قبل يومين من قمة أثينا، نفى رئيس الوزراء اليوناني، أليكسس تسيبراس، تحوّله من «يساري» إلى «اشتراكي ديموقراطي»، لكنه قال، في مقابلة مع صحيفة «لوموند»، إنه «أكثر قرباً إلى الاشتراكيين الديموقراطيين في المجلس الأوروبي من قربه إلى اليسار»، لأنه «رغم كل شيء، نحاول الاستفادة من هامش التحرك الباقي لنا لتقديم حلول ذات طابع اجتماعي» في مواجهة «نيوليبرالية الاتحاد الأوروبي».ومع أن تسيبراس يصرّ على بقائه «يسارياً»، فإن قمة «دول الجنوب» التي استضافها، أمس، وجمعت قادة دول «اشتراكيين»، منهم الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، وضعت أسس عمل مشترك على المستوى الأوروبي بين هذه الدول لمواجهة مشكلاتها المشتركة، ودعت إلى اعتماد سياسات «تعزز النمو في أوروبا».
جهد كل من هولاند وتسيبراس لإظهار المحادثات على أنها مبادرة لتقوية أوروبا. وقال تسيبراس، في المقابلة، إن الهدف من القمة ليس «تقسيم أوروبا، بين شمال وجنوب»، بل إيجاد حلول مشتركة لأن لدى الدول المتوسطية مشكلات مشتركة «يجب أن نجد لها حلولاً مشتركة»، ليعود ويقول إن أوروبا منقسمة بين «شمال يراكم الفوائض، وجنوب يعاني عجزاً ثقيلاً، ما يعوق التلاقي الأوروبي».
قبيل بدء المحادثات، أعاد تسيبراس التأكيد أن الوقت قد حان لدول الجنوب من أجل توحيد جهودها والدفع نحو أجنداتها الخاصة على المستوى الأوروبي، خصوصاً أنها كانت «الأكثر تأثراً في الأعوام الأخيرة بالأزمة الاقتصادية، كذلك فإنها خط المواجهة الأول في ما يتعلق بأزمة المهاجرين».
أما هولاند، فرأى أن «المعنى» من هذا الاجتماع هو «حماية الحدود، وتعزيز النمو ومكافحة الهجرة... وفي الوقت نفسه تطوير سياسات تنموية والعمل معا ضد الإرهاب». وأضاف: «دول جنوب أوروبا تعاني أوضاعاً اقتصادية تستحق منّا أن نضع النمو في صميم الأولويات».
من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، بعد المحادثات، إنّ الاتحاد الأوروبي يجب أن يبتعد عن «مرحلة التقشف»، متابعاً أن «أوروبا لا يمكن أن تبقى فقط مجرّد تقنيّات وإجراءات تقشف».
والقمة، التي كان من المفترض أنها تتمحور حول محاولة دول أوروبا الجنوبية (فرنسا وإيطاليا واليونان وإسبانيا ومالطا وقبرص والبرتغال) التوصل إلى برنامج مشترك للتخفيف من أزمة الميزانية الأوروبية بصورة أساسية، إضافة إلى الحد من ضغوط أزمة المهاجرين، تحوّلت إلى مقترحات لتقوية أوروبا ككل.
لم تخرج مقترحات البيان الختامي عن أفكار «العمل الأوروبي المشترك»

ولم تخرج مقترحات البيان الختامي لتلك القمة عن «العمل الأوروبي المشترك»، لأن «الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى نبض جديد لمواجهة التحديات المشتركة للدول الأعضاء في الاتحاد، وذلك لضمان موقع أوروبا على المستوى الدولي، وتحسين آلية عمل المؤسسات الأوروبية الديموقراطي»، وفق البيان.
على المستوى الاقتصادي، رأت تلك الدول الجنوبية المتوسطية أنّ من الضروري «تعزيز النمو والتعاون في أوروبا... لتخطي الأزمة الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة»، وذلك عبر «مضاعفة القدرة التمويلية للصندوق الأوروبي للاستثمار الاستراتيجي (خطة يونكر)... ويجب أن تكون هذه الخطة متكاملة مع السياسات الأوروبية لدعم التمويل والاستثمار... ومن الضروري أيضاً تعزيز محاربة التملص الضريبي والإغراق المالي».
كذلك، أعرب المشاركون عن اعتقادهم «الحازم» بأن مصلحة القارة تكمن في أمن «منطقة المتوسط» واستقرارها، آملين أن تأخذ قمة براتيسلافا المنتظرة في 16 أيلول في الاعتبار هذه «الرؤية الجديدة» وتحويلها إلى مبادرات معتمدة. وطرحوا أيضاً إطار عمل قائماً على «خمس أولويات»، منها «تعزيز الأمن الداخلي والخارجي لأوروبا»، الذي يتمثل «في حماية الحدود الأوروبية والمواطنين الأوروبيين»، ولذلك «علينا تقوية تعاوننا في مجال الأمن والدفاع وإطلاق المفاوضات لحل الأزمة القبرصية».
وتابع البيان أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يوطد حدوده الخارجية ويعزز التعاون في مكافحة الإرهاب وظاهرة التطرف. كذلك رأى المجتمعون أن على أوروبا تعزيز تعاونها مع دول المتوسط والدول الأفريقية لأنه «ضروري لأمننا المشترك».
وعن معالجة أزمة الهجرة، قالوا إن ذلك يكون عبر «حماية فعالة للحدود الأوروبية، بالإضافة إلى إدارة سياسات اللجوء والهجرة في ما يتوافق مع المبادئ الأوروبية... لا يمكن التسامح مع العنصرية وكره الأجانب»، فيما رأوا أنه لتطبيق ذلك من الضروري «الاستمرار بالاتفاق التركي الأوروبي... والمعالجة العميقة لأسباب الهجرة غير الشرعية».
وتزامنت هذه القمة مع لقاء لـ«مجموعة اليورو» في براتيسلافا، دعا، اليونان، إلى تجنّب التخلف عن تنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها الدائنون، في مقابل خطة المساعدات المالية الثالثة، وذلك مع اقتراب موعد جولة جديدة من المحادثات اليونانية مع الثلاثي الدائن في انتظار تنفيذ أثينا، حتى نهاية أيلول، 15 شرطاً فرضها الدائنون. وفي الوقت نفسه، تواجه كل من إسبانيا والبرتغال عقوبات مالية أوروبية لانتهاكهما القواعد الخاصة بخفض العجز في الميزانية.
(الأخبار)