مصر | هكذا ردّ السيسي «الجميل» إلى الطبقة المتوسطة

  • 0
  • ض
  • ض

القاهرة | لم تعد الطبقة المتوسطة في مصر قادرة على تحمل تبعات الإجراءات الاقتصادية التي تستهدف قطاعات عدة، هي من أبرزها. فأفراد هذه الطبقة، التي تضررت بشدة بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك، تزداد معاناتهم يومياً.

ولذلك أسباب كثيرة، لعل أهمها خسارة عائلات كثيرة وظائف أبنائها بسبب تراجع حركة السياحة وإغلاق عدد كبير من المصانع، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى البطالة وزيادة معدل جرائم السرقة، مع انخفاض الرواتب التي لا تلائم الارتفاع المضطرب في الأسعار، خاصة خلال العام الأخير، الذي قفزت فيه أسعار السلع فيه بأكثر من 20%.
أما عن الدولار الأميركي والجنيه المصري، فبات الفارق في صرف السعر هو 20% بين السوق الرسمية، التي لم تعد تتوافر فيها سيولة من العملة الصعبة، وبين السوق السوداء. وفي الأخيرة صار السعر الأكثر تداولاً لدى التجار والمستوردين هو 11 جنيهاً في المتوسط مقابل كل جنيه، وسط توقعات بانخفاض جديد مرتقب مع نهاية السنة المالية، التي تحل آخر الشهر المقبل.
والطبقة الوسطى في مصر توصف بأنها «رمّانة الميزان» اجتماعياً واقتصادياً وتنموياً، باعتبار أنها الأكبر عدداً والأكثر حضوراً في المجتمع. وتشمل جيشاً من الموظفين العموميين في وظائف الدولة ووزاراتها، الى جانب أن لها دوراً في المشهد العام، خاصة أن من فيها متعلمون ولا يمكن تجاهل الخطاب السياسي لهم وتأثيرهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما أنها مؤشر على القوة الاقتصادية في البلاد.
وفيما كانت الثورة على مبارك يحرّكها أبناء هذه الطبقة، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي، يواصل نهج سابقه في الضغط على أبناء الطبقة المتوسطة، عبر قراراته التي يرى أنها تصب في المصلحة العامة. لكنه يغفل أن الحكومة في عهده أقرت زيادة سنوية في أسعار المياه والكهرباء تمهيداً لرفع الدعم عنهما خلال خمس سنوات مقبلة استجابة لضغوط البنك الدولي. كذلك يواصل الرئيس بالتعاون مع حكومته، ممارسة المزيد من الضغوط للحصول على أموال من جيوب الطبقة المتوسطة، التي لم تعد قادرة على الوفاء باحتياجاتها الأساسية.
بخلاف ارتفاع أسعار المدارس الخاصة والسيارات (لم تعد متوافرة في الأسواق) بأكثر من 30%، وكذلك أسعار العقارات التي تأثرت بأسعار الأراضي، خاصة التي طرحتها الحكومة بالقرعة للمواطنين، توالت بعدها الزيادة المجنونة في الأسعار، ومسّت مواد أساسية كالأرز والخضراوات والزيت، المرتهنة أيضاً بأسعار المبيدات الحشرية المستخدمة في المزروعات، مع اضطرار الحكومة إلى استيراد هذه المواد من الخارج.


ما يحدث الآن هو
مواصلة لنهج آخر حكومات
حسني مبارك

في المقابل، لم يقدم السيسي سوى زيادة في مخصصات دعم السلع التموينية قيمتها أقل من 0.40 سنت تقريباً، وزيادة في رواتب العاملين في الحكومة والقطاع العام تقدر بـ5% فحسب، فيما تستعد الحكومة لفرض ضريبة القيمة المضافة التي ستزيد أسعار جميع السلع بنسب متفاوتة.
وخلال اجتماع بين رئيس الحكومة ووزير الكهرباء، والرئيس، طلب الأخير فرض مزيد من القيود على الطبقة المتوسطة عبر تركيب العدادات المسبقة الدفع، ليس في الكهرباء فحسب، وإنما في المياه والغاز، وهو إجراء يعني محاصرة العائلات التي لا تستطيع سداد فواتير استخدامها أو تؤجلها حتى إشعار آخر على اعتبار أنها أموال حكومية. وصدر توجيه بتركيب هذه العدادات في العقارات الجديدة التي تبنيها الحكومة حالياً.
لكن هذا الطلب يأتي متناقضاً مع تصريحات السيسي التي شدد فيها، خلال افتتاح إحدى مراحل مشروع الإسكان الاجتماعي، على ضرورة الانتهاء من نقل سكان العشوائيات إلى مناطق سكنية جديدة خلال عامين، وذلك للقضاء على المساكن العشوائية التي يصل عدد سكانها وفق الإحصاءات غير الرسمية إلى نحو عشرة ملايين شخص، أي ما يمثل نحو 10% من المصريين المقيمين في الداخل. والسبب أن سكان هذه المناطق لا يملكون في الغالب قوت يومهم إلا بصعوبة، وغالبيتهم لا تسدد رسوم المرافق من المياه والكهرباء نتيجة التوصيلات غير الشرعية، ما يعني أن نقلهم إلى الوحدات السكنية الجديدة مع فرض الدفع المقدم لخدمات المرافق، سيوصل إلى حرمانهم إياها، وهو نهج آخر حكومات مبارك.
بذلك، يتبين أن النظام القائم يضغط على الطبقة المتوسطة مجدداً ويحملها أكثر من طاقتها، بل يطالب الحكومة بفرض دمغة (طابع بريدي) لمصلحة تنمية العشوائيات في وقت يحصل فيه نواب البرلمان على قروض ميسرة من دون فوائد، وتواصل الحكومة سياسة الاقتراض من المؤسسات الدولية من دون رقيب، لتكبّل الأجيال المقبلة وتضعها تحت ضغط تسديد الديون، فضلاً على إعادة الودائع الخليجية التي باتت تشكل أكثر من نصف الاحتياطي النقدي للبنك المركزي المصري، برغم أن هذه الودائع أجّلت انهيار الجنيه مؤقتاً، في وقت لا توجد فيه رؤية جادة لإنقاذ الاقتصاد من عثرته المستمرة منذ سنوات.
هكذا يرد السيسي الجميل إلى الطبقة الاجتماعية التي دعمته وراهنت عليه لتحقيق الاستقرار ومواجهة الغلاء. ومع اقتراب عامين على وصوله إلى السلطة يظهر أن رهانها لم يكن في محله، فلا الحكومة نجحت في المحافظة على الأسعار، ولا الجيش نجح في أن يكون حكومة بديلة تساعد الشريحة الأكبر من المصريين في توفير احتياجاتهم برغم أن الرئيس كلّفه قضية استيراد الغذاء.

  • عامل مصري يعمل على تصنيع «فانوس» رمضان قبيل أسبوعين من حلول الشهر

    عامل مصري يعمل على تصنيع «فانوس» رمضان قبيل أسبوعين من حلول الشهر (أي بي أيه )

0 تعليق

التعليقات