strong>لم تكد بورصة «وول ستريت» في نيويورك تتنفّس الصعداء بعد ارتفاع مؤشّرات الأسهم فيها بنسبة 30 في المئة خلال الأيّام الخمسة الماضية، حتى شهدت هبوطاً حاداً وغير متوقّع. سببه الأخبار السيّئة عن حال الاقتصاد واستفحال أزمة العقارات... بورصات آسيا وأوروبا تبعت النمط وعاد سعر النفط إلى الارتفاع
عانت الأسهم الأميركيّة أوّل من أمس، من أسوأ هبوط لها منذ عام 2000 حين كانت فقاعة قطاع الإنترنت مستفحلة. فقد أطاحت بيانات صدرت عن حال قطاع المنازل والتعويقات (تأخّر مالكي المنازل عن سداد أقساطهم) التي يشهدها، بتفاؤل المستثمرين، وساهم فيه أيضاً الاضطراب الذي شاب أداء أسهم صندوق «WASHINGTON MUTUAL»، وهو أكبر صندوق للإقراض والادخار في الولايات المتّحدة، إذ هبطت أسهم الصندوق بنسبة 23.4 في المئة خلال جلسة التداول أوّل من أمس، قبل أن تستقرّ نسبة الانخفاض عند 13.3 في المئة، تبعها انخفاض مؤشّر «S&P FINANCIALS» بنسبة 6.7 في المئة.
عملاقا سوق الرهون العقاريّة اللذان يؤمّنان أو يكفلان أكثر من 5.2 تريليون دولار من الرهون العقاريّة (50 في المئة من قيمة الرهون في هذا القطاع) ومدعومان من الحكومة الأميركيّة، «FANNIE MAE» و«FREDDIE MAC»، عانت أسهمهما انخفاضاً بنسبة 19 في المئة، فيما انخفضت أسهم المصرف الاستثماري، «MERRIL LYNCH»، بنسبة 14 في المئة، وتراجعت أسهم المصارف، «CITIGROUP» و«LEHMAN BROTHERS» و«JP MORGAN»، بنسب 10 في المئة و12 في المئة و5.9 في المئة على التوالي.
ويقول الخبير في المؤسّسة الماليّة، «RBS GREENWICH CAPITAL»، دايفيد آدر، إنّ انعكاس نمط تطوّر مؤشّرات الأسهم الذي شهدته الأسواق خلال الأيّام القليلة الماضية، يوضح أنّ مفاعيل الارتياح في «وول ستريت» قد انتهت، «واتّضح أنّ تعافي الأسواق الماليّة كان لوقت محدود».
وإضافة إلى التطوّرات السلبيّة في «WASHINGTON MUTUAL» فإنّ تراجع الأسواق نتج من أرقام تفيد بأنّ التعويقات في قطاع المنازل ارتفعت بنسبة 14 في المئة خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهي القفزة الثامنة على التوالي، لتضاعف عدد التعويقات الكليّة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2007.
وأفادت بيانات نشرتها شركة «REALTY TRAC» بأنّ عدد التعويقات المبلّغ عنها بين نيسان وحزيران من العام الجاري، والتي تتضمّن بلاغات التأخّر في التسديد وبلاغات المبيع في المزاد العلني واستحواذات المصارف، بلغ 739714 منزلاً، وهو ما يشير إلى أنّ عدداً متزايداً من مالكي المنازل يعانون لتسديد المستحقّات على عقاراتهم. وفي هذا الصدد يوضح المدير التنفيذي للشركة، جايمس ساكاشيو، أنّ 48 ولاية من أصل الولايات الخمسين في الولايات المتّحدة و95 منطقة من المناطق الـ100 الأكثر كبراً في البلاد، شهدت زيادة سنويّة في التعويقات خلال الربع الثاني، ليصبح المعدّل الوطني للإغلاقات 171/1، أي إنّ من بين كلّ 171 عائلة أميركيّة، هناك عائلة واحدة يصادر منزلها.
وتضافرت هذه التطوّرات مع حديث تقارير إعلاميّة عن أنّ طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة ارتفعت، وأن وتيرة مبيعات المنازل انخفضت إلى أدنى مستوى منذ 10 سنوات، بعدما كانت سجّلت انخفاضاً نسبته 2.3 في المئة في حزيران الماضي. وأدّت هذه العوامل إلى تراجع الدولار عن أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل سلة من العملات. كما أعادت سعر برميل النفط إلى الارتفاع بعدما كان قد انخفض أكثر من 22 دولاراً عن مستواه القياسي المسجّل في بداية الشهر الجاري (147 دولاراً).
وترقّب السوق أمس، بيانات عن قطاع المنازل وعن أحوال المستهلكين، وعن هذه المسألة يلفت الاقتصادي في شركة «CALYON»، داغار ماهر، إلى أنّه «من المتوقّع هبوط مبيعات المنازل إلى ما دون الـ500 ألف منزل للمرّة الأولى خلال 17 عاماً... وهبوط الدولار يوضح أنّه فيما أداء قطاع المنازل ليس حدثاً بحدّ ذاته بالنسبة للأسواق، إلّا أنّه لا يزال يستطيع أن يولّد ردّات فعل».
وأداء «وول ستريت» قابلته في أوروبا وفي اليابان تطوّرات مماثلة متعلّقة بإحداثيّات السوق الأميركي وبمؤشّرات منفصلة. فقد انخفضت مؤشّرات الأسهم في بريطانيا بعد كشف شركة إعادة الائتمان الألمانيّة، «MUNICH RE»، عن أنّ أرباحها الصافية ستكون أقلّ من المتوقّع خلال عام 2008. وتزامن ذلك مع ظهور أرقام تفيد بأنّ النتاج المحلّي الإجمالي انخفض بنسبة 0.2 في المئة فقط خلال الربع الثاني، ما رفع من وتيرة الحديث عن دخول اقتصاد الدولة الأوروبيّة غير المنخرطة في منطقة اليورو في مرحلة ركود.
وفيما سجّلت الأسهم في كل الدول الأوروبيّة خسائر، حظيت آسيا بحصّتها من التراجع، وهبطت المؤشّرات في طوكيو وسنغافورة وسيول وشانغهاي... إذاً فالأيّام الجميلة التي عاشت بورصات آسيا، مثلما هي الحال في نيويورك، سرعان ما انتهت على وقع تداعيات لا تنفكّ تتجدّد لأزمة الهونات العقاريّة.
(الأخبار)


معاناة الولايات

تعاني ولاية نيفادا الأميركيّة أكبر نسبة من التعويقات في تسديد أقساط المنازل، بمعدّل تعويق واحد لكلّ 41 عائلة. فقد بلغ عدد البلاغات فيها خلال الربع الثاني من العام الجاري، 24657 بلاغاً، أي ارتفع بنسة 26 في المئة مقارنة بالربع الأوّل، وبـ147 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2007. وفي كاليفورنيا، الولاية الأكثر ازدحاماً، ارتفع عدد التعويقات بنسبة 19 في المئة في الربع الثاني مقارنة بالربع الأوّل. وحلّت أريزونا في المركز الثالث بارتفاع نسبته 272 في المئة مقارنة بالعام 2007.