موقع «إيلاف» السعودي بات إحدى أهم الوسائل الإعلامية المفعّلة إسرائيلياً. هذا الواقع، الذي لا يمكن نقضه، يشير إلى المدى الذي بلغته العلاقات والتفاهمات بين الجانبين، وانعكاسها على إعلامهما. بعد سلسلة لقاءات مع وزراء إسرائيليين حاليين وسابقين، بما يشمل أيضاً مقابلة مع رئيس أركان جيش العدو، غادي أيزنكوت، قابل الموقع السعودي وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، الذي استغلّ المنبر العربي «المعتدل»، لإرسال تهديداته إلى الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وفي المقدمة إيران وحركة حماس، وأيضاً منطق التسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، الذي لم يرقَ إلى الحدّ الذي يشبع «تطلعات» ليبرمان، في السلام الإقليمي مع «عرب الاعتدال»، بعيداً عن الفلسطينيين.ليبرمان الذي أراد لعب دور الضحية، والجهة التي تدافع عن نفسها في مواجهة التهديدات، لعب أيضاً دور المتنبئ للأحداث وتوقع زوال النظام الإيراني «الذي يعيش آخر أيامه»، في تنبؤ أعاد إلى الأذهان تنبؤات مشابهة أطلقها وزير الأمن السابق، إيهود باراك، الذي كان يشدد على أسابيع فقط، تفصل عائلة الرئيس السوري بشار الأسد عن الزوال والسقوط.
ورغم أن المقابلة كانت مشبعة بالتهديدات، وتحديداً في مواجهة إيران، إلا أنها تهديدات في السياق التناسبي: في حال استهداف إيران تل أبيب فستستهدف إسرائيل طهران. التناسبية و«الاشتراطية» نفسها، وردت أيضاً حيال «التهديدات المتشكّلة» في الساحة السورية، وتحديداً من قبل الدولة السورية وحليفتها ايران، مع التركيز على الثانية أكثر من الأولى، والتشديد على التصدي لإيران «مهما كان الثمن»، الأمر الذي يشير إلى القلق والخشية الإسرائيليين، في مقام تأكيد الإصرار وإرادة التصدي.
استخدام إسرائيل لموقع «إيلاف» السعودي لإطلاق تهديداتها والترويج لمصالحها لم يكن الاستخدام الأول من نوعه، بل بات يجري التعامل معه إسرائيلياً كـ«تحصيل حاصل» ونتيجة طبيعية، نظراً للعلاقة التي تجمع إسرائيل بالسعودية ودول «الاعتدال» العربي، وهو ما ورد في سياق المقابلة التي لفت ليبرمان إليها من خلال تأكيد «وجود حوار بنّاء وتفاهم تام مع الدول العربية».
دعا ليبرمان زعماء الاعتدال إلى زيارة إسرائيل وإخراج ما يجري إلى العلن


وتطرق ليبرمان إلى مواضيع عدة، إضافة إلى إيران، إذ تحدث عن القضية الفلسطينية والحوار و«التنسيق» مع العالم العربي، ودعوة زعماء الاعتدال إلى زيارة إسرائيل، وإخراج ما يجري بين الجانبين إلى العلن. وقال إن إسرائيل ستهاجم إيران إذا هاجمت طهران تل أبيب، وإذا لم يسُد السلم والأمان تل أبيب، فلن يسودا طهران، لافتاً إلى أن إسرائيل «ستدمّر كل هدف إيراني في سوريا إذا هاجمت إسرائيل، التي لن تسمح لإيران بتهديد أمنها انطلاقاً من سوريا»، و«إذا استقدمت إيران أسلحة متطورة لمهاجمتها فسوف نهاجمها، وإذا أطلق الأسد نيرانه باتجاه طائراتنا فسنعرف كيف نوجه له الرد المؤلم وندمّر مصادر نيرانه مهما كانت، وإذا هدد حزب الله إسرائيل فسنعرف كيف نردّ إن قام بشيء».
وفيما أكد ليبرمان الحوار والتنسيق مع الدول العربية، طالب زعماء هذه الدول بإخراج العلاقة مع إسرائيل إلى العلن، وزيارة إسرائيل كما فعل الرئيس المصري السابق أنور السادات. وقال إن هناك حديثاً هادئاً ومعمقاً مع عدد من الدول العربية، هي مفاوضات تسير بالنحو الصحيح، و«هناك حديث وهناك إصغاء من الجانب العربي لآرائنا، وهذا جيد في هذه المرحلة».
وحول القضية الفلسطينية، أشار إلى أنها «لم تعد المشكلة بالنسبة إلى العالم العربي. لم تعد المشكلة متمثلة في القضية الفلسطينية وإسرائيل، وهناك مشاكل أكبر من ذلك يتخبط بها العالم العربي». وأضاف: «يجب أن يكون الحل إقليمياً عاماً، وليس (حلاً) على مراحل، وأن يتضمن ثلاثة أمور أساسية: الحل مع الفلسطينيين وإقامة دولة لهم، مع حل لمسألة عرب إسرائيل وتبادل سكان وأراضٍ وسلام وتطبيع مع كل الدول العربية (ترحيل مقنع). أوضحنا أن على الدولة الفلسطينية أن تكون منزوعة السلاح تماماً، وأن تكون هناك سيادة أمنية إسرائيلية في غور الأردن والضفة الغربية».