افتُتحت أمس في منتجع سوتشي الروسي أعمال قمة تجمع قادة روسيا بنظرائهم من الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والتي تضم فييتنام وإندونيسيا وماليزيا وسينغافورة وتايلاند والفيليبين وبروناي وكامبوديا ولاوس.
تُعقد القمة تحت شعار «نحو شراكة استراتيجية من أجل الخير العام»، حيث أعلنت روسيا نيتها رفع مستوى التعاون مع الرابطة نوعياً، على المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية والتكنولوجية والثقافية، بحيث ترتقي صفتها لدى آسيان، بعد 20 عاماً من التعاون، من «شريك محاور» إلى «شريك استراتيجي». وفي حين قالت روسيا إنها ستلزم الحياد في الصراع الدائر في بحر الصين الجنوبي، بين شريكتها الصين من جهة والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة من جهة أخرى، أعلنت موسكو أن أبرز أولوياتها التعاون مع دول الرابطة في «مكافحة الإرهاب»، وبحث الآفاق لـ«ربط عمليات الاندماج الإقليمي»، وتحديداً بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة شانغاي للتعاون وآسيان.
تعتبر الرابطة روسيا «شريك حوار مهماً، توسعت وتعمقت العلاقات معه خلال السنوات الـ20 الماضية»، وذلك في مجالات «السياسة والأمن والتجارة والاستثمار والعلوم والتكنولوجيا والتعليم والأمن الغذائي والطاقة والزراعة والسياحة والنقل وتجنب الكوارث، (وأيضاً) الثقافة»، وفقاً للأمين العام لآسيان، لي لونغ مينه.
أما مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، فتوقّع أمس أن «تعطي القمة الدفع لتطوير التعاون في جميع المجالات بين روسيا وآسيان»، معلناً أن «هدفاً محدداً سيوضع لرفع الشراكة (بين الطرفين) إلى مستوىً استراتيجي جديد نوعياً».
رغم ذلك، كان الناطق باسم الكرملن، دميتري بيسكوف، حريصاً على نفي ما تردد، في المناسبة هذه، حول «استدارة روسيا شرقاً». ورأى بيسكوف أمس أن «من الخطأ الكلام عن استدارة استراتيجية نحو الشرق»، شارحاً أن روسيا، «كدولة فريدة من حيث الموقع الجيوسياسي، وكقوة أوراسية، لا تستطيع أن تستدير إلى جانب واحد فقط». وأعاد كلام بيسكوف إلى أذهان البعض صورة الشعار الإمبراطوري الروسي، الصقر ذي الرأسين، اللذين ينظر أحدهما غرباً، والآخر شرقاً.
برلمان إقليم إيطالي يعترف بروسيّة القرم، ويدعو إلى رفع العقوبات

ووفقاً لبيسكوف، فإن موسكو مهتمة بالحفاظ على علاقات جيدة مع الدول إلى غربها، وكذلك تلك إلى جنوبها وشرقها. وقال الناطق باسم الكرملن إن «روسيا لم تبادر قط إلى تهميش علاقتها ببعض الدول. نأسف عندما نرى القيود الطوعية التي تفرضها دول على أنفسها في ما يتعلق بالتعاون مع روسيا»، معرباً عن أمله بأن «ينتهي زمن القيود المتبادلة، عاجلاً أو آجلاً».
وفي هذا السياق، وفي سابقة من نوعها، كتبت صحيفة «برافدا» الروسية أمس أن برلمان إقليم «فينيتو» الإيطالي تبنّى قراراً يدعو الحكومة الإيطالية إلى الاعتراف بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا، وإلى العمل سريعاً على رفع العقوبات على روسيا، والمتعلقة بهذه المسألة، حسبما تزعم واشنطن وحلفاؤها. وينص القرار على تأليف لجنة مهمتها جمع التواقيع المؤيدة لرفع العقوبات المذكورة. واللافت أنه، وفقاً لنص القرار، فإن «الاتحاد الأوروبي وإيطاليا يتجاهلان الإرادة شبه الإجماعية لشعب القرم وبرلمانه، فضلاً عن المعطيات التاريخية والثقافية التي تدعم هذه الإرادة».
ويتهم القرار الاتحاد الأوروبي وإيطاليا باستخدام معايير مزدوجة، على أساس جيوسياسي، وذلك بالاعتراف بالحق في تقرير المصير لشعب كوسوفو، ونكران هذا الحق لشعب القرم. كذلك يشير القرار إلى «خسارة الصادرات الإيطالية 3.6 مليارات يورو» بسبب العقوبات على روسيا.
في المقابل، قالت أمس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، في مقابلة مع صحيفة «دي فيلت» الألمانية، إنها تتوقع تمديد العقوبات المفروضة على روسيا في تموز المقبل، وذلك بسبب تحركاتها في أوكرانيا، على حدّ زعمها. «ربط قادة الدول أو الحكومات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات بتنفيذٍ كاملٍ لاتفاقات مينسك. حتى الآن لم يتحقق ذلك»، قالت موغريني، متحدثة عن «آراء مختلفة (لدول الاتحاد) بخصوص بعض عناصر سياساتنا الخاصة بالعقوبات». كانت موجودة و«ستظل كذلك على الأرجح، ولكن رغم الخلافات تظل الوحدة قائمة دوماً. المهم هو أن نُبقي على هذه الوحدة وأن نقرر كلنا معاً».