5 كلم، بمساعدة جنود فرقة الجيش العراقي الحادية عشرة، «لذلك لقي مقاومة بسيطة».
ونقل البيان عن المهندس العراقي العسكري «المقدم عبد الله» قوله «نحن هنا لوضع هذه الحواجز، ونحن نساعد قوات التحالف». وأوضح أنّ «العملية تُدار ليلاً». بدوره، قال الرائد تيموثي بيك من لواء المهندسين في اللواء الأميركي الثالث «نحن نحضر تقريباً 80 حاجزاً في الليلة، وهم يستطيعون وضع 100 حاجز كل ليلة... الجيش العراقي سريع جداً».
واعترف البيان الأميركي بأنه ينتظر «الهدوء الليلي النسبي» لوضع الحواجز الإسمنتية.
وعن الغاية من هذه الحواجز، فقد شدّد البيان على أنّها «جزء من خطة مستمرة لتعطيل تدفق عناصر أعضاء المجموعات الخاصة من داخل وخارج شمال شرق قاطع بغداد».
وما لم يكشف عنه البيان الأميركي، ثبّته المقدم عبد الله الذي أشار إلى أنّ فكرة وضع هذه الحواجز هي «عزل الأحياء التي تعرف عنفاً عن الأحياء الآمنة».
وكان الضابط الأميركي تيموثي بيك، المسؤول عن المشروع، شديد الوضوح عندما أكد أنّ هدف هذه العملية المشتركة «هو المساعدة على عزل مدينة الصدر عن العناصر المسلّحة».
غير أنّ الجدار الجديد في مدينة الصدر لن يكون الأخير بحسب البيان الأميركي، إذ أكّد أنه «عندما تنتهي هذه المهمة، هناك عدة مشاريع أخرى وآلاف الطلبات خطّطت لها عمليات بيئة اللواء سترايكر». وتأتي تصريحات بيك كتأكيد لنيّة الاحتلال للإقامة الطويلة الأمد في العراق، وعلى استمرار مخطط التجزئة، وحجز المناطق السكنية بالجدران، على الطريقة الإسرائيلية، لأنّ بغداد أصبحت عبارة عن كانتونات مغلقة داخل كانتونات أكبر مغلقة بدورها، يصلها بالعالم الخارجي منفذ واحد للدخول والخروج، يبقى تحت الحراسات المشددة.
وتثير هذه الجدران موجة رفض من السكان، وحتى من العسكريين العراقيين أنفسهم. وعلى هذا الصعيد، قال ضابط عراقي رفيع المستوى في مدينة الصدر «لم يعد هناك وجود لجيش المهدي في الحي، بل الجيش العراقي فقط، كما أنه ليس هناك من يرغب في العيش داخل سجن، وقد قسّمت المدينة إلى ثلاثة مربعات محكمة الإغلاق والمراقبة، آخرها هو المربع البرونزي».
يُذكَر أنّ مجلس النواب العراقي سبق أن صوّت في شهر أيار من العام الماضي ضد إقامة الجدران العازلة التي وصفها بـ«جدران للفصل الطائفي والعنصري».