أعلنت أمس السعودية وتركيا اتفاقهما على إنشاء «مجلس تعاون استراتيجي»، وذلك في المجالات «الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة... وغيرها». وجاء الإعلان على لسان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إثر محادثات في الرياض بين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقال الجبير إن الزعيمين اتفقا على أن الحل في سوريا يجب أن يكون سياسياً، ومبنياً على مبادئ جنيف 1، مكرراً في الوقت نفسه لازمة أن «الحل» لا يشمل الرئيس السوري بشار الأسد، ومشيراً إلى أن مواقف البلدين متطابقة إزاء سوريا. وأضاف الجبير أنه بحث مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، مسألة «التحالف الإسلامي» و«التصدي للإرهاب» في المنطقة، والوضع في سوريا، وما سمّاه التدخلات الإيرانية السلبية في المنطقة. ومن جانبه، قال الوزير التركي إن المعارضة السورية تبحث عن الحل، لكن هناك من يحاول استغلالها، مشيراً إلى أن استهداف المعارضة المعتدلة لا يقوّي «النظام» فحسب، بل «داعش» أيضاً.
وفي مؤتمر صحافي عقده أمس في مطار أتاتورك في مدينة إسطنبول، قُبيل مغادرته إلى المملكة، قال أردوغان إنه سيبحث خلال اللقاءات في السعودية «القضايا الحساسة» في المنطقة، وعلى رأسها التطورات في سوريا والعراق واليمن وليبيا، إضافة إلى مشاريع الطاقة وتنويع مصادرها، وهو ما توليه تركيا أهمية خاصة. وانتقد أردوغان ما وصفه بازدواجية المعايير في التعامل مع المنظمات «الإرهابية»، قائلاً إن «التغاضي عن ممارسات التطهير العرقي للمنظمات الإرهابية، مثل حزب الاتحاد الديمقراطي (السوري الكردي) ووحدات حماية الشعب، والقبول بالمنظمات الإرهابية لمجرد أنها تتصارع مع تنظيم داعش، إنما يعني صبّ الزيت على النار في المنطقة»، وذلك في إشارة إلى تعاون الولايات المتحدة وروسيا مع هذه القوى. وأعلن الرئيس التركي أن تحرير مدينة جرابلس (محافظة حلب، شمالي سوريا) من تنظيم "داعش" يُعتبر أولوية «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة. وبحسب أردوغان، فإن العمل على «تحرير» المدينة مستمر، واعداً بإكمال المهمة.
أردوغان: «لا الإرادة الوطنية ولا القوات المسلحة ستسمح» بالحكم الذاتي

وعلى المستوى الداخلي، وصف أردوغان دعوة الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرطاش، إلى إعطاء المناطق في تركيا ذات الغالبية الكردية حكماً ذاتياً بالـ«هراء... وما فعله استفزاز واضح وخيانة». وكان دميرطاش قد قال في البرلمان التركي، يوم الجمعة الماضي، «أعتقد أننا لو شرحنا ذلك (الحكم الذاتي) على أنه لا يشكل تهديداً، وأنه مضادٌ للتحول إلى نظام ديكتاتوري، حينها نستطيع تطبيق حكم ذاتي في تركيا. وإذا قيل للأكراد إنكم لا تستطيعون طلب حكم ذاتي أو نظام فيدرالي أو صلاحيات إضافية للبلديات، حينها سيذهبون نحو الانفصال، ووقتها سيميل الأكراد إلى مناقشة الانفصال، وهذا ليس بيدنا». وفتحت النيابة العامة التركية تحقيقاً مع دميرطاش حول هذه التصريحات.
وتوعّد الرئيس التركي بأن الحزب المذكور «سيُلقَّن درساً من مواطنينا والقانون»، محذراً من أنه «لا الإرادة الوطنية ولا القوات المسلحة ستسمح بوضع من هذا النوع»، أي الحكم الذاتي. ورأى أردوغان أن القوات العسكرية والأمنية التركية تنفذ عمليات ناجحة للغاية، في إشارة إلى الحملة التي تشنّها الآلاف من قواته، مدعومة بالمدرعات والطوافات، ضد المناطق ذات الغالبية الكردية في جنوبي شرقي البلاد، قائلاً إن عدد «الإرهابيين» الذين تم القضاء عليهم داخل البلاد وخارجها تجاوز 3000، ومؤكداً «تصميم» حكومته على المضي في الهجوم.
وجاء كلام أردوغان بالتزامن مع إعلان هيئة الأركان العامة التركية أمس عن مقتل 214 مسلحاً من عناصر حزب العمال الكردستاني في ولايتي دياربكر وشرناق، جنوبي شرقي البلاد. وبحسب بيان أصدرته الهيئة، فإن 172 من هؤلاء قد قُتلوا في بلدتي جيزرة وسيلوبي في شرناق، فيما قتل الباقي في منطقة سور، في دياربكر.
لكن الحملة العسكرية التركية لم توفر المدنيين في قصفها للقرى والمدن الآهلة بالسكان، وثمة صعوبة في التحقق من أعداد الضحايا المدنيين، وذلك أن المدن والبلدات المعنية تخضع لحظر تجوال منذ أسابيع، وهي باتت فعلياً منقطعة عن العالم. وقد فرض محافظو المناطق ذات الغالبية الكردية أكثر من 50 قراراً بحظر التجوال، منذ منتصف آب الماضي، ما أعاق حياة حوالى 1.3 مليون شخص، حسبما أعلنت مؤسسة حقوق الإنسان التركية. وغادر عشرات آلاف المدنيين الى مناطق أكثر أماناً، بحسب وسائل الاعلام. أما الذين أُرغموا على البقاء في منازلهم، فيتحمّلون انقطاع المياه والكهرباء وشبكات الهاتف النقال، وتعطُّل العمل في المستشفيات واالإدارات المحلية، وبالطبع المدارس. وبحسب حزب الشعوب الديمقراطي، قُتل 129 مدنياً منذ استئناف المعارك بين الجيش وحزب العمال الكردستاني الصيف الماضي.
ومن جهتها، حثّت الرئيسة الثانية لحزب الشعوب الديموقراطي، فيجن يوكسيكداغ، في خطابها أمس أمام البرلمان، تركيا، بكل مكوّناتها، على رفض حظر التجوال المفروض على المناطق الكردية. وقالت يوكسيكداغ إنه «لا يُسمح حتى لهذا الشعب بدفن موتاه»، متهمة الدولة التركية «بشن الحرب على شعبها». وتحدثت صحيفة «حرييت» عن مقتل صبي في الخامسة من العمر بالرصاص، مساء الاثنين، فيما كان يلعب أمام منزله في أحد أحياء جيزري. وتحدث مراسل الصحيفة أمس عن مشاهد حرب في «سور»، حيث دُمرت مئات المنازل والمتاجر في هذه المنطقة التي كانت تُعتبر أبرز منطقة سياحية في دياربكر.

(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)




موسكو: لا تزال تركيا شريكاً اقتصادياً مهماً

أعلن أمس وزير الاقتصاد الروسي، أليكسي أوليوكاييف، أن تركيا لا تزال شريكاً تجارياً مهماً لروسيا، وأن موسكو ليس لديها النية لافتعال مشكلات للشركات التركية والروسية ومواطني البلدين.
وقال أوليوكاييف، في مقابلة أجراها التلفزيون الروسي الرسمي، إن موسكو ستواصل فصل الحلول السياسية «الفعالة» عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، في مواجهة أولئك «الذين يروّجون لسياسة عدائية غير ودية»، في إشارة إلى القيادة التركية.
وأعلنت روسيا أمس، على لسان وزير الطاقة، ألكسندر نوفاك، أنها ستواصل إمداد تركيا بالغاز، بالرغم من العقوبات الاقتصادية الجوابية التي فرضتها على أنقرة، إثر إسقاط مقاتلات تركية لقاذفة روسية كانت تحلق فوق شمال سوريا، موضحة أنها لن تتخلى عن مشروع مدّ خط أنابيب الغاز الاستراتيجي، «السيل التركي». وقال نوفاك إن بلاده «تمتلك غازاً، وهو رخيص بشكل كافٍ، وتحظى بالبنية التحتية الضرورية؛ لذا فإننا مستعدون لإمداد الغاز ورفع أحجامه». ورأى نوفاك أنه برغم التوتر الحالي في العلاقات بين البلدين، فإنه «يجب استمرار التعاون الاقتصادي والتجاري».
(الأخبار، رويترز)