بعد سلسلة الانتقادات التركية التي شنتها أنقرة على الدول الغربية على خلفية تأخرها في إدانة محاولة الانقلاب الفاشلة و«دعمها للشرعية»، أتت الاستجابة الدولية على أوسع مستوى لإدانة التفجير الذي استهدف أول من أمس، ولاية غازي عنتاب التركية، مخلفاً عشرات القتلى والجرحى. ومع تأكيد أنقرة نيتها الدخول بشكل أوسع على خط مكافحة الإرهاب «بجميع إشكاله»، في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني» بجانب تنظيم «داعش»، حملت بيانات الإدانة الدولية رسائل التضامن والمساندة في وجه الإرهاب، حتى من بلدان مثل النمسا التي ساءت علاقاتها مع تركيا، إلى حد اتهام الأخيرة لها بأنها «عاصمة العنصرية في العالم».التفجير الذي استهدف صالة أعراس في المدينة الحدودية مع سوريا، نفذه، وفق ما أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، «فتى يتراوح عمره بين 12 و14 عاماً»، مشيراً إلى أن «المؤشرات الأولية تشير إلى مسؤولية تنظيم داعش الإرهابي عن التفجير» الذي أسفر عن مقتل 51 وإصابة 69 شخصاً؛ بينهم 17 في حالة حرجة. بدوره، دان رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، التفجير الذي وقع أول من أمس في ولاية غازي عنتاب جنوب البلاد وخلّف عشرات القتلى والجرحى، داعياً الشعب إلى «الحفاظ على وحدته وتكاتفه لإفشال كل المحاولات الإرهابية الشيطانية في الداخل والخارج». وأكد في بيان أن «الدولة والحكومة والشعب في تركيا، عازمون على مواصلة حربهم ضد المنظمات الإرهابية الدنيئة مهما كانت مسمياتها»، مشيراً إلى أن «تركيا قوية وتتمتع بروح الاستقلال».
وفي سياق الإدانات الدولية للتفجير، استنكرت واشنطن «الهجوم الإرهابي» على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، ند برايس، الذي أوضح في بيان أن «الولايات المتحدة تقف بحزم إلى جانب تركيا وعلى اتصال وثيق بالسلطات». كذلك قدّم بيان صادر عن قصر الإليزيه «التعازي للمسؤولين الأتراك والشعب التركي، باسم الشعب الفرنسي»، مؤكداً وقوف فرنسا إلى «جانب جميع من يقاتلون ضد الإرهاب»، بالتوازي مع نشر الرئيس فرنسوا هولاند، رسالة تعزية عبر حسابه على «تويتر».
من جانبه، استنكر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، التفجير في تغريدة على «تويتر»، مضيفاً أن «الوجه القذر للإرهاب ظهر مجدداً في تركيا واستهدف المدنيين الأبرياء». كذلك، بعثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل برسالة إلى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، قدمت فيها التعازي وأكّدت «تضامنها مع الحكومة والشعب التركيين في مواجهة المنظمات الإرهابية».
ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، في بيان صحافي أن «تنفيذ العمليات الإرهابية في حفل زفاف وقتل الأبرياء يكشف مرة أخرى وبوضوح الأهداف البغيضة وغير الإنسانية للإرهاب، كما يؤكد أن هذه الظاهرة الخطيرة والخبيثة تهدد المجتمع الدولي»، مضيفاً أن «ممارسات المتطرفين التكفيريين تستهدف السلام والاستقرار في دول المنطقة» وهو ما يستدعي مواجهة حازمة من قبل هذه الدول.
وأعربت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني في بيان، عن تضامنها مع تركيا، معتبرةً ولاية غازي عنتاب «رمزاً يجسد آلام آلاف السوريين الفارين من الحرب الدائرة في بلادهم»، ومؤكدة «استمرار تعاوننا مع المسؤولين الأتراك لدحر الإرهابيين والقضاء عليهم».
وأكد الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، في بيان، تضامن الحلف مع تركيا ووقوفه إلى جانبها في مواجهة الإرهاب. من ناحيتها، دانت وزيرة خارجية السويد مارغو والستروم، التفجير، مضيفة أنه تم إجراء «اجتماع خاص بشأن تركيا في وزارة الخارجية، وقررنا مواصلة دعمنا لها في مسيرة عضويتها في الاتحاد الأوروبي».
على صعيد آخر، استدعت وزارة الخارجية التركية نحو 300 دبلوماسي من موظفيها العاملين في البعثات الخارجية إلى البلاد، ضمن إطار التحقيقات في محاولة الانقلاب الفاشلة. ونقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر في الخارجية التركية، قولها إن الأخيرة «تعتزم إبعاد الدبلوماسيين ممن لهم صلة بمنظمة الداعية فتح الله غولن الإرهابية عن وظائفهم مؤقتاً، فيما سيعود الباقون إلى أعمالهم في البعثات بعد الانتهاء من التحقيقات».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)