أعلن أمس الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، أن المفاوضات حول اتفاقية «الشراكة في التجارة والاستثمار عبر الأطلسي» (TTIP)، التي تسعى الولايات المتحدة لفرضها على حلفائها الأوروبيين، قد «أُحبطت»، وذلك لأنه «لم تُحترم مواقف الأطراف» المعنية. وقال هولاند، في خطاب أمام مؤتمر لسفراء بلاده عُقد في باريس، إنه «من الجلي أن الاتفاقية غير متوازنة»، وإنه غير قادر بالتالي على دعم اتفاق يطلب نظيره الأميركي، باراك أوباما، إبرامه قبل نهاية ولايته (أي أوباما) في كانون الثاني من العام المقبل. وفي وقت سابق من اليوم نفسه، قال وزير الدولة الفرنسي للتجارة الخارجية، ماتياس فيكل، في حديث إذاعي إنه «لم يعد ثمة دعم سياسي من قبل فرنسا» للمفاوضات حول اتفاق «الشراكة». وأكد فيكل أن «فرنسا تطلب وقف المفاوضات» التي تجريها المفوضية الأوروبية باسم الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد، وذلك لأنها غير متكافئة وتميل كفتها إلى مصالح الولايات المتحدة. «الأميركيون لا يعطون شيئاً، أو يعطون الفتات فقط... التفاوض بين الحلفاء لا يكون بهذا الشكل»، قال الوزير الفرنسي، مضيفاً أن «العلاقات ليست على المستوى المطلوب بين أوروبا والولايات المتحدة».
فيكل: على المفاوضات أن تنطلق مجدداً على أسس صحيحة

بناءً على ما تقدم، دعا فيكل لاستئناف التفاوض حول الاتفاق المذكور «في وقت لاحق، وعلى أسس صحيحة»، مشدداً على أن بلاده «تحتاج إلى وقف واضح ونهائي لهذه المفاوضات، للانطلاق بها مجدداً على أسس جيدة». وأوضح فيكل أن هذا سيكون موقف فرنسا الرسمي في اجتماع لوزراء التجارة الخارجية للبلدان المعنية بالاتفاق، يُعقد في العاصمة السلوفاكية، براتيسلافا، في أيلول المقبل. ولم يحدد فيكل الشروط التي تسمح بإعادة إطلاق المفاوضات حول اتفاق «الشراكة»، أو أي إطار زمني لذلك.
وبدا أمس أن الموقف الفرنسي الواضح والقاطع قد حسم مصير الاتفاق، بصيغته الحالية على الأقل، وخصوصاً بعد خروج الدولة الأوروبية الوازنة والأكثر حماسةً للاتفاق، أي المملكة المتحدة، من الإتحاد الأوروبي، وبعد سلسلة المواقف الصادرة عن برلين، والرافضة للاتفاق «ما لم تقدم واشنطن تنازلات جدية» في المفاوضات حول صيغته النهائية.
وكان نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد، سيغمار غابريال، قد أعلن أن المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الاتفاق قد أخفقت فعلياً، عازياً السبب إلى تعنت الولايات المتحدة، ورفضها تقديم أي تنازل لـ«شركائها» الأوروبيين، ورفض الأخيرين «إخضاع أنفسهم لمطالب» واشنطن. ففي مقابلة أُذيعت الأحد الماضي، عبّر غابريال، الذي يرأس الحزب الاشتراكي الديموقراطي، الشريك الائتلافي في حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، عن اعتقاده بأن «الأميركيين أنهوا (الاتفاق). لا أرى أي رغبة (من جانب واشنطن) بالتوصل إلى تسوية مع الأوروبيين».
وبينما يزداد عدد معارضي الاتفاق المذكور في صفوف الاشتراكيين الديموقراطيين، وخروج الآلاف من الألمان في تظاهرات تندد بالاتفاق، ما زالت ميركل تدافع عن المشروع، أسوة بعدد من أفراد «بيروقراطية الاتحاد الأوروبي» وقادته السياسيين. أول من أمس، قال الناطق باسم المفوضية الأوروبية، مارغاريتيس شيناس، إن المفوضية «تحقق تقدماً ثابتاً في المفاوضات حول اتفاقية التبادل الحر»، ليلاقيه الممثل الأميركي الخاص للتجارة الخارجية، مايكل فرومان، بقوله إن «المفاوضات تحقق تقدماً ثابتاً... وإن لم يُبرم أي شيء حتى الآن، في غياب اتفاق على كل (أو بالأحرى أي من) النقاط».
وكذلك، رأى وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي، كارلو كاليندا، أن على المفاوضات حول اتفاق «الشراكة» أن تستمر، وأن «الاتفاق سيُبرم. إنه أمر حتمي». وفي حديثه إلى صحيفة محلية، قال كاليندا إنه «الاتفاق حيوي بالنسبة لإيطاليا».

(الأخبار، أ ف ب، رويترز)