لم ينته الأمر بترشيحه الرسمي، فالإعلام الأميركي لم يغفل عن استحضار الذرائع و"الفضائح" التي تطاول الملياردير الأميركي، وقد تفجّر آخرها في التسجيلات التي أظهرت ترامب، يوم الجمعة الماضي، وهو يتحدث عن النساء بأسلوب بذيء، الأمر الذي قابله الجمهوريون والديموقراطيون بردٍّ فعل استثنائي، وتُوّج بإعلان 150 من الجمهوريين، من بينهم وزيرة الخارجية السابقة، كوندوليزا رايس، وحاكم ولاية كاليفورنيا، أرنولد شوارزنغر، والسيناتور جون ماكين، عن سحب دعمهم لترامب. ثمّ أتى آخر التطوّرات في هذا السياق، بكشف مصادر أمس عن أن رئيس الجمهوريين في مجلس النواب، بول راين، أعلن أمام زملاء له أنه "لن يدافع" عن المرشح الجمهوري، ولن يشارك في الحملة لدعمه، من دون أن يسحب دعمه الشخصي له.
أثيرت مخاوف
من تأثير تصريحات ترامب
بانتخابات الكونغرس
وبينما أتت "فضيحة" الفيديو لتصبّ الزيت على النار، في الظاهر، إلا أن التوجّس الجمهوري كان قد وصل إلى ذروته قبلها بأيام قليلة، عندما اصطدم قادة الحزب باستطلاع يفيد بأن الناخبين المستقلين يبتعدون عن ترامب لمصلحة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، الأمر الذي أثار مخاوف من أن ينعكس على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، التي تجري بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، وهو ما دفع العديد من المرشحين إلى خوض هذه الانتخابات لمجلسي الشيوخ والنواب إلى إعلان تخليهم عن مساندة ترامب.
الأسئلة التي طرحها ترشّح دونالد ترامب على الساحة السياسية الأميركية كثيرة، وقد وصل آخرها إلى مفصل يتعلّق بالبحث عن بديل له في هذه المرحلة المتقدمة من عمر الانتخابات الرئاسية: "هل يمكن إيجاد بديل لترامب؟". سؤال حفلت به وسائل الإعلام الأميركية، خلال الأيام القليلة الماضية، فكان الجواب عند معظهما أنّ من المستحيل ترشيح بديل لدونالد ترامب.
وفق "نيويورك تايمز"، تعد إزاحة المرشح الجمهوري من السباق عند هذه النقطة، أمراً معقداً جداً، ولا سيما أن الوقت أصبح متأخراً جداً. وتنقل الصحيفة عن المحامي بينجامين جينسبرغ، الذي عمل مستشاراً لحملة المرشحين الجمهوريين ميت رومني وجورج بوش الابن، قوله إن هذه المحاولة تعادل "ضربة خطرة"، ذلك أن الحزب الجمهوري يفتقد الآلية التي تسمح له باستبدال أي مرشح "لاعتراضه على ما يصرّح به". جينسبرغ أشار إلى أن قواعد الحزب تنص على أن "اللجنة الوطنية الجمهورية يحق لها أن تملأ الشواغر التي تنتج من وفاة أو عن مرض ما، وغيرها من الأمور التي قد تدفع إلى إيجاد بديل لمرشح الحزب للرئاسة الولايات المتحدة"، أي بمعنى آخر، على ترامب أن يموت أو يصبح مقعداً، كي يتمكن الحزب من استبداله.
ولكن ماذا إذا انسحب ترامب من السباق؟ بحسب ما تشير إليه صحيفة "نيويورك تايمز"، فإنه إذا ما حصل هذا السيناريو سيكون على "اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري أن تتسابق مع الوقت لإيجاد بديل يمكن أن يتفق عليه الأعضاء". وأيضاً في هذا المجال، ستعاني اللجنة في إطار تحديد من سيكون أهلاً للترشح وكيف يمكن أن يترشح في هذا الوقت القياسي. وفيما وجدت "واشنطن بوست" أن هذا البديل حاضر، وهو نائب ترامب مايك بنس، إلا أن "نيويورك تايمز" أوضحت أنه "سيكون على أعضاء اللجنة الـ168 الذين يمثلون مندوبي الولايات أن يصوّتوا، وسيكون على المرشح أن ينال على الأقل 1237 مندوباً، كما حصل مع ترامب خلال المؤتمر الجمهوري في كليفلاند".
فضلاً عن ذلك، التفتت الصحيفة إلى تفصيل آخر رأت أنه لا يقل أهمية عن غيره، هو أن اسمي ترامب ونائبه حاكم ولاية إنديانا مايك بنس، قد طُبعا على أوراق الاقتراع في أنحاء البلاد، وسيكون من الصعب تغيير ذلك الآن. هذا علاوة على أن الاقتراع المبكر قد بدأ في بعض الولايات، ويمكن الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من هذه الأصوات قد ذهبت إلى ترامب. إذاً، ارتأت الصحيفة الاستدارة إلى خيار آخر، هو أنه "من الناحية المثالية بالنسبة إلى الحزب"، يمكن تحويل الأصوات التي ذهبت لترامب إلى المرشح الجديد، ولكن هنا أيضاً ظهر خطر جديد، هو أن هذا الحل يضع الحزب الجمهوري أمام تهديد التعرّض للمقاضاة في مختلف الولايات الأميركية.
في المحصلة، رأت الصحيفة أنه يمكن "اللجنةَ الوطنية للحزب الجمهوري" أن تغيّر قواعدها وتتوصل إلى طريقة تسمح بإيجاد مرشح بديل، ولكن من المؤكد أن هذا الأمر قد يجلب الفوضى ويمكن أن يدفع ترامب وجحافل مناصريه إلى إعلان تزوير العملية.