في خطوة دبلوماسية جديدة، أعلنت بيونغ يانغ، أنها ستسمح لصحافيين من دول شتى حضور عملية إغلاق موقع نووي تحت الأرض، في وقت لاحقٍ من الشهر الجاري، وهو ما استدعى ثناءً من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي من المرتقب أن يلتقي رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، في قمة تاريخية ستُعقد الشهر المقبل في سنغافورة.وذكرت «الوكالة الرسمية الكورية الشمالية للأنباء»، أول من أمس، أن عملية إغلاق موقع التجارب النووية تحت الأرض «ستجري بين 23 و25 أيار الجاري» على أن يحضرها صحافيون من دول عدة، من بينها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والصين وروسيا وبريطانيا. ووفق الوكالة، سيُدمَّر جميع الأنفاق تحت الأرض في موقع الاختبار «بونغي ــ ري» الموجود تحت الأرض شمالي البلاد بواسطة التفجير، مع إزالة مرافق المراقبة والبحوث، إلى جانب وحدات الحراسة الأرضية.
من جهته، وعبر موقع «تويتر» كالعادة، أثنى ترامب على قرار كوريا الشمالية بغلق الموقع النووي ووجّه الشكر إلى بيونغ يانغ على تعهّدها بتدمير الموقع الذي تُجري فيه تجاربها النووية. وكتب أمس: «لقد أعلنت كوريا الشمالية أنها ستفكك موقع التجارب النووية هذا الشهر، قبل لقاء القمة في سنغافورة... شكراً لكم، لفتة ذكية جداً وكريمة». ويأتي هذا الإعلان غداة إعلان واشنطن استعدادها لتقديم مساعدة اقتصادية و«ضمانات» لكوريا الشمالية إذا تعهدت بـ«نزع سريع وكامل للسلاح النووي» في قمة 12 حزيران المقبل.
وعن نية كيم تفجير الموقع النووي، تقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن الرئيس الكوري الشمالي أقدم على هذه الخطوة لبناء ثقة مع واشنطن، قبل قمته المرتقبة مع ترامب. وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن كيم «متحمس لبحث مسألة نزع الأسلحة النووية، مقابل الحصول على ضمانات أمنية ورفع العقوبات». لكنها تلمّح إلى احتمال أن كوريا الشمالية «لا تريد نزع السلاح النووي، بل فقط تحسين صورتها في الخارج ورفع العقوبات المفروضة عليها، ما يجعل الخيار العسكري أمام إدارة ترامب صعباً». إلا أن مسؤولين في كوريا الجنوبية أكدوا رغبة كيم في نزع السلاح النووي مقابل وقف الأعمال العدائية والحصول على مساعدة واشنطن لتحسين اقتصاده.
أما صحيفة «الغارديان» البريطانية، فرأت أن دعوة كوريا الشمالية لصحافيين أجانب من 5 دول لتغطية حدث تفكيك موقع الاختبارات النووية رسمياً، هي «بادرة جديدة تعكس حسن نية الشمال قبل إجراء لقاء القمة مع ترامب»، مشيرة إلى أن هذا الأمر يأتي «عقب إطلاق حكومة الشمال سراح 3 مواطنين أميركيين كانت تحتجزهم فى سجونها، وقد سُلِّموا إلى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، خلال رحلته الثانية إلى كوريا الشمالية للإعداد للقمة».
وأبرزت الصحيفة البريطانية أنّ بومبيو أكد أن لقاءه مع كيم كان «موضوعياً»، وأن الأخير طلب الحصول على «مساعدة اقتصادية أميركية في حال تنفيذه وعده وتفكيكه أسلحته النووية». وتابعت الصحيفة أن قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقّعه سلفه باراك أوباما مع إيران، أعطى كيم «وقفة للتفكير في دوام أي اتفاق يعقده مع رئيس أميركي»، مضيفة أنه رغم ذلك «يُظهر حتى الآن وكأنه فى حملة دبلوماسية، محاولاً تقديم تنازلات يعتقد الكثيرون أنه قد يحاول استخدامها كأوراق مساومة خلال اجتماعه مع ترامب».
يُذكر أن الرئيس الكوري الشمالي، كان قد اقترح في قمة تاريخية جمعته مع نظيره الكوري الجنوبي في 27 نيسان الماضي، إغلاق موقع التجارب النووية، وكان هذا الموقع الواقع تحت الأرض قد شهد إجراء ست تجارب نووية، كان آخرها في أيلول 2017. كذلك فإن الموقع المحاط بقمم عالية، قد حُفر تحت جبل من الغرانيت، ارتفاعه ألفا متر في مقاطعة هاميونغ الشمالية الواقعة شمال شرق البلاد قرب الحدود مع الصين. وكُشف عن وجود الموقع في تشرين الأول 2006 مع أول تجربة نووية كورية شمالية في عهد كيم يونغ إيل والد الرئيس الكوري الشمالي الحالي. وبات منذ ذلك الحين موضع متابعة الأقمار الصناعية. بيْدَ أن بعض الخبراء رأوا أنّ تفكيك الموقع «تنازل شكلي»، لأن «الموقع قد يكون أصلاً قد بات غير قابل للاستخدام». ووفق خبراء زلازل صينيين في جامعة العلوم والتكنولوجيا الصينية، فإن «آخر تجربة نووية في الموقع، أدت إلى انهيارات صخرية داخل الجبل الذي يوجد تحته الموقع».