بانتظار الاجتماع "الاستثنائي" لمجلس التعاون الخليجي، يوم السبت، وما سيصدر عنه من بيانات، يستكملها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم "الطارئ" يوم الأحد، علت نبرة الوساطة، أمس، مع انضمام كل من باكستان وإندونيسيا إلى الدول التي تريد لعب هذا الدور، إضافة إلى تركيا التي كررت عرضها للمساعدة من أجل حل الأزمة.
وقد أعلنت وزارة الخارجية الإندونيسية أنها تسعى إلى التوسط بين السعودية وإيران. وذكرت في بيان أن وزيرتها رينتو مارسودي ستجري اتصالات مباشرة مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني، ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، في إطار "مشاركة إندونيسيا الفعالة للبحث عن وسيلة للخروج من هذه المشكلة". ودعا جميع الأطراف إلى "ممارسة ضبط النفس وتجنب الأعمال التي قد تؤدي إلى تصعيد الوضع وتهديد الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط".
كذلك، أعرب مستشار رئيس الوزراء الباكستاني، سرتاج عزيز، عن قلقه الشديد بشأن الأزمة السعودية ــ الإيرانية، مشيراً إلى أن بلاده مستعدة لبذل كل ما في وسعها لتحسين العلاقات بين البلدين. ورأى المسؤول الباكستاني أن "الانقسامات داخل منظمة التعاون الإسلامي، وداخل الأمة الإسلامية، في وقت يظل فيه الموقف في الشرق الأوسط ملتهباً، أمر لا يبشر بالخير للسلام والاستقرار الاقليمي"، مضيفاً أن باكستان "ستواصل لعب دور إيجابي كعضو مهم في منظمة التعاون الإسلامي وصديق لكل من السعودية وإيران، في محاولة لرأب الصدع وتحسين العلاقات بين البلدين".
أعلنت جيبوتي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران دعماً للسعودية

يأتي ذلك فيما وجدت السعودية من يجاريها في قطع العلاقات مع إيران، غداة امتناع حلفاء آخرين عن القيام بهذه الخطوة، واقتصارها على السودان والبحرين. فقد أعلنت جيبوتي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران دعماً للرياض، بينما اقتصر ردّ فعل الكويت على استدعاء السفير الإيراني لديها، وتسليمه مذكرة احتجاج. أما البحرين، فقد رفعت مستوى تضامنها مع السعودية إلى إعلان وقف جميع الرحلات الجوية، من إيران وإليها، بعد يوم على اتخاذ الرياض إجراءً مماثلاً.
إلا أن التعليق الإيراني على الخطوات الناتجة من التحريض الدبلوماسي، والمتمثلة لدى البعض في سحب السفراء، جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة محمد باقر نوبخت الذي أكد أن "قطع العلاقات من قبل السعودية وتابعيها ليس له أي تأثير على تطور إيران"، مضيفاً بسخرية أن "السعودية ستعاني من قطع العلاقات مع إيران، حتى وإن دعمها بلد كبير مثل جيبوتي". تصريح نوبخت تزامن مع آخر شدد فيه الرئيس حسن روحاني على أن السعودية لا يمكنها الرد على "الانتقادات بقطع الرؤوس"، معرباً عن أمله في أن "تقوم الدول الأوروبية بواجبها (هي) التي تردّ دائماً على المسائل المرتبطة بحقوق الإنسان". وخلال استقباله وزير الخارجية الدنماركي كريستيان ينسن في طهران، قال روحاني "السعودية لا يمكن أن تغطي على جريمتها بقطع رأس رجل دين شيعي من خلال قطع علاقاتها" مع إيران.
وأوضح مستشار رئيس الوزراء الباكستاني أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير كان من المقرر أن يزور بلاده في الثالث من كانون الثاني، لكن الزيارة تأجلت بسبب الأزمة الأخيرة.
في موازاة ذلك، واصلت تركيا دعواتها إلى التهدئة؛ فقد طلب رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو من السعودية وإيران استخدام القنوات الدبلوماسية لتهدئة التوترات. وقال في اجتماع للكتلة البرلمانية لحزبه "العدالة والتنمية"، إنه "يجب أن تُمنح القنوات الدبلوماسية فرصة على الفور"، مضيفاً أن "تركيا مستعدة لعرض أي مساعدة بنّاءة يمكنها تقديمها من أجل التوصل إلى حل". كذلك، حثّ رئيس الوزراء التركي دول الجوار على التصرف من منطلق الإحساس بالمسؤولية لتجنّب تصعيد التوتر في المنطقة.
في تركيا أيضاً، أكدت وزارة الخارجية أن الاعتداء على السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران يعدّ أمراً غير مقبول. وأعربت الوزارة، في بيان، عن قلقها إزاء الاعتداءات التي طالت البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران، مؤكدة ضرورة الحفاظ على أمن مقار البعثات الدبلوماسية والقنصليات المتمتعة بالحصانة الكاملة. وكان المتحدث باسم الحكومة التركية، نعمان قورتولموش، قد حذر مساء أول من أمس من تأثير تصاعد الاحتقان والتوتر بين إيران والسعودية على منطقة الشرق الأوسط برمتها.
يأتي ذلك في موازاة تحرّك الأمم المتحدة لتدارك تداعيات الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وإيران على جهود السلام في سوريا واليمن، بعدما كانت دعوات مماثلة قد صدرت، خلال اليومين الماضيين، عن دول عدة، أبرزها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا. وفي بادرة تهدئة، عبّرت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة عن الأسف للهجوم على السفارة السعودية، ووجهت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تعهدت فيها بأن "إيران ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لمنع تكرار حوادث مماثلة في المستقبل".
إلى ذلك، دعا البرلمان الأردني الحكومة الإيرانية إلى التوقف عمّا وصفه بـ"سياستها المقلقة حيال جوارها العربي، واستهداف أمن السعودية ودول الخليج".
وأكد رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، في بيان تلاه خلال جلسة عُقدت أمس، "التزام المجلس بموقف بلاده الداعم للسعودية في مواجهة أي خطر أو تهديد".
وأدان البرلمان "بشدة" الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، وعلى بعثاتها الدبلوماسية في إيران، خلال الأيام الماضية، محذراً من "خطورة التصعيد الإيراني وتبعاته من تأجيج المواقف الطائفية والمذهبية في المنطقة".