الصومال: تنامي صراع «داعش» و«القاعدة»
رنا حربي

بزغ نجم تنظيم «داعش» في السنوات الأخيرة ليصبح التنظيم الإرهابي «الأقوى والأكثر نفوذاً» في العالم، ما شكّل تحدّياً لتنظيم «القاعدة» الذي حظي بتلك المكانة في الشرق الأوسط وأفريقيا لسنوات طويلة.
وظهر مؤخراً الصراع بين التنظيمين في الصومال، حيث يكثّف «داعش» جهوده لتوسيع نفوذه باستقطاب مقاتلين في بلد يعاني صراعاً مسلحاً منذ أكثر من عقدين. وبعدما نجح «داعش» في إقناع تنظيم «بوكو حرام» النيجيري، وغيره من التنظيمات المسلحة في شمالي أفريقيا وجنوبي آسيا، بإعلان الولاء له، يحاول جاهداً إقناع حركة «الشباب» الصومالية بالتخلي عن ولائها لـ«القاعدة»، في محاولة لكسب أرضية في تلك البلاد.
ورغم أنه لم ينجح حتى الآن في استقطاب عدد كبير من عناصر «الحركة»، فإن تقارير عدّة تشير إلى وجود ارتفاع في وتيرة الانشقاقات داخل «الشباب»، خاصة من المقاتلين الأجانب، الذين بدؤوا ينخرطون في صفوف «داعش».
وبعد وقوع اشتباكات عنيفة بين المنشقين والحركة التي حذّرت أعضاءها من أن الانضمام إلى «داعش» «بدعة» يعاقب عليها بالموت، ومقتل القيادي السابق في «الحركة» والمنشق عنها، السوداني محمد مكاوي إبراهيم، ظنّت «الحركة» أنها تمكنت من احتواء هذه الانشقاقات. لكن في نهاية العام الماضي أعلنت خلية «الحركة» الموجودة في جبال غلغلا، في أرض البنط، تحت قيادة عبد القادر مؤمن، مبايعتها «داعش».
وفي آذار الماضي، أعلن تنظيم إسلامي مسلح جديد أطلق على نفسه اسم «جبهة شرق أفريقيا» مبايعته «داعش» بزعامة «أبو بكر البغدادي»، ليقارع «الشباب» على النفوذ، مشكلاً تحدياً حقيقياً لـ«الحركة» وتهديداً مباشراً لنفوذ «القاعدة» في الصومال.
ومؤخراً، أعلن «داعش» افتتاح أول معسكر له في إقليم شبيلي السفلى، على بعد 90 كلم جنوب العاصمة مقديشو، ونشر صوراً وفيديوات ظهر فيها عدد من المقاتلين وهم يتدربون. كذلك، أعلن التنظيم أواخر الشهر الماضي مسؤوليته عن أول هجوم له في الصومال استهدف مركبة تابعة لبعثة «الاتحاد الأفريقي» في ضواحي العاصمة الصومالية مقديشو. ويحمل الهجوم في طيّاته رسائل عدّة لـ«الشباب»، وكذلك للحكومة الصومالية وللمجتمع الدولي.
التقارير في هذا السياق تشير إلى احتمال اختراق «داعش» صفوف «الشباب» بشكل أوسع في الشهور المقبلة، خاصةً أن الأخيرة فقدت كثيراً من نفوذها السياسي والاجتماعي بعد تحرير الجيش الصومالي، مدعوماً من «قوات حفظ السلام الأفريقية»، غالبية الأراضي التي كانت تسيطر عليها، وخاصة المدن الاقتصادية الاستراتيجية.
وكل ذلك أدّى إلى شحّ في التمويل والموارد البشرية، فضلاً عن الخلافات الإدارية داخل «الحركة» وانهيار معنويات عناصرها إثر انسحابها من العاصمة مقديشو في آب الماضي، إضافة إلى استخدام «داعش» أشرطة الفيديو الدعائية في محاولة لإغراء عناصر «الشباب» وحثّهم على الانقلاب على «الحركة» والانضمام إلى التنظيم.


عبد القادر مؤمن: من واعظ في لندن إلى محارب قاعدي ثم داعشي


كشفت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية عن أن الواعظ الديني سابقاً في لندن، عبد القادر مؤمن، هرب إلى الصومال بعد عشر سنوات من عيشه في بريطانيا، وذلك بعد استجوابه من الأمن البريطاني بتهمة نشر الأفكار المتطرفة.
وأشارت الصحيفة، في تقرير الأسبوع الماضي، إلى أن مؤمن على صلة بقاتلي العسكري البريطاني لي ريغبي، وكان يلقي مواعظه في أحد مساجد لندن، في وقت كان يتردد فيه مايكل اديبولاغو إليه، وقد سجن لكونه أحد المسلحَين اللذين ارتكبا جريمة قتل ريغبي في ثكنة ووليتش جنوب شرق لندن في عام 2013.
وأضاف التقرير أن محمد اموازي، المعروف بـ«الجهادي جون»، كان أيضاً يحضر المواعظ الدينية التي كان يلقيها مؤمن الذي يشتهر بلحيته البرتقالية. وظهر الرجل بعد هربه من لندن في الأراضي التي تسيطر عليها «الشباب» في الصومال، حيث شوهد وهو يحرق جواز سفره البريطاني علانية أمام حشد من أنصاره في مسجد، معلناً انضمامه إلى «القاعدة» وولاءه لها.
وفي تشرين الأول 2015، ظهر مؤمن مجدداً في شريط فيديو متقدماً مجموعة من المسلحين ورافعاً راية «داعش» شمالي الصومال، ليعلن مبايعته الأخير وانشقاقه عن «القاعدة».