124 مليون إنسان يعيشون في ظلّ مجاعة حادّة، نهاية عام 2017، بزيادة 15 في المئة عن العام الماضي، وفق تقرير نشره الاتحاد الأوروبي ومنظمة «الفاو» وبرنامج الأغذية العالمي التابعان للأمم المتحدة، اليوم، ويبيّن الزيادة الحادة في انعدام الأمن الغذائي في 51 دولة. التقرير نفسه كان قد قدّر عدد من يعانون من نقص غذائي حاد بنحو 108 ملايين في العالم في عام 2016، وبنحو 80 مليوناً عام 2015.الأسباب: النزاعات والمناخ
وجد التقرير، الذي قُدّم خلال جلسة إحاطة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، عُقدت في روما، أن ازدياد أزمة الغذاء ناجمٌ عن «أسباب مركّبة»، مثل النزاع والصدمات المناخية القاسية وارتفاع أسعار الأغذية الأساسية، وهي عوامل غالباً ما تحدث في الوقت ذاته. وبالمقارنة مع العام الماضي، هناك مجتمعات كاملة ومزيد من الأطفال والنساء بحاجة إلى دعم غذائي، وقد أصبح «إيجاد حلول طويلة الأمد أمراً ضرورياً»، فيما يبقى اليمن الدولة التي تعاني من أكبر أزمة غذائية، حتى الآن، بسبب القيود المفروضة على إمكانية الوصول إليها والانهيار الاقتصادي وتفشي الأمراض.
من جهة، تشكّل النزاعات المتصاعدة وانعدام الأمن في ميانمار وشمال شرق نيجيريا وجمهورية الكونغو الديموقراطية وجنوب السودان واليمن، الأسباب الرئيسية في هذه الزيادة. ومن جهة ثانية، نجم عن ظروف الجفاف المطولة «موسم حصاد رديء في دول تواجه، بالفعل، مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في شرق أفريقيا وجنوبها».
في التفاصيل، كان النزاع سبباً رئيسياً في انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة، من بينها 15 دولة في أفريقيا أو في الشرق الأوسط، وهي تمثّل 60 في المئة من المجموع العالمي لحالات انعدام الأمن الغذائي الحاد. أما بالنسبة إلى الكوارث المناخية، خصوصاً الجفاف، فقد أحدثت أزمات غذائية في 23 بلداً، ثلثاها في أفريقيا، وكانت السبب في معاناة نحو 39 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
المستقبل: الأسباب لن تتغير!
سيبقى النزاع السبب الرئيسي لأزمات الغذاء في عام 2018، خصوصاً في أفغانستان وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديموقراطية وشمال شرق نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد وجنوب السودان وسوريا واليمن وليبيا ووسط الساحل الأفريقي (مالي والنيجر).

اليمن: الكارثة الأكبر

في منتصف عام 2017، بات 17 مليون شخص في اليمن ضمن فئة المحتاجين بشكلٍ طارئ للمساعدة الغذائية. هؤلاء يشكلون 60% من سكان البلاد، ويمثل عددهم زيادة 20% عن حزيران 2016. في تقرير لـ«برنامج الأغذية العالمي»، في نيسان 2017، تبيّن أن نصف البيوت في اليمن محرومة كميات كافية من الغذاء، وأن خُمسها يذهب أفرادها للنوم وهم جائعون، فيما ربع البيوت قد عاشت يوماً كاملاً على الأقلّ من دون طعام. أسباب ذلك، وفق التقرير، «النزاع المستمر» الذي يمنع التدخل الإنساني.

كذلك، من المرجح أن يسبب تأثير الطقس الجاف الشديد على إنتاج المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية زيادة انعدام الأمن الغذائي في المناطق الرعوية في الصومال وجنوب شرق إثيوبيا وشرق كينيا، وفي دول غرب أفريقيا والساحل، بما في ذلك السنغال وتشاد والنيجر ومالي وموريتانيا وبوركينا فاسو.
ما العمل؟
بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية الضرورية للغاية، يجب القيام بأعمال تنموية، في وقت مبكر، لمعالجة جذور مشكلة الضعف الشديد، وبالتالي بناء القدرة على الصمود. ومن المتوقع، وفق التقرير أن «تصبح الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي ومنظمة الفاو وبرنامج الأغذية العالمي، في مؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني في عام 2016، المحرّك الرئيسي للعلاقة بين قضايا العمل الإنساني والتنمية والسلام، ما يشجع على زيادة التنسيق بين الوكالات الإنسانية والإنمائية».
من جهته، رأى المفوض الأوروبي للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات، خريستوس ستيليانيدس، أن «علينا تشكيل استجابة عالمية استراتيجية أكثر قوة لأزمات الغذاء»، فيما أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أنه «يعود لنا الخيار الآن لاتخاذ إجراء لتلبية احتياجات من يواجهون وكارثة الجوع اليومية ومعالجة أسبابها الجذرية». أما المدير العام لـ«الفاو»، جوزيه غرازيانو دا سيلفا، فقد رأى أن «الاعتراف بالعلاقة التي تجمع بين الجوع والنزاع» تسمح بالتصدي لها.