يغادر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما واشنطن، اليوم، للقيام بآخر رحلة أوروبية ستقوده إلى اليونان وألمانيا، حيث سيحاول طمأنة الحلفاء الذين صدمهم انتخاب دونالد ترامب. وينوي أوباما، الذي يصل غداً إلى اليونان، في أول زيارة له يلتقي خلالها الرئيس بروكوبيس بافلوبولوس ورئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس، الإعراب عن امتنانه "للسخاء المميّز" للحكومة والشعب اليونانيين حيال اللاجئين والمهاجرين.وفي زيارته السادسة لألمانيا منذ وصوله إلى الحكم، سيلتقي الرئيس الديموقراطي المستشارة أنجيلا ميركل، التي كانت "أقرب شركائه خلال رئاسته"، كما قال مستشار أوباما، بن رودس. وسيستفيد أوباما من هذه الرحلة للقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي. وسينهي جولته بزيارة للبيرو، حيث سيشارك في منتدى التعاون الاقتصادي آسيا ــ المحيط الهادئ.
ترامب: علينا التركيز على قتال "داعش" بدلاً من إسقاط النظام السوري

وقد أوجزت هيذر كونلي من "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية"، أن "هدف الرحلة هو طمأنة الجميع إلى أن الولايات المتحدة قد اجتازت حملة انتخابية صعبة، لكن الأمور ستكون على ما يرام، باستثناء أن لدينا فرضية مختلفة".
وكان ترامب قد شكك، خلال حملته الانتخابية، بجدوى التحالفات القديمة وأهميتها، وأبرزها "حلف شمال الأطلسي"، مهدداً حلفاء بلاده في أوروبا إذا لم ينفقوا ما يكفي على الدفاع. كذلك شكك باتفاق باريس بشأن المناخ، وبالاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وفي السياق، أعلن الأمين العام لـ"حلف شمال الأطلسي" ينس ستولتنبرغ، أمس، أن السير بشكل منفرد في طريق الدفاع والأمن ليس خياراً بالنسبة إلى الولايات المتحدة أو إلى أوروبا. وكتب ستولتنبرغ، في مقال نشرته صحيفة "أوبزرفر" البريطانية: "نواجه أقوى التحديات لأمننا في الجيل الحالي"، مضيفاً "هذا ليس الوقت المناسب للتشكيك في قيمة الشراكة بين أوروبا والولايات المتحدة". وأشار إلى أن المرة الوحيدة التي استخدم فيها "حلف شمال الأطلسي" البند القائل بأن الهجوم على عضو هو هجوم على الجميع، كان بعد هجمات 11 أيلول 2001 على الولايات المتحدة.
وقال ستولتنبرغ: "في تلك الأوقات المليئة بالغموض، نحتاج إلى قيادة أميركية قوية، ونحتاج من الأوروبيين تحمّل نصيبهم العادل من الأعباء"، مشدداً على أن قيمة الشراكة بين أوروبا والولايات المتحدة "لا يمكن الاستغناء عنها". وتابع: "بدلاً من أن نعمّق خلافاتنا، نحتاج إلى أن ننمي ما يوحدنا ونعثر على الحكمة وبعد النظر للعمل معاً للتوصل إلى حلول مشتركة"، معتبراً أن "السير في ذلك الطريق منفردين ليس خياراً لأوروبا ولا للولايات المتحدة".
وبغض النظر عن علامات الاستفهام الكثيرة التي تحيط بالسياسة الخارجية الأميركية، يطرح عدد كبير من بلدان الاتحاد الأوروبي تساؤلات أيضاً حول فوز الرئيس السبعيني. وقالت كونلي: "إنهم يشعرون بالقلق الشديد لأن القوى الشعبوية والوطنية نفسها، سواء في قضايا الهجرة أو التبادل الحر، تعتمد تعبيراً سياسياً قوياً في أوروبا"، مذكرة بالاستحقاقات الانتخابية الكثيرة المقبلة، وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية الفرنسية في ربيع 2017. وفي هذا الإطار، جاء تصريح زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" الفرنسية المتطرّف، مارين لوبان، أمس، عن أن اختيار ترامب رئيساً للولايات المتحدة يعزّز من فرص انتخابها رئيسة لفرنسا. وقالت لوبان، لشبكة "بي بي سي": "لقد جعل السيد ترامب ما كان يظنّه البعض غير ممكن أمراً ممكناً".
في غضون ذلك، كرّر الرئيس الأميركي المنتخب تحذيره الذي كان قد أطلقه خلال حملته الانتخابية، من أن اصطفاف الولايات المتحدة إلى جانب المعارضة السورية في مواجهة نظام الرئيس بشار الأسد، قد ينتهي بصراعٍ مع روسيا. وفي مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، قال إن "روسيا دخلت في حلف وثيق مع سوريا، وإيران ــ التي أصبحت قوية بسببنا (في إشارة إلى الاتفاق النووي مع طهران) ــ أيضاً حليف لسوريا، ونحن نؤيّد الآن المتمردين السوريين، لكننا لا نعرف مَن هم هؤلاء". واستطرد ترامب قائلاً: "إذا قاتلت الولايات المتحدة سوريا (نظام الرئيس بشار الأسد)، فقد ينتهي هذا بصراع مع روسيا". وطالب بـ"ضرورة التركيز، بشكل أكبر، على قتال تنظيم داعش بدلاً من التركيز على إسقاط النظام السوري".
أما داخلياً، فقد أكد ترامب أنه سينفّذ وعده بطرد ملايين المهاجرين غير الشرعيين من البلاد بعد تسلمه منصبه، مضيفاً أن عددهم قد يصل إلى ثلاثة ملايين. وصرح، في مقتطفات نشرت قبل بث المقابلة كاملة في برنامج "60 دقيقة" على شبكة "سي بي اس"، بأن "ما سنفعله هو أننا سنطرد المجرمين والذين يملكون سجلاً إجرامياً وأفراد العصابات وتجار المخدرات، وهم كثر، مليونان على الأرجح أو حتى ثلاثة ملايين. سنطردهم من البلاد أو سنودعهم في السجون. لكننا سنبعدهم عن بلادنا، فهم هنا خلافاً للقانون". وأضاف ترامب أن الجدار، الذي يعتزم بناءه على الحدود، "قد لا يُبنى بكامله بالحجارة وقد يشمل أجزاء تقتصر على سياج معدني".
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)