تعاظَم الانتشار الأمني في محيط السفارات الإسرائيلية واللوبيات اليهودية المنتشرة حول العالم خلال الأيام الأخيرة. السبب، بحسب ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن ما حصل ليل أمس لم يكن على «قدر توقعات إيران»، مع العلم بأن الأخيرة نفت تماماً مسؤوليتها عن القصف، كذلك لم يتبنّه الجيش السوري. ولذلك، بحسب الصحيفة، فإنّ «إيران تخطط لردٍّ أمني على ضربة مطار تي فور، ولكن خارج إسرائيل».وشمل التشديد الأمني سفارات وممثليات دبلوماسية ومدارس يهودية وكُنس (دور عبادة يهودية) وغيرها من المؤسسات الإسرائيلية المنتشرة حول العالم. وتلقت السفارات، على وجه الخصوص، تعليمات تضمّنت أوامر بتشديد الإجراءات الأمنية في محيط مواقعها، وأُمر الدبلوماسيون بتغيير نمط حياتهم وروتينهم اليومي وجداول أعمالهم، وإبداء الحيطة والحذر، تحسباً من «أي عمل من شأنه المساس بحياتهم وأمنهم».
ضمن الإطار، طلبت إسرائيل، من طريق وزارة الخارجية، من بعض الدول مساعدتها في تأمين محيط المؤسسات الإسرائيلية الموجودة فيها، وخصوصاً الدول التي تعدّها إسرائيل «حساسة». وفق ما نقلته الصحيفة عن عاملين في هذه المؤسسات، فإنهم «شعروا بزيادة عدد العناصر الأمنيين المحليين في محيط مؤسساتهم». في المقابل، رفضت «الخارجية» التعليق على الموضوع.
قائد قوة القدس اللواء قاسم سليماني (آيه بي)

واللافت أن ما ذكرته الصحيفة بخصوص الخشية الإسرائيلية من إمكانية استهداف إيران لمؤسسة أو سفارة إسرائيلية، خصوصاً في الدول التي تملك فيها طهران علاقات جيدة، وتحديداً في أفريقيا ومناطق معينة من آسيا، وأميركا الجنوبية، يتقاطع مع تصريح أدلى به وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أمس، قال فيه إنه «خلافاً لإيران، لا نحاول التوسع أو وضع حدود جديدة. من يحاول كل الوقت التمدد ووضع شروط جديدة هي إيران... وأشدد ليس فقط في إسرائيل، بل في لبنان، واليمن، وصولاً إلى أفريقيا».
في هذا السياق، أعادت الصحيفة التذكير بمحاولات اغتيال دبلوماسيين إسرائيليين، وقالت إنه «في شهر أيار من عام 2011، نُفذت محاول اغتيال فاشلة للسفير الإسرائيلي لدى تركيا، دافيد قمحي، وبرغم من أن المحاولة فشلت، جُرح ثمانية أتراك جراء الانفجار». وأشارت، نقلاً عن صيحفة إيطالية (لم تسمها)، إلى أن «مصادر تركية اتهمت ثلاثة عناصر من حزب الله وصلوا من بيروت إلى إسطنبول لتنفيذ العميلة».
تلقى السفراء أوامر بتغير روتينهم اليومي وجداول أعمالهم


كذلك، ذكرت أنه في 13 شباط/ فيراير في العام نفسه (2011) ألصقت عبوة ناسفة بسيارة السفيرة الإسرائيلية لدى جورجيا. ولكن السائق الخاص شعر بوجود جسم غريب فاستدعى الشرطة التي أبطلت مفعول العبوة. وقد تطرّق في حينه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، للموضوع، متهماً حزب الله وإيران بالوقوف وراء محاولة الاغتيال، التي عُدَّت حلقة في سلسلة من العمليات التي حصلت في أذربيجان وتايلاند منذ 2012.

تفجير الحافلة في بورغاس ( آيه بي)

ضمن الموضوع نفسه، سردت صحيفة «هآرتس» في تقرير طويل، تاريخ العمليات الذي تنسبه إسرائيل إلى الوحدة الخاصة في الحرس الثوري الإيراني (قوة القدس)، بقيادة اللواء قاسم سليماني. وقالت إن «عمليات كثيرة تحمل بصمات هذه القوة، منذ تفجير مقر السفارة الإسرائيلية في بوينس آيريس، وصولاً إلى إطلاق الصواريخ على إسرائيل ليل أول من أمس».
وبحسب الصحيفة، فإنّ «قوة القدس» هي الوحيدة المسؤولة عن كل العمليات والأنشطة الأمنية والعسكرية خارج إيران، ويندرج ضمن مهماتها التشبيك مع عناصر الحركات المقاومة المنتشرة في أنحاء العالم، من ضمنها حزب الله، وفصائل المقاومة الفلسطينية، وصولاً إلى الحركات الإسلامية «الجهادية» في أفغانستان وغيرها.
وأفردت «هآرتس» مساحة مطوّلة للحديث عن تاريخ سليماني ومهماته، فهو ــ بحسب الصحيفة ــ المسؤول عمَّا سمّته إنشاء «ميليشيات شيعية» في العراق وسوريا، وارتبط اسمه بسفينة «كارين آيه» التي وصلت إلى شواطئ فلسطين محمّلة بالأسلحة إبان الانتفاضة الثانية. وقالت إنه منذ عام 1994، الذي حدث فيه تفجير السفارة الإسرائيلية في بوينس آيريس، مروراً بالتخطيط «لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة» (مع العلم بأن أحد المشتبه فيهما اللذين اعتقلتهما السلطات الإسرائيلية، في حينها، تاجر مخدرات كبيراً، كان على علاقة بالسفير، ما قد ينفي أن يكون الهدف من محاولة الاغتيال سياسياً أو أمنياً». كذلك اتهمت الصحيفة سليماني بأنه «يقف وراء تفجير حافلة السيّاح الإسرائيليين في بورغاس في 2012»، وليس نهاية بالصواريخ التي أطلقت من سوريا أخيراً باتجاه قواعد عسكرية إسرائيلية في الجولان السوري والجولان المحتلين.

ليبرمان يدعو لـ«طرد الإيرانيين» من سوريا
دعا وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، اليوم، الرئيس السوري بشار الأسد إلى «طرد الإيرانيين» من سوريا. وقال في بيان أثناء زيارته الجولان السوري المحتل: «أستغلّ فرصة زيارتي اليوم للجولان، لأدعو الأسد إلى طرد الإيرانيين، وطرد قاسم سليماني وقوة القدس من سوريا». وتوجه ليبرمان إلى الرئيس السوري بالقول، إنّ «الإيرانيين ساعدوك، لكن وجودهم مضرّ ومؤذٍ ولن يجلب لك سوى الدمار والمشاكل».
وفي ما يتعلّق بتصريحات الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بأن بلاده لا تريد «توترات جديدة» في المنطقة، ردّ ليبرمان: «هي رسالة مهمّة، أتمنى أن تكون حقيقية، فنحن لم نأت إلى حدودهم، هم جاؤوا إلينا».