يهدف «الاتفاق الجديد» مع إيران، الذي اقترحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته واشنطن، إلى الذهاب أبعد من الاتفاق النووي الحالي، لمواجهة انتقادات الولايات المتحدة.في ما يلي مقترحات ماكرون المُعلنة، والصعوبات التي يمكن أن يواجهها هذا الاتفاق الجديد، الذي طعن الرئيس الإيراني في شرعية المطالب للتوصل إليه، فيما دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي إلى الحفاظ على الاتفاق الحالي، الذي أكدت موسكو أن لا بديل منه.

اتفاق جديد موسع
اعترف ماكرون بأن هناك «خلافاً حول» اتفاق فيينا الموقّع في تموز 2015، بين إيران والقوى الكبرى (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا)، بعد سنوات من المفاوضات. قبلت إيران بموجب الاتفاق بتجميد برنامجها النووي حتى 2025. لكن أياً كان قرار ترامب، الذي يُفترض أن يكشف في 12 أيار ما إذا كان سيوقف العمل به لأنه يعتبره غير كاف، يقترح ماكرون إجراء المفاوضات حول اتفاق جديد على أساس أربع مسائل:
إبقاء حظر تخصيب اليورانيوم، الذي يشكل المرحلة الأولى لإنتاج قنبلة ذرية، كما كان وارداً في نص 2015. إذا بقيت الولايات المتحدة في الاتفاق، تكون المشكلة قد حُلّت. وإذا قرّر ترامب في 12 أيار الخروج من الاتفاق، تتمثّل الفكرة في فتح مفاوضات بشأن طريقة مواصلة مراقبة النشاط النووي الإيراني، رغم كل شيء.
«التأكد من عدم وجود نشاط نووي إيراني على الأمد الطويل»، أي بعد 2025 السنة المحدّدة لبدء انتهاء بعض بنود الاتفاق الحالي، التي تنص على عدد من القيود التقنية على النشاطات الإيرانية، ما يمكن أن يسمح لإيران باستئناف التخصيب.
«إنهاء النشاطات البالستية لإيران في المنطقة»، وهو تلميح إلى برنامج طهران للصواريخ المتوسطة والقصيرة الأمد، التي تطورها إيران منذ سنوات.
«خلق ظروف لحل سياسي يحتوي إيران في المنطقة، في اليمن وسوريا والعراق ولبنان». يلمح ماكرون في هذه النقطة إلى مفاوضات السلام في سوريا المتوقفة حالياً، بسبب معارضة حليفتَي سوريا: إيران وروسيا، وكذلك إلى النزاع في اليمن الذي تتهم طهران بتسليم المتمرّدين الحوثيين أسلحة.

المفاوضات
أكد الرئيس الفرنسي أنه «لا يمكن أن يتم تمزيق اتفاق لنذهب إلى لا شيء. يجب بناء اتفاق أوسع حول إيران، من أجل استقرار المنطقة». وأشار إلى أن «مجموعة صغيرة» من الوزراء بدأت العمل على ذلك، وسيجتمعون من جديد «قريباً». بناءً عليه، تقترح فرنسا مناقشة هذا الاتفاق الجديد مع حلفائها الأوروبيين، لكن أيضاً «بالتأكيد مع روسيا وتركيا»، بينما أكد الكرملين أن الاتفاق قائم «ولا بديل له».

غموض موقف ترامب
لم يكن ترامب واضحاً في قراره بشأن الاتفاق النووي، الذي هدّد بتمزيقه لفرض عقوبات جديدة على النظام الإيراني. لكنه لا يبدو أنه رفض عرض ماكرون. وقال الرئيس الأميركي: «لا أحد يعرف ما سأفعله في 12 أيار»، مضيفاً: «أعتقد بأن لدينا فرصة غير عادية لإبرام اتفاق آخر أكبر». وتابع: «سنرى. سنرى ما إذا كنت سأفعل ما يتوقعه البعض. سواء كان الأمر نعم أو لا، سيكون من الممكن صنع اتفاق أفضل على أسس متينة»، لأنه «اتفاق أسسه فاسدة، إنه اتفاق سيئ، بُنية سيئة».
بدوره، عبّر ماكرون عن الأمل في أن تساعد الأجواء الودية، التي سادت اللقاء، نظيره الأميركي على تغيير رأيه. وقال: «إذا كانت الساعة، أو أكثر، التي أمضيناها معاً نتيجتها القول إن الولايات المتحدة ستخرج من الاتفاق وفرنسا تريد الدفاع عنه، فعندها صداقتنا لن تفيد في شيء».

ماذا عن إيران وأوروبا وموسكو؟
ردّاً على تصريحات الرئيسين الأميركي والفرنسي، شكّك الرئيس الإيراني حسن روحاني في شرعية المطالب للتوصل إلى اتفاق جديد حول الملف النووي. وقال في خطاب في تبريز (شمال إيران): «معاً برفقة رئيس دولة أوروبية يقولون: نريد أن نقرّر بشأن اتفاق تتوصل إليه الأطراف السبعة، للقيام بماذا؟ وبأي حق؟». روحاني تساءل، خلال حفل لإعلان مدينة تبريز عاصمة سياحية للعالم الإسلامي لعام 2018: «هل تريدون أن تقرّروا مستقبل الاتفاق؟ إذاً عليكم أولاً أن تشرحوا لنا ما قمتم به»، حتى الآن لتطبيقه. وأضاف: «عليكم أن توضحوا كيف سيسير الاتفاق في السنوات المقبلة. قولوا لنا من فضلكم أولاً ماذا فعلتم في السنتين الماضيتين». وأشار الرئيس الإيراني إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد بانتظام أن إيران تفي بتعهداتها، التي قطعتها في فيينا حول برنامجها النووي، بهدف تقديم ضمانات بأنها لا تسعى إلى امتلاك السلاح الذري. ورأى أنه مع الاتفاق حول الملف النووي «أثبتنا حسن نيّتنا للعالم، أردنا ان نثبت للعالم أن إيران لا تسعى إلى امتلاك أسلحة دمار شامل». كذلك، أكد أنه «مع هذا الاتفاق، أسقطنا الاتهامات وأثبتنا أن الولايات المتحدة وإسرائيل تكذبان بخصوص إيران منذ عقود».
من جهة أخرى، انتقد روحاني الرئيس الأميركي بدون تسميته، قائلاً: «لستَ سوى رجل أعمال، لا تملك أي خبرة في السياسة ولا في مجال القانون أو الاتفاقات الدولية».
بدورها، اعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أن الاتفاق النووي الموقع مع إيران «يعمل جيّداً، ويجب الحفاظ عليه». وقالت عند وصولها للمشاركة في مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل، إنه «بالنسبة لما سيحصل في المستقبل سنرى حينذاك، لكنْ هناك اتفاق قائم الآن يعمل جيداً، ويجب الحفاظ عليه». واعتبرت موغيريني أن الاتفاق «ضروري للأمن الأوروبي».
أما روسيا، فقد أكدت أن الاتفاق النووي «لا بديل له». وقال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف: «نؤيّد الإبقاء على الاتفاق بوضعه الحالي، ونرى أنه في الوقت الراهن لا بديل له». وأضاف: «السؤال المطروح: هل من الممكن في الوضع الحالي تكرار مثل هذا العمل الناجح؟».
كذلك، رأى وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أنه في مواجهة احتمال خروج واشنطن من الاتفاق، يفكّر الموقعون الغربيون الآخرون في طريقة للإبقاء على الاتفاق «بنسخة غير أميركية».