strong>بعد أقل من أسبوع من بدئها بالكشف عن أسماء المستثمرين الذين يملكون حصصاً تبلغ 5 في في المئة أو أكثر لـ«تعزيز الشفافية»، أعلنت بورصة السعوديّة عن بدء السماح للمستثمرين الأجانب بالشراء «غير المباشر» في سوقها الماليّة. إجراء يمهّد لتطوير أكبر بورصة في الشرق الأوسط، وإن بشروط
أدّت إجراءات «تمتين الشفافية» التي بدأ اعتمادها في السوق الماليّة في السعوديّة إلى موجة صعود للبورصة بعد مرحلة شهدت معاناة تمثّلت بهبوط السيولة بنسبة 26.88 في المئة في تمّوز الماضي، على أساس سنوي. فمؤشّر «تداول»، بحسب مراقبي حركيّة الأسواق الماليّة العالميّة، يتّخذ يوماً بعد يوم أهميّة متزايدة، وهو الذي أصبحت قيمته السوقيّة نحو 440 مليار دولار.
وهذه الأهميّة تفرض على السلطات في البلد الإسلامي تطوير السوق المالية التي كانت إحدى أكثر الأسواق انغلاقاً على نفسها، في منطقة الخليج الغنيّة بالنفط وبدولاراته. وهذا التطوير تمثّل، يوم أوّل من أمس، بإعلان هيئة السوق الماليّة أنّها ستسمح للأشخاص المرخّص لهم بإبرام اتفاقيات مبادلة «Swap Agreements» مع الأشخاص الأجانب غير المقيمين، سواءاً كانوا مؤسّسات مالية أو أفراداً، بهدف نقل المنافع الاقتصادية لأسهم الشركات السعوديّة المدرجة في السوق الماليّة السعوديّة.
وقالت إنّه يحقّ «لأولئك الأشخاص المرخص لهم الاحتفاظ بالملكيّة القانونيّة للأسهم وفقاً للضوابط والشروط التي تضمنّها قرار المجلس».
وفيما لم تحدّد الهيئة متى ستسري مفاعيل القرار، ذكرت صحيفة «الاقتصاديّة» أنّ القرار سيسري على الفور، أي إنّه من المحتمل أن «الاستفادة الأجنبيّة» من الاسوق المالية السعوديّة ستبدأ غداً. ولكن كيف؟
رئيس هيئة السوق الماليّة السعوديّة، عبد الرحمن التويجري، شدّد على أن الأسهم في السوق السعودية لن تنقل بأسماء المستثمرين الأجانب، ولن يكون لهم حق التصويت في الجمعيات العامة، واصفاً القرار الجديد بأنّه «إضافة جديدة لسوق المال السعودية».
ففي السابق، كان يُسمح فقط لسكّان دول مجلس التعاون الخليجي الست (البحرين، الكويت، الإمارات العربيّة المتّحدة، قطر، السعوديّة، سلطنة عمان) بتداول الأسهم في البورصة السعوديّة، واضطرّ المستثمرون الأجانب الاعتماد على القطاع غير المتطوّر للصناديق الاستثماريّة الجماعيّة من أجل الولوج إلى البورصة.
ولكن خلال الفترة الأخيرة، ازداد اهتمام الشركات الغربيّة بالسوق السعوديّة. فالمجموعات الماليّة الدوليّة، «DEUTCHE BANK»، و«MERRIL LYNCH»، و«HSBC»، و«JP MORGAN»، و«MORGAN STANLEY»، افتتحت مكاتب لها في المملكة، فيما بدأ القطاع المالي بالانفتاح.
وفي هذا الصدد، قال التويجري لـ«الاقتصادية» إنّ السوق الماليّة السعوديّة باتت محل اهتمام المستثمرين الدوليين بالنظر إلى ما تتمتع به البلاد من استقرار ينعكس طبيعياً على اقتصادها وسوقها المالية. وأوضح أنّه طبقاً للقرار الجديد، «لن يملك المستثمر الأجنبي الأسهم وستكون ملكيتها للوسيط، وبالتالي فإنه لا يحق له التصويت في الجمعيات العامة، فيما تكون من حقه التوزيعات النقدية أو أسهم المنحة التي توزعها الشركات المساهمة، لكن سيكون من حق المستثمر الأجنبي تحديد قرار بيع السهم أو الشراء من خلال تعاقده مع الوسيط».
صحيفة «FINANCIAL TIMES» نقلت عن الرئيس التنفيذي لفرع «HSBC» في السعوديّة، تيم غراي، قوله «نحن ننتظر رسالة من هيئة السوق الماليّة تفيد بأنّنا يمكننا أن نقدّم لهم طلبنا السبت (المقبل) لعرض حقّ الوصول إلى المنتجات، مثل عمليات السواب والسندات التشاركيّة المتعلّقة بالأسهم السعوديّة». وأضاف أنّه ليس واضحاً حتى الآن ما إذا ستكون هناك محظورات على الأسهم الشخصيّة، أو حتّى محدّدات لنسب التملّك.
وكان المصرفيّون في السعوديّة يحثّون هيئة السوق الماليّة على السماح بمشاركة أوسع للأجانب، محاججين بأنّ ذلك قد يساعد على تخفيف بعض الهشاشة في السوق التي يسيطر عليها المستثمرون بالتجزئة المعرّضون لانتقادات بسبب انجرارهم وراء الشائعات والحدس عوضاً عن التحاليل العلميّة.
ولكن السلطات كان متردّدة في اتخذا تدابير من هذا القبيل، لخوفها من أنّ هذه الإجراءات ستجذب الأموال «الحارّة»، أو أموال المضاربة التي يسعى أصحابها إلى الربح السريع فقط، من دون الالتفات إلى استقرار السوق.
وخلال العام الجاري، كان «تداول» أحد أسوأ المؤشّرات من حيث الأداء في المنطقة. ويقول المستثمرون إنّ تحيّزه لعمليّات التجزئة يرفع من مستوى هشاشته، وهي التي ظهرت جليّة بعدما كان عام 2006 قد شهد هبوط السوق بأكثر من 50 في المئة، ومحو أكثر من 500 مليار دولار من قيمة الأسهم، بعدما كانت قد وصلت إلى ذروة بلغت 834 مليار دولار. وخلال الربع الأخير من العام الماضي، ارتفعت بنسبة 43 في المئة، لتعود وتنخفض هذا العام بنسبة 24 في المئة.
(الأخبار)


نحو انفتاح كلّي

قرار هيئة السوق الماليّة السعوديّة سيعطي زخماً للبورصة ومؤشّرها، «تداول»، من دون تعريضها لخطر «المال الحار»، يقول العضو في الهيئة الاقتصاديّة السعوديّة، عبدالحميد العمري. ويضيف أنّ إجراء السماح للمستثمرين الأجانب بالولوج، وإن بطريقة غير مباشرة إلى تلك السوق، له من دون شك «انعكاس إيجابي على السوق قد يستمرّ طيلة شهر رمضان». من جهته، يلفت كبير الاقتصاديّين في مصرف «SABB»، جون سفاكياناكيس، إلى أنّ هذا التطوّر «يجعل السوق بعيدة خطوة واحدة فقط عن الانفتاح كلياً أمام المستثمرين الأجانب».