تتميّز الدبلوماسية التركيّة هذه الأيام، بحراك لافت، يشير إلى وجود دور تؤديه أنقرة في اتجّاه تسويّة النزاع بين طهران وواشنطن، على غرار الدور الموازي الذي تؤديه على صعيد المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل أبيب.تحرك يترافق مع «تعديل» في المقاربة الأميركية للملف الإيراني، وصفته واشنطن بأنه «تكتيك لمرة واحدة فقط»، تمثل بقبولها الجلوس مع الإيرانيين إلى طاولة واحدة رغم عدم موافقة الجمهورية الإسلامية على مبدأ وقف التخصيب. هذه المشاركة الأميركية، التي ستتمثل غداً بمساعد وزيرة الخارجية وليام بيرنز في مفاوضات يشارك فيها الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا وممثّلو الدول الست مع كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي في جنيف، سبقتها جولات دبلوماسية عديدة، قام بها وزير الخارجية التركي علي باباجان. جولات بدأت في الحادي عشر من الشهر الجاري من بروكسل، حيث التقى سولانا، فيما اجتمع أمس مع مستشار الأمن القومي الأميركي، ستيفن هادلي، في أنقرة، حيث دعا باباجان إلى اعتماد الحوار من أجل حل الخلاف مع إيران بشأن ملفّها النووي.
ويبدو أن واشنطن، التي وافقت أخيراً على المشاركة في مفاوضات مع إيران حتى وإن «للاستماع» فقط، قد بدأت تراهن أكثر على جهود مجموعة الـ«5+1»، حسبما رأت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس.
زيارة هادلي هذه جاءت عشية زيارة مماثلة يقوم بها وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي إلى تركيا اليوم، قبل يومين من ذهاب باباجان إلى نيويورك، حيث سيشارك في اجتماع للأمم المتحدة. وأوضح الوزير التركي أمس أن نظيره الإيراني سيبحث معه الملف النووي الإيراني.
الإعلام التركي سلّط الضوء على هذه التحرّكات التي تقوم بها أنقرة، حيث ذكرت صحيفة «توركيش دايلي نيوز» أن تركيا تحاول حل الأزمات المتنامية حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، بالتوازي مع التوسط في المحادثات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل. وقالت إن باباجان تجنّب أمس، بعد لقائه هادلي، الخوض في الحديث عن دور وساطة تركي مع إيران.
لكن تلفزيون «نيو تي في» نقل عن الوزير التركي قوله «هناك عملية تسير لا نستطيع تسميتها، لكننا عمليّاً على علاقة مع الأطراف».
وقالت «توركيش دايلي نيوز» إن باباجان اعترف بأن وجود مشاكل بسبب البرنامج النووي الإيراني نابع من فقدان الثقة بين الأطراف، مضيفاً أن خطوات صغيرة قد تساعد في بناء الثقة.
وتشير الصحيفة إلى أن باباجان سيسافر إلى طهران في أواخر الشهر الجاري لحضور قمة دول عدم الانحياز. ونقلت عن مصدر أميركي لم تكشف عن هويته قوله إن الولايات المتحدة وتركيا كانتا متفقتين على أن إيران تحتاج إلى التخلّي عن قدراتها النووية والمجيء إلى طاولة المفاوضات. وأضاف هذا المصدر «كلانا متفق على هذه الرسالة الأهم التي تحتاج إليها إيران». وأوضح «نستخدم كل القنوات الدبلوماسية لمساعدة إيران من أجل أن تتبع طريقاً مختلفاً وتندمج في المجتمع الدولي».
(الأخبار، يو بي آي)