وقف زعماء الدول الغربية خلف فرنسا أمس، دفاعاً عن "قيم المجتمعات المنفتحة"، في وقت كان لافتاً فيه بروز الحديث على صعيد إعلامي واسع عن "التهديد الأمني الجديد الذي باتت تمثله الهجمات الفردية"، التي يبدو أن "من شبه المستحيل منعها".ودان الرئيس الاميركي، باراك اوباما، بحزم "ما يبدو انه اعتداء ارهابي مروع". وقال، في بيان، "اننا متضامنون مع فرنسا، أقدم حليف لنا، في وقت تواجه فيه هذا الاعتداء"، مضيفا "في هذا الرابع عشر من تموز/يوليو، نستذكر... القيم الديموقراطية التي جعلت من فرنسا مصدر إلهام للعالم اجمع". فيما قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش ايرنست، إن أوباما اتصل بنظيره الفرنسي، فرنسوا هولوند، لتقديم العزاء "وأقوى دعم"، موضحاً أن مسؤولين من الاستخبارات وجهات تطبيق القانون الأميركية على اتصال بنظرائهم الفرنسيين.
وبينما اعلنت المستشارة الالمانية، انجيلا ميركل، ان بلادها "تقف الى جانب فرنسا في حربها ضد الارهاب" وأنّ "الكلمات لا تكفي للتعبير عما يوحدنا مع اصدقائنا الفرنسيين"، ندد الامين العام لحلف شمال الاطلسي، ينس ستولتنبرغ، بـ"اعتداء استهدف الأبرياء والقيم الاساسية التي يدافع عنها الحلف"، مشيراً الى أنّ "الإرهاب لن ينتصر أبداً على الديموقراطية او الحرية او مجتمعاتنا المنفتحة".
وُضعت قوة
بريطانية سرية في حال تأهب قصوى تحسباً من اعتداءات

وفيما رأى رئيس المجلس الاوروبي، دونالد توسك، أنه "يوم حزين لفرنسا ولاوروبا ولنا جميعا"، مضيفا أنّ "الاشخاص الذين استهدفهم الاعتداء كانوا يحتفلون بالحرية والمساواة والاخوة"، رأى الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، أن "هذا العمل الوحشي... دليل على ضرورة القيام بحملة عالمية وحازمة لمكافحة الارهاب"، مضيفا ان "المنظمات الارهابية لا تميز بين تركيا والسعودية وفرنسا وبلجيكا والسعودية او الولايات المتحدة".
من جهته، كتب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في برقية الى هولاند، قائلاً إن "الارهاب يتجاهل القيم الانسانية على نحو تام"، مضيفا ان "الانتصار على هذا الشر المتوحش يتطلب توحيد جهود العالم المتحضر".
على صعيد آخر، فقد أبرزت وسائل إعلام عدة أنّ الهجوم الذي عرفته مدينة نيس يلقي الضوء على واقع جديد تواجهه أوروبا، ويفيد بأنّ من شبه المستحيل منع الهجمات الفردية التي من الممكن أن ينفذها أي شخص. وقد أشار رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، إلى ذلك بقوله: "انتقلنا إلى حقبة جديدة... ويجب أن تتعايش فرنسا مع الإرهاب"، بينما قال نظيره البلجيكي، شارل ميشال، إنه "لا وجود لدرجة الخطر صفر... ونواجه الآن أسلوب عمل مختلفا".
وإزاء هذا الواقع، تساءل الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب بجهاز أمن الدولة البلجيكي، أندريه جاكوب، "ما الذي يمكن أن تفعله حيال هذا؟"، مشيراً الى أنّ "من المستحيل منعه، حتى لو كانت هناك دلائل"، لكن خلال السنوات الماضية، كانت تجري الإشارة إلى منطقة نيس باعتبارها أحد معاقل التطرف في فرنسا، ومجال تجنيد لجهادي فرنسي (ابن نيس عمر عصمان واسمه الحقيقي عمر ديابي) يقود كتيبة لـ"جبهة النصرة" في سوريا، وفق أجهزة مكافحة الارهاب الفرنسية والأوروبية، وهو الأمر الذي يطرح أسئلة بشأن الآليات التي كانت متبعة لمواجهة "التهديد الإرهابي المحتمل".
وفي ظل ما يشار إليه بوصفه "واقعاً جديداً"، فقد بدت، أمس، السلطات البريطانية معنية أكثر من غيرها بأحداث مدينة نيس. وهي بدأت عملياً مراجعة شاملة للإجراءات الأمنية في العاصمة لندن وفي المدن الكبرى، ووضعت قوات تدخل سريع تتبع مباشرة لرئيسة الوزراء، تيريزا ماي، في حالة تأهب قصوى.
وذكرت مصادر أن قوة تدخل سريع سرية، تضم وحدات مختارة من الصاعقة البريطانية كانت قد أنشأتها رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، إبان عملها كوزيرة للداخلية في حكومة ديفيد كاميرون بعد تفجيرات بروكسل الأخيرة في آذار/مارس الماضي، قد وُضعت في حال تأهب قصوى تحسباً من اعتداءات إرهابية مرتبطة بما حدث في نيس. وكانت القوة تتبع لماي مباشرة عندما كانت تحمل حقيبة الداخليّة، وهو أمر يستمر حتى الآن بعد توليها رسمياً منصب رئاسة الوزراء. وتعمل القوة على نطاق المملكة المتحدة عموماً، لا في العاصمة فحسب، وهي مزودة بأحدث التجهيزات التقنية والأسلحة وتتحرك بطائرات هيلكوبتر عالية الكفاءة من خمسة مطارات عسكرية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)