تناسى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كلّ غضبه من الاتحاد الأوروبي، ليعلن اليوم، قبل توجّهه إلى قمة مشتركة في فارنا مع مسؤولين في الاتحاد، أن أنقرة لا تزال مصممة على الانضمام إليه. أكد أردوغان أنّ الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هو «هدف استراتيجي» بالنسبة إلى بلاده، وأنه سيطلب من المسؤولين الأوروبيين «إعادة إحياء» عملية الانضمام من خلال رفع «العقبات السياسية والاصطناعية» من طريق المفاوضات.
لكن الطموح المستجدّ للرئيس التركي دونه عقبات كثيرة وملفات شائكة قد لا تنتهي في لقاء عشاء واحد مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك. أحدث تلك الخلافات كانت تبادل التصريحات بشأن مسألة قبرص واليونان؛ فقد ندّد القادة الأوروبيون بتحركات تركيا «المخالفة للقانون» إزاء اليونان وقبرص في بحر إيجه وشرق المتوسط بعد حوادث عدة، وهي تصريحات اعتبرتها تركيا «غير مقبولة».
وتطغى مواضيع حساسة أخرى على اللقاء التركي – الأوروبي، أبرزها:
تراجع دولة القانون في تركيا منذ محاولة الانقلاب في تموز 2016
إعفاء الرعايا الأتراك من تأشيرات الدخول في إطار التزام أوروبا بشروط اتفاق المهاجرين مع تركيا
الهجوم التركي ضد المقاتلين الأكراد في سوريا
في المقابل، تبقى هناك نقاط تعاون أساسية بين الطرفين، منها: الشراكة التجارية المهمة، مكافحة الإرهاب والتصدي للهجرة. فهل يمكن لهذه القمة تحقيق تقدّم واضح في تلك المجالات رغم العوائق؟
هذه أبرز التعليقات على الموضوع:

مراد يتكين في «حرييت»: «اختبار لكلّ من تركيا والاتحاد الأوروبي»
رأى يتكين أنه رغم المشاكل الكثيرة التي تعانيها العلاقات الأوروبية – التركية، إلّا أن الواقع هو أنه لدى الطرفين توقعات وآمال من بعضهما البعض، معتبراً في الوقت نفسه أن تحسين العلاقات الثنائية له منافع مشتركة.
لخص يتكين تلك «المشاكل» في عدة نقاط أساسية، أبرزها:
بشأن اتفاق المهاجرين: ترى أنقرة أنها نفذت دورها في اتفاق المهاجرين الموقع في آذار 2016 مع الأوروبيين، وتريد من بروكسل أن تنفذ بدورها ما تم الاتفاق عليه. وترغب أنقرة أن تلتزم بروكسل بوعودها المنصوص عليها في الاتفاق وهي تتضمن مشاركة عبء 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا، ومواصلة مفاوضات الانضمام وتحرير نظام تأشيرات الدخول
بشأن محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز 2016: أردوغان توقع مزيداً من التضامن من قبل الأوروبيين، وهو يتهمهم بحماية بعض الضباط الضالعين في المحاولة
بشأن حملة القمع في تركيا تحت حالة الطوارئ: يريد الاتحاد الأوروبي أن تنهي أنقرة حالة الطوارئ وأن ترفع التضييق على الحريات بما يتلاءم مع معايير الاتحاد الأوروبي
أخيراً، تريد تركيا مزيداً من الدعم في حملتها ضدّ «حزب العمال الكردستاني». لم يتوقع يتكين أن يحصل تقدم كبير في كلّ تلك المواضيع المذكورة، لكن في سبيل توطيد العلاقات السياسية، يجب العمل على مزيد من تقوية العلاقات الاقتصادية، تبدأ بالمفاوضات بشأن رفع مستوى الاتحاد الجمركي بين الطرفين.

كمال كيرتشجي في «بروكينغز»: «لا تتوقعوا الكثير»
رأى كيرتشجي أنه على الرغم من «المصلحة المتبادلة» في إصلاح العلاقات بين الطرفين و«تطبيعها»، إلا أن هناك عدة اعتبارات تمنع خرقاً كبيراً في هذا المجال.
من هذه الأسباب:
برأي كيرتشجي، لا مجال للعودة في ما يتعلق بحقوق الإنسان في تركيا، بعد الحالة السيئة التي وصلت إليها منذ إعلان حالة الطوارئ وحملة القمع التي تشهدها البلاد، وهذا من أحد أكبر مسببات التوتر مع الأوروبيين
من جهة ثانية، الكره لدى الرأي العام الأوروبي تجاه تركيا يزداد، وخصوصاً بعد التوتر الدبلوماسي مع هولندا، بعدما منعت الحكومة الهولندية مسؤولين من «العدالة والتنمية» من القيام بحملاتهم الانتخابية، المرتبطة بالاستفتاء على النظام الرئاسي، في أوروبا. مزج ذلك مع إحباط تركي من عدم تقديم أوروبا الدعم للحكومة التركية بعد محاولة الانقلاب. تفاعل ذلك بتعاظم الأزمة الدبلوماسية مع ألمانيا مع اعتقال تركيا مواطنين ألمان بتهم مثل «دعم الإرهاب»
تلك الأزمات، وفق كيرتشجي، لا تلغي وجود مناطق تعاون ضرورية بين الطرفين:
من الناحية الاقتصادية، هناك «اعتماد اقتصادي هائل لتركيا على الاتحاد الأوروبي»، إذ إن نصف الصادرات التركية تذهب إلى دول الاتحاد، و6 في المئة فقط إلى روسيا وإيران والصين
تشكل تركيا مركزاً مهماً للكثير من الشركات الصناعية الأوروبية وتساعد على ربطها بالجوار
اتفاق المهاجرين الذي أسهم بخفض دفقهم إلى أوروبا
دور تركيا «الضروري» في محاربة الإرهاب
كل تلك هي عوامل تجعل من تركيا شريكاً «استراتيجياً» لأوروبا، وهو أمر يدركه القادة الأوروبيون جيداً.

مارك بييريني في «كارنيغي»: «تقرير التراجع التركي 2018»
في سياق حديثه عن تقرير الاتحاد الأوروبي بشأن تركيا الذي سيصدر في نيسان 2018، رأى بييريني أنه لا ينصح بقطع نهائي للعلاقات بين الطرفين، على الرغم من التراجع الكبير الذي وصلت إليه تركيا في ما يتعلق بمعايير الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً في مجال حقوق الإنسان والحريات في السنوات الثلاث الماضية.
تابع أن القمم واللقاءات لن تساعد على «استعادة حكم القانون في تركيا»، بل يجب أن يكون هناك إدانات واضحة لانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، وهو ما يضع القادة الأوروبيين أمام «خيارات صعبة» بشأن أنقرة.
في السياق نفسه، اعتبر أن هناك خمسة مجالات للتعاون بين الطرفين، تشكّل أفضل «رزمة خيارات» للأوروبيين في الوقت الحالي، وهي:
تحديث الاتحاد الجمركي مع تركيا
التعاون في مجال مكافحة الإرهاب
التعاون في مجالات اقتصادية تشكل مصالح مشتركة للطرفين، مثل مجال الطاقة والنقل والبحوث والسياسة الخارجية
استكمال المساعدة الإنسانية للاجئين السوريين في تركيا
دعم فعلي لـ«ديموقراطيي» تركيا