أعلن رئيس الحكومة البريطانية المستقيل، ديفيد كاميرون، أمس، أن وزيرة الداخلية تيريزا ماي ستصبح رئيسة للحكومة البريطانية يوم غد الأربعاء. وقال في تصريح صحافي أدلى به أمام مقر الحكومة في لندن، "سيكون لنا رئيس حكومة جديد في هذا البناء ورائي مساء الاربعاء"، مضيفاً أنه سيقدم استقالته إلى الملكة بعد جلسة أسئلة في البرلمان.وكانت ماي قد أصبحت أمس المرشحة الوحيدة لخلافة كاميرون، بعد انسحاب منافستها وزيرة الدولة للطاقة، اندريا ليدسوم، من السباق إلى رئاسة "حزب المحافظين". وتعتبر ماي نفسها "مرشحة توافقية"، فيما يُنظر إليها على أنها الوحيدة القادرة على توحيد "المحافظين" والبلاد في ظل انقسام الرأي العام، بعد تصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
توصف تيريزا ماي بأنها حازمة جداً وبأنها مارغريت تاتشر الجديدة

وضمن حزبها، يُمكن تصنيف ماي على أنها أقرب الى التيار اليميني المحافظ، رغم طرحها بعض المواضيع الاجتماعية لجذب المؤيدين. وفي وزارة الداخلية التي تسلمتها منذ عام 2010، انتهجت خطاً متشددا جداً. وإذا كان البعض يأخذ عليها افتقارها إلى الجاذبية، فإنهم يقرّون لها بكفاءتها ويتهمونها ببعض التسلط. فهي قادرة على أن تكون "حازمة جداً"، وفق "دايلي تلغراف"، ما دفع البعض الى القول عنها إنها "مارغريت تاتشر الجديدة".
ولدت في تشرين الأول عام 1956 وهي ابنة لرجل دين في الكنيسة الأنغليكانية. تلقت تعليمها في جامعة "أكسفورد"، بعدما عملت لمدة ست سنوات في بنك إنكلترا. بدأت مسيرتها في السياسة المحلية في سن مبكرة، وفي 1990 تمكنت من الوصول إلى مجلس العموم البريطاني. خلال عامَي 2002 و2003، أصبحت المرأة الأولى التي تتسلم الأمانة العامة لـ"المحافظين". وذاع صيتها عندما ألقت خطاباً وصفت فيه المحافظين، عندما كانوا متشددين جداً في يمينيتهم، بأنهم "حزب الأشرار"، ما أغضب الكثيرين من أنصار الحزب.
من المعروف عن ماي أنها من المشككين في المشروع الاوروبي. وبالرغم من أنها دعمت كاميرون ومعسكر "البقاء" في الاستفتاء حول العضوية في الاتحاد الأوروبي، فإنها كانت حذرة في مواقفها وأبقت الباب مفتوحاً أمام إمكانية انتقاد بروكسل، خاصةً في ما يخص الهجرة والتدابير الأمنية على الحدود الأوروبية.
وفي مقابلة سابقة، رأت ماي أنّ تصويت البريطانيين لمصلحة "الخروج" رسالة قوية ضد حرية التنقل المعمول بها داخل الاتحاد الأوروبي. وقالت إنها تؤيد وجود "سوق موحدة" وحرية حركة الأشخاص والبضائع، لكنها تشدد على ضرورة ضبط الحدود والحد من تدفق المهاجرين من أوروبا إلى بريطانيا. وهي من الداعين إلى إصلاح قوانين الهجرة، وفي تصريح في هذا الشأن قالت: "عندما يكون هناك هجرة، من المستحيل بناء مجتمع متماسك"، مشيرة إلى أنه بسبب الهجرة، فإنّ "الكثير من البريطانيين يضطرون إلى العمل بأجور منخفضة أو حتى عاطلين من العمل".
عقب انتهاء الاستفتاء الأخير، رأت أنه لن يكون هناك استفتاء ثان، أو أي محاولة للبقاء في الاتحاد من "البوابة الخلفية"، لأنه "يجب احترام قرار البريطانيين". وقالت إنها ستعمل على تقديم طلب الخروج من الاتحاد الأوروبي في غضون أشهر قليلة، وستقود عملية التفاوض من أجل الحصول على الصفقة الأفضل.
وكانت منافسة تيريزا ماي، اندريا ليدسوم، قد أعلنت انسحابها أمس، معتبرة أن ذلك يصبّ في مصلحة البلاد. وأوضحت أنه "بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، ينتظر البلاد مستقبل مشرق، وإنّ نتيجة الاستفتاء أظهرت رغبة واضحة من أجل التغيير"، مستدركة بالقول: "أعتقد أن القيام بحملة لمدة تسعة أسابيع من أجل قيادة الحزب في مثل هذا الوقت الحرج خطوة غير مرغوب فيها... من الأفضل تعيين رئيس وزراء جديد وقوي على الفور. وبالتالي أعلن انسحابي، ودعمي الكامل لتيريزا ماي".
(الأخبار، أ ف ب)