عاد المشهد الفلسطيني خلال اليومين الماضيين إلى مشاهد الحسم العسكري في 14 حزيران 2007. مشهد يمكن وضعه في خانة «استكمال الحسم العسكري» بعد الانفجار على شاطئ غزة يوم الجمعة الماضي، الذي أدى إلى سقوط 6 شهداء. حدث قررت «حماس» بعده بسط سيطرتها على القطاع، فشنت حملة اعتقالات واسعة طالت نحو 200 «فتحاوي»، ووضعت يدها على نحو 122 مؤسسة وجمعية، بينها مكتب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، فيما ردّت «فتح» باعتقال 36 «حمساوياً» في الضفة الغربية.المشهد ترافق مع اشتباكات بين «حماس» وجماعة «جيش الإسلام»، ما أعطى انطباعاً بأن الحركة الإسلامية تسعى إلى استغلال الوضع الجديد للقضاء على البؤر التي تمثّل تحديّاً لسيطرتها على القطاع، ولا سيما أن معلومات أشارت إلى اعتقال الأمن المصريّ ثلاثة فلسطينيين كانوا يحاولون التسلّل إلى خارج القطاع. وأضافت المعلومات، التي نفتها القاهرة لاحقاً، أن الثلاثة يقطنون حي الصبرة (معقل جيش الإسلام) واعترفوا بأنهم وراء التفجير الذي استهدف شاطئ غزة.
«حماس» وجهت أصابع الاتهام في التفجير إلى حركة «فتح»، وهو ما ترافق مع صدور بيان تبنٍّ للتفجير باسم «كتائب العودة»، أحد التشكيلات المنبثقة عن «كتائب شهداء الأقصى» التابعة لحركة «فتح». إلا أن «فتح» نفت البيان، وأرجعت الانفجار إلى «تصفية حسابات داخل حماس».
وعلمت «الأخبار» أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سلّم نظيره المصري حسني مبارك، خلال القمة التي جمعتهما في القاهرة، أمس، تقريراً عن «الخلافات داخل حماس». وأشارت مصادر مطلعة إلى أن التقرير يقسّم «حماس» إلى جناحين، أحدهما معتدل بزعامة رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية والآخر متشدد يتزعمه القيادي في الحركة، محمود الزهار.
وبحسب تقرير عبّاس، فإن الانفجار نفّذه جناح هنية، وكان يستهدف رئيس الكتلة البرلمانية لـ«حماس»، خليل الحيّة، الذي فقد ابن شقيقه في الانفجار.
ورغم ما تسرّب من تقرير عباس، شاعت أجواء حوارية بعد القمة الفلسطينية ـــــ المصرية، إذ خرج أبو مازن على الصحافيين ليعلن عن «جولة حوار تستضيفها القاهرة قريباً»، مشيراً إلى أن العاصمة المصرية ستبدأ اعتباراً من اليوم توزيع الدعوات. وشدّد على أنه لا شروط للسلطة للحوار مع «حماس». كلام عبّاس استوجب ردّاً من «حماس»، التي نفت علمها بأي حوار، وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، إن «حماس» «لم تتلق أي دعوة، وعندما تتلقّى مثل هذه الدعوة ستدرسها». ووضع كلام عباس في خانة التعمية على «مسؤولية فتح على انفجار غزة».
أجواء حوارية صدرت أيضاً من باريس، حيث علمت «الأخبار» أن موفداً فرنسياً غير رسمي في طريقه إلى الأراضي المحتلة، يحمل في جعبته مقترحاً مشابها لـ«تمرين سيل سان كلو اللبناني»، ويهدف إلى محاولة أداء دور في الوفاق الفلسطيني. ولمّحت مصادر في باريس إلى أن الأحداث الأخيرة في غزة قد تكون نتيجة رفض بعض الأطراف الإقليمية للمساعي الفرنسية.
(الأخبار)