مصر | العاصمة الجديدة... جيب لإرهاق الاقتصاد

  • 0
  • ض
  • ض

القاهرة | أقل من شهر ويطلق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إشارة البدء الفعلي في تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، الذي على ما يبدو سيزيد الضغوط الاقتصادية على البلاد المثقل كاهلها، في ظل أن المشروع سينفذ بشراكات عدة بعد فشل التمويل الإماراتي للمشروع.

ورغم إعلان المشروع قبل عامين وتوقيع عقود أولية قبل عام ونصف، خلال المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، فإن مشروع العاصمة الجديدة، سيوضع الحجر الأساس الخاص به الشهر المقبل.
السيسي أراد أن يكون المشروع، الذي سيستمر تنفيذه لنحو عقدين وفقاً للجدول الزمني، أحد المشروعات الكبرى التي يطلقها بالتزامن مع مرور عامين على وصوله إلى السلطة، وسط توقعات بتعثر التنفيذ على غرار ما حدث مع الرئيس الراحل أنور السادات، عندما أنشأ مدينة تحمل اسمه في الطريق بين القاهرة والإسكندرية، لتكون عاصمة للجمهورية، قبل أن تتحول إلى مدينة صغيرة محدودة الإمكانات ليس فيها أي فرص للعمل.
وكانت قوات الجيش قد أخلت أراضي العاصمة الجديدة من الوحدات العسكرية التي كانت تشكل الحيّز الأوحد وسط المنطقة الصحراوية المخصصة للمشروع، وهي تبعد 60 كلم عن قلب القاهرة، في منطقة تتوسط العاصمة والسويس. وأرجعت الحكومة اختيارها هذا الموقع لمشروع يكلف أكثر من 300 مليار دولار على مراحل، إلى توسطه بين العاصمة القديمة ومحور قناة السويس، الذي تعوِّل عليه ثانياً لتحقيق نهضة اقتصادية عبر إنشاء مشروعات استثمارية كبرى فيه بمساهمة عدة دول. كل هذا مع أن الجولات التسويقية للحكومة و«هيئة قناة السويس» لم تؤدّ إلى أي اتفاقات جديدة، برغم أن التحرك بدأ قبل عامين تقريباً، بالتزامن مع التخطيط لتنفيذ التفريعة الجديدة للقناة التي افتتحت العام الماضي.
وتضيف الحكومة أن من الفوائد للعاصمة الجديدة تخفيف الازدحام المروري في القاهرة، عبر نقل الوزارات والهيئات الحكومية إلى مكان جديد، وكذلك نقل رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان هناك، حيث ستكون في مقارّ جديدة تناسب التقنيات العالمية. وهذه المباني، وضع جدول زمني للانتهاء من غالبيتها ما بين عامين وأربعة أعوام، على أن تربط شبكة مواصلات كبيرة بينها وبين العاصمة الحالية، بالتزامن مع إنشاء 12 ألف وحدة سكنية.
في المقابل، يرى خبراء في الاقتصاد أن مشروع العاصمة الجديدة لا يحمل أي فائدة اقتصادية في ظل ضخامة التكلفة المخصصة للمشروعات وحاجة الاقتصاد إلى مشروعات تنموية ذات أولوية وتدرّ عائداً مالياً، لا مشروعات يمكن تأجيل إنشائها لسنوات، خاصة مع عجز الحكومة عن جذب استثمارات لمشروع العاصمة. وكان رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، قد تمسك بأن يكون التمويل من البنوك المصرية قبل أن ينسحب من المشروع مكتفياً بتنفيذ بعض المناطق التي يجري الاتفاق على تفاصيلها.
كذلك، تعاني الحكومة نقصاً حاداً في العملة الأجنبية، اضطرها إلى خفض العملة المحلية أمام الدولار الأميركي بنحو 12% وسط توقعات بانخفاض جديد خلال أسابيع، لكنها تدافع بأن بناء العاصمة سيكون «فرصة» لتوفير عمل للشباب بسبب «انجذاب متوقع» للشركات العالمية التي ستريد الحضور في العاصمة الجديدة، ويرون أيضاً أنها ستكون مركزاً تجارياً إقليمياً يبعد 15 دقيقة فقط عن مطار القاهرة الدولي، بجانب مطار محلي قريب سينشأ في منطقة القطامية.
إلى الآن، لا أجندة واضحة لطريقة تنفيذ المشروع، والتعاون مع الجانبين الصيني والفرنسي لتنفيذ بعض المباني الحكومية قائم، لكن الجزء الأكبر للإنشاءات سيتركز في يد القوات المسلحة ممثلة في «الهيئة الهندسية»، التي يترأسها اللواء كامل الوزيري. وباشرت الهيئة العمل في المنطقة بمساعدة وزارة الإسكان لتوصيل المرافق والخدمات الأولية في المنطقة التي لا تزال صحراء.
والمخطط الأولي يفيد بالانتهاء من المرحلة الأولى للمشروع في غضون عامين، متضمناً 12 ألف وحدة سكنية «تناسب احتياجات المجتمع من محدودي الدخل وحتى الأثرياء الذين ستبنى لهم ناطحات سحاب هي الأعلى ارتفاعاً في أفريقيا»، على أن تستوعب العاصمة الجديدة نحو سبعة ملايين مواطن عند الانتهاء منها. وأنفقت الحكومة حتى الآن نحو مليار دولار في توصيل المرافق إلى أرض المشروع، التي تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة العاصمة الأميركية واشنطن. وسيتضمن المشروع أكبر حديقة في العالم، وسيعمل بتنقيات تحافظ على البيئة من التلوث.
إلى ذلك، يكشف مصدر حكومي، في حديث إلى «الأخبار»، عن مشكلة في التعاون مع الشركات الأجنبية التي تريد تقاضي أموالها بالدولار، فضلاً عن صعوبة تعهد الحكومة بثبات سعر الصرف الآن. ويضيف المصدر: «هناك تخوف من أن يطلب الرئيس اختصار تنفيذ بعض مراحل المشروع خلال افتتاحه رسمياً... هو أبدى ملاحظات لوزير الإسكان خلال أكثر من اجتماع جمعهما حول العاصمة، منها ضرورة الانتهاء من جميع المراحل في أقرب وقت حتى لا تسبب المدة الطويلة تعثّر المشروع».

0 تعليق

التعليقات