strong>في بدايات العام الجاري، هبط سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسيّة أمام اليورو والين. هذا الحدث دفع العديد من المراقبين والسياسيّين إلى الحديث عن «حرب عملات». الولايات المتّحدة اعتمدت في الفترة الأخيرة في تحفيز نمو اقتصادها على الصادرات وانخفاض سعر الدولار، ورغم ذلك شاركت في صياغة خطّة لـ«إنقاذ العملة الخضراء»
منذ أيلول عام 2000، لم تتدخّل السلطات النقديّة اليابانيّة والأميركيّة والأوروبيّة، بشكل تعاوني، في سوق العملات الأجنبيّة، ولكن التطوّرات المثيرة التي شهدها النصف الأوّل من هذا العام دفعت أركان العولمة الاقتصاديّة إلى تغيير النمط، وخصوصاً أنّ انخفاض سعر صرف الدولار بحدّة رفع قلق الحكومة الأميركيّة حول بشأن تأثيره على أسعار الواردات ومعدّلات التضخّم، وجعل المسؤولين في فرانكفورت (حيث المصرف المركزي الأوروبي)، وفي طوكيو، متلهّفين لإيجاد طريقة لاحتواء التراجع في حجم صادراتهم، بسبب ارتفاع سعري الين واليورو.
هذان العاملان جعلا السلطات المعنيّة تبلور «خطّة طوارئ» نقديّة في آذار الماضي، لإنقاذ الدولار إذا تدهور سعره دراميتيكياً. فقد كشفت صحيفة «NIKKEI» اليابانيّة أمس، عن أنّ عدداً من المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية ووزارة المال اليابانية والبنك المركزي الأوروبي، ارتأوا، في خضمّ الاضطرابات في أسواق المال، الاتفاق على التدخل الجماعي لشراء الدولار إذا ازدادت حدّة انخفاض سعر صرفه. غير أنّهم لم يتفقوا، بحسب مصادر الصحيفة نفسها، على السعر الذي يجب أن ينخفض إليه الدولار لكي يتدخلوا في الأسواق.
المتحدث باسم الحكومة اليابانية، نوبوتاكا ماشيمورا، رفض التعليق على ما ذكرته الصحيفة، غير أنّه قال إنّ «التحركات المفرطة في أسواق العملات تؤثر على النشاطات الاقتصادية، لذلك فإن استقرار العملات أمر مهم»، وهو إشارة إلى واقعيّة اعتماد حلّ من هذا القبيل في المستقبل، الأمر الذي رأى فيه المتعاملون في الأسواق الماليّة منطقاً.
وفي هذا السياق، يرى اللاعبون في أسواق المال أنّ تقرير الصحيفة اليابانيّة يلفت إلى أنّه «على المدى الطويل ستشهد الأسواق الماليّة دولاراً أكثر استقراراًَ، ما سيدفع نحو خفض نسبة الهشاشة في سوق العملات الأجنبيّة»، «FOREX»، ويحفّز الشهيّة على المخاطر والاستثمار في العملة الخضراء.
وعلى أيّ حال، فإنّ الدولار استعاد في الآونة الأخيرة بعض عافيته بعدما كان قد انخفض إلى تحت مستوى 100 ين، وتجاوز سعر صرف اليورو أمامه حاجز 1.60. وهو يقارب حالياً أعلى مستوى له منذ ستة أشهر أمام العملة الأوروبية الموحّدة، على الرغم من التقلّبات اليوميّة الاعتياديّة. غير أنّ محادثات المصارف المركزيّة تستمرّ بهدف توفير الاستقرار بينها وبين المصالح الاقتصاديّة لبلدانها، التي توفرها في اللحظات العصيبة لعبة خفض سعر صرف العملة الوطنيّة من أجل تحفيز الصادرات.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة «THE FINANCIAL TIMES DEUTCHLAND»، بأنّ المصرف المركزي الأوروبي والاحتياطي الفدرالي الأميركي، إضافة إلى مصارف مركزيّة أخرى، تخطّط لجعل التمويل عبر الدولار أكثر مرونة في المراحل الحسّاسة التي قد تمرّ بها الأسواق الماليّة.
وطبقاً لبعض المقترحات، فإنّ الاحتياطي الفدرالي قد يقدّم قروضاً بالدولار إلى مصارف بضمانات، هي عبارة عن عقارات مقوّمة باليورو، بعدما كانت القروض في السابق، تشترط ضمانات مقوّمة بالعملة نفسها.
ويهدف هذا الإجراء، الذي ستعرض تفاصيله في تشرين الأوّل المقبل، إلى توفير استمراريّة نشاط سوق الائتمان وحيوية الإقراض بين المصارف في أوقات الأزمات. فالأسواق الماليّة بقيت تحت الضغط منذ انهيار الرهونات العقاريّة عالية المخاطر في آب من العام الماضي، ويشير المحلّلون إلى أنّ أحد أسباب استمرار ذلك الضغط هو عدم إمكان أخذ قروض بضمانات مقوّمة بعملات مغايرة.
وقامت المصارف التجاريّة، وتحديداً المصرف المركزي الأوروبي والاحتياطي الفدرالي، بتوفير سيولة ضخمة للمصارف التجاريّة خلال الأشهر الـ12 المنصرمة، لضمان توسيع هامش الائتمان، الذي تعتمد عليه تلك المصارف لعملها. كذلك أطلق المصرفان المذكوران إلى جانب المصرف المركزي السويسري نظاماً مالياً تستطيع من خلال المصارف الأوروبيّة الحصول على إعادة تمويل بالدولار من خلال وساطة المصرف المركزي في البلد المعني.
إذاً فابتكار أساليب لاحتواء التدهور المحتمل في سوق العملات الأجنبيّة، يكون من خلال التعاون بين أقطاب العولمة الماليّة. والخطّة التي تحدّثت عنها «NIKKEI» ليست سوى إجراء يعالج النتيجة لا الأسباب. ورغم أنّ انخفاض سعر صرف الدولار يعزى بهامش واسع إلى عوامل مباشرة، أرادت من ورائها السلطات الأميركيّة تعويض تراجع عجلة الاقتصاد (التي أطلقتها أزمة الرهون العقاريّة)، يسعى الجميع إلى الحديث عن ضرورة استقرار أسواق العملات الأجنبيّة خلال الأزمات المقبلة!
(الأخبار)


أسعار الفوائد

في ظلّ تكهّنات بأنّ خفض أسعار الفوائد في منطقة اليورو غير محتمل خلال المدى القصير، ارتفع سعر صرف اليورو أمام الدولار، وابتعدت بالتالي العملة الأوروبيّة عن مستواها الأكثر انخفاضاً خلال ستة أشهر (1.46 دولاراً). وتتوقّع الأسواق الماليّة خفضاً للفائدة للأوروبيّة وقيام الاحتياطي الفدرالي الأميركيّ برفع سعر فائدته الأساسيّة، لتقليص هامش الفرق في أسعار الفوائد بين ضفّتي الأطلسي. كما يتطلّع المراقبون لدراسة البيانات الجديدة عن أداء الاقتصاد الأميركي في الربع الثاني من العام الجاري.