بعد يوم على بدء تشغيل مجمّع صاروخي في رومانيا تابع للدرع الصاروخية الأميركية، باشرت واشنطن، أمس، ببناء قاعدة مماثلة في بولندا، تزامناً مع تخصيص الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لقمّة تجمع زعماء السويد والدانمارك وفنلندا والنرويج وأيسلندا في واشنطن لمناقشة «العدوان العسكري الروسي».وندد أوباما، في ختام القمة، أمس، بما عدّه موقفاً عسكرياً روسياً «عدائياً» في شمال أوروبا، مشدداً على أن بلاده وتلك الدول «متحدة» في «قلقها» حيال «وجود روسيا العسكري المتنامي العدائي وحيال الوضع في بحر البلطيق وشمال أوروبا». وفي بيان مشترك، ندد الطرفان بـ«الوجود العسكري المتزايد» الروسي في المنطقة، مدينين «الاستفزازات» التي تقوم بها موسكو.
ندد أوباما بما عدّه موقفاً عسكرياً روسياً عدائياً في شمال أوروبا
وأعلنت الدول الست أن «حلف شمال الأطلسي» يؤدي دوراً مركزياً في أمن أوروبا، مشيدة بما تقوم به السويد وفنلندا، غير العضوين في الحلف.
بالتزامن، باشرت واشنطن ووارسو، أمس، عملية بناء قاعدة تُعَدّ جزءاً من النظام الصاروخي الأميركي في أوروبا. وأكد كل من مساعد وزير الدفاع الأميركي، بوب وورك، ووزير الدفاع البولندي، أنطوني ماتسيريفيتش، في ريدزيكوو شمال بولندا، أن هذه القاعدة، على غرار قاعدة ديفيسيلو التي بدأ تشغيلها في رومانيا، سيكون دورها «محض دفاعي»، وستُستخدَم لاعتراض صواريخ بالستية يمكن إطلاقها من الشرق الأوسط، «وخصوصاً من إيران». ويتوقع أن تضمّ قاعدة «ريدزيكوو» العسكرية، الواقعة على بُعد نحو 250 كلم من كالينينغراد الروسية، 24 من صواريخ «أسم أم 3» الاعتراضية. وستُدمَج هذه التجهيزات بمشروع الدرع الصاروخية الأوسع نطاقاً التابع لـ«الأطلسي».
لكن الإشارة الأميركية إلى الطابع «الدفاعي» لمنظومة «الدرع الصاروخية» التي تنشرها على حدود روسيا «لا تخدع» أحداً من المسؤولين الروس. وموسكو لن تنجرّ إلى سباق تسلح جديد، بل ستعدّل خططها لإعادة تسليح قواتها بما يتناسب مع تصاعد المخاطر، كما ردّ، أمس، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال اجتماع لقادة وزارة الدفاع الروسية ومؤسسات الصناعات العسكرية.
ورأى الرئيس الروسي في هذا الصدد أن الولايات المتحدة تضلل الرأي العام العالمي بشأن أهداف نشر الدرع الصاروخية، لكنها عاجزة عن إقناع المسؤولين العسكريين الروس بأن هذه المنظومة «دفاعية» بحتة. ورأى أن «جزءاً من القدرات الاستراتيجية النووية للولايات المتحدة، نُقل إلى مناطق أخرى، وفي هذه الحال تحديداً إلى أوروبا الشرقية». وأضاف بوتين أنّ «على أصحاب القرار (في تلك الدول) أن يتذكروا أنهم عاشوا حتى اليوم بهدوء وأمان، أما الآن، وبعد نشر عناصر الدرع الصاروخية في هذه المناطق، فإننا سنضطر إلى التفكير في سبل وقف المخاطر التي تنشأ وتهدد أمن الاتحاد الروسي».
وشرح بوتين أن منصات الإطلاق التي ستُنشر في مجمع الدرع الصاروخية في بولندا، مؤهلة لإطلاق صواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وأنه يمكن نشر مثل هذه الصواريخ خلال فترة قصيرة بصورة خفية، لافتاً إلى خطورة الأمر بقوله: «ليس باستطاعتنا متابعة هذا الوضع».
وعرض بوتين السياق التاريخي لما يجري راهناً، موضحاً أن «خروج الولايات المتحدة بشكل أحادي من اتفاقية الحد من منظومات الدفاع الصاروخي، كان الخطوة الأولى نحو محاولة زعزعة توازن القوى الاستراتيجي بالعالم». وتابع أن «هذه الخطوة (نشر عناصر الدرع الصاروخية)، تمثل الضربة الثانية لنظام الأمن الدولي، علماً بأنها تهيّئ الظروف لخرق اتفاقية الحدّ من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى».
وفي السياق نفسه، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريباكوف، إن موسكو ما زالت تأمل أن تراجع واشنطن خططها لاستكمال منظومتها العالمية للدفاع الصاروخي. وذكّر ريابكوف بأنه سبق للإدارة الأميركية أن لمّحت إلى إمكانية إعادة النظر في تلك الخطط بعد التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.
(الأخبار، أ ف ب)