تنعقد قمة «تاريخية» بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية يوم غدٍ، في منطقةٍ منزوعة السلاح بين الكوريتين، وذلك ضمن المساعي الرامية إلى تحويل اتفاق الهدنة بين الدولتين إلى اتفاقية سلام، وتمهيداً للقمة المرتقبة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأميركية مطلع حزيران المقبل. القمة الأولى بين الجانبين منذ أكثر من عشر سنوات (والثالثة في المجمل)، كان سبقها إعلان زعيم كوريا الشمالية، كيم يونغ أون، تعليق التجارب النووية وعمليات إطلاق الصواريخ البعيدة المدى، كما أعلن إغلاق موقع بونغي-ري للتجارب النووية.
أول زعيم شمالي في الجنوب
أعلنت سيول أن رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، سيستقبل غداً كيم جونغ أون، عند الخط العسكري الفاصل الذي يقسم شبه الجزيرة الكورية قبل بدء قمتهما التاريخية. سيلاقي مون ضيفه الشمالي عند العوائق الاسمنتية التي ترسّم الحدود بين الكوريتين في المنطقة المنزوعة السلاح، وفق ما قاله سكرتير الرئاسة في الجنوب إيم جون سيوك. وعندما يعبر كيم الخط الفاصل سيراً على الأقدام سيصبح أول زعيم كوري شمالي يضع قدمه في الجنوب منذ انتهاء الحرب الكورية قبل 65 عاماً.

مراسم القمة
ستقام مراسم الترحيب من قبل القوات العسكرية الكورية الجنوبية أمام «بيت السلام» في الجزء الجنوبي من قرية الهدنة الحدودية بانمونغوم. كما من المفترض أن يوقّع كيم دفتر الزوار قبل بدء الجلسة الصباحية التي وصفت بأنها «قمة من أجل السلام والرخاء في شبه الجزيرة الكورية». وتشهد القمة بادرات رمزية مثل استقدام مأكولات من الكوريتين وكراس عليها خريطة شبه الجزيرة التي تشمل جزر دوكدو التي تسيطر عليها سيول، ويدور بشأنها خلاف منذ عشرات السنين مع اليابان التي تطالب بالسيادة عليها.
يضم وفد بيونغ يانغ شقيقة كيم ومستشارته الأقرب كيم يو يونغ التي حضرت الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية في شباط الماضي. كما سيكون الرئيس الفخري لكوريا الشمالية كيم يونغ نام الذي رافق يو يونغ الى الالعاب الشتوية في عداد وفد بلاده أيضاً الى القمة التاريخية. وقال رئيس ديوان الرئاسة الكورية الجنوبية ليم تشون سوك، إنه لم يتقرر بعد حضور كيم ري سول جو عقيلة الزعيم الشمالي للقمة، لكنه أشار إلى أن الوفد الشمالي سيضم رئيس البرلمان ووزيري الخارجية والدفاع ورئيس الأركان العامة وبعض الوزراء والشخصيات الحزبية الرفيعة. وقال إن كيم ومون سيرويان الشجرة بماء من نهر تايدونغ في الشمال ونهر هان في الجنوب ثم سيسيران معاً في بانمونغوم قبل بدء الجولة المقبلة من المحادثات.


معاهدة سلام؟
من الممكن أن يبحث الزعيمان مسألة توقيع اتفاق سلام يضع حداً رسمياً للحرب الكورية (1950-1953) التي انتهت بهدنة، وكذلك موضوع استئناف اجتماعات لمّ شمل العائلات التي فرقتها الحرب. وأوضح سكرتير الرئاسة في الجنوب أن كيم ومون سيوقعان معاهدة في نهاية المحادثات وسيعلنان مفاجأة.
وأبلغ مون رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أنه سيطرح أيضاً مشكلة «مواطنين يابانيين خطفهم عملاء كوريون شماليون». في السياق نفسه، عدد المقرر الخاص للأمم المتحدة حول وضع حقوق الانسان في كوريا الشمالية، توماس كوينتانا، مواضيع هي «الأقلّ جدلاً» التي قد تدرج على جدول أعمال هذه المحادثات كالبندين المذكورين سابقاً بالإضافة إلى الإفراج عن الأجانب المسجونين «بشكل تعسفي» والآثار السلبية للعقوبات على شعب كوريا الشمالية. كوينتانا أضاف أن «تعهد كوريا الشمالية بالتعاون مع آليات الأمم المتحدة سيكون مناسبة ممتازة لاختبار التقدم في المفاوضات».

من تجمعات في كوريا الجنوبية اليوم دعماً للقمة المنتظرة(أ ف ب )


ملف حقوق الإنسان
أكدت وزيرة خارجية كوريا الجنوبية، كانغ كيونغ وا، أن ملف حقوق الإنسان لن يبحث خلال قمة يوم غد بين الكوريتين.
تأكيد كانغ دفع بالأمم المتحدة إلى طلب إدراج هذا الملف على أعمال هذه القمة والقمة المرتقبة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، معتبرةً أن أي اتفاق لنزع الأسلحة النووية «سيكون هشاً إذا لم يشمل حقوق وحاجات شعب كوريا الشمالية».
في هذا السياق، قال كوينتانا، إنه «لا يمكن تحقيق السلام والأمن فقط باتفاقات بين الحكومات بل أيضاً وربما بصورة أهم بالسياسات الداخلية التي تضمن الاحترام التام لحقوق الإنسان من دون تمييز».
في سياق متصل، دانت بيونغ يانغ أول من أمس، انتقادات الولايات المتحدة لوضع حقوق الإنسان في كوريا الشمالية. وكانت وزارة الخارجية الأميركية اتهمت في تقريرها السنوي حول وضع حقوق الإنسان في العالم في 2017 كوريا الشمالية، بسلسلة انتهاكات وتحدثت عن «عمليات إعدام خارج إطار القضاء وعمليات تعذيب، وقمع للمنشقين وعمليات خطف في الخارج».
وقالت بيونغ يانغ إن واشنطن نصبت نفسها «قاضياً لحقوق الإنسان»، مضيفةً أنه «أمر سخيف فعلاً ويشبه قصة لص يطالب باعتقال لص آخر». وفي السياق نفسه، وصفت بيونغ يانغ الولايات المتحدة بأنها «بؤرة» لانتهاكات حقوق الإنسان، وبلد تبدو ثقافة الأسلحة النارية فيه «أشبه بسرطان».


تمهيد للقمة الأميركية
تُعدّ القمة التاريخية بين الكوريتين غداً تمهيداً لأخرى تاريخية أيضاً، من المتوقع انعقادها نهاية أيار أو مطلع حزيران بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. في هذا الإطار، أعلنت سيول أن مون سيبلغ ترامب بنتائج القمة الكورية عبر الهاتف فور انتهاء اللقاء، ووعدت بـ«تنسيق وثيق» مع الولايات المتحدة. وكان مستشار الأمن القومي للرئاسة الكورية الجنوبية شونغ اوي يونغ قد التقى بنظيره الأميركي جون بولتون في واشنطن، على ما أفادت سيول.
كذلك، تحدث مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون مع نظيره في كوريا الجنوبية تشونغ يوي يونغ أمس وناقشا «التطلع لاجتماع بين الرئيسين قبل القمة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية».
وفي آخر إعلان قبل الاجتماع بين كيم ومون، طالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب كوريا الشمالية بالتخلي عن ترسانتها النووية، واصفاً زعيمها بأنه «منفتح للغاية» و«محترم جداً». هذا المديح يتباين بشكل حاد مع الإهانات والشتائم الشخصية التي وجهها ترامب إلى كيم طوال العام الماضي حين وصفه بـ«رجل الصاروخ» مثلاً وحين توعّد كوريا الشمالية بـ«النار والغضب».