حمل الرئيس الإيراني، حسن روحاني، هموم الاتفاق النووي، إلى قمة منظمة شنغهاي، حيث حظيت طهران بفرصة تأمين مزيد من الدعم مع عودتها إلى أزمة العقوبات الأميركية. وسعى روحاني، ووفده الذي ضم وزراء الخارجية والاقتصاد ومحافظ البنك المركزي، في تثبيت نقاط مهمة لصالح بلاده، تعزّز من موقفها في مرحلة انسحاب واشنطن من الاتفاق. وذلك بدءاً من التصريحات المتضامنة مع الجمهورية الإسلامية قبالة السياسات الأميركية، التي وصفها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بـ«الأنانية وقصيرة النظر والمغلقة والضيقة»، مضيفاً: «يجب أن نرفض عقلية الحرب الباردة والمواجهات بين الكتل، ونعارض السعي للحصول على الأمن الذاتي المطلق على حساب الآخرين، ونسعى لتحقيق الأمن للجميع». وأسف الرئيس الصيني، لدى استقباله روحاني، لانسحاب واشنطن من الاتفاق، مؤكداً لنظيره الإيراني استعداد بلاده «للعمل مع روسيا والدول الأخرى للحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة».وإلى جانب التصريحات «الإيجابية» التي رافقت لقاء الرئيسين الصيني والإيراني بحضور كبار مسؤولي البلدين، على هامش أعمال المنظمة، تُعدّ اللقاءات الثنائية بين بكين وطهران، والاتفاقات الموقعة عامل دفع كبير لتعميق التعاون الصيني الإيراني، لا سيما في المجال التجاري. ووصف روحاني العلاقات بين البلدين بـ«التعاون الاستراتيجي» الذي أكد أنه «سيستمر في كل المجالات»، عادّاً الصين «الشريك التجاري الأول لإيران في السنوات الأخيرة». وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية، فإن الرئيس الصيني تطرق خلال اللقاء مع روحاني إلى «دور التعاون المصرفي واستخدام العملة المحلية في تطوير التعاون الثنائي»، مؤكداً اعتزام بلاده «تنفيذ العقود المبرمة بينهما بشكل كامل». ووقع الجانبان أربع وثائق للتعاون، أبرزها مذكرة تفاهم للتعاون التقني في المجال المالي والمصرفي، ومذكرة تفاهم للتعاون في إطار «مشروع الحزام والطريق» الصيني العملاق.
وأشاد روحاني، من جهته، بدور الصين الذي وصفه بـ«المهم» في إنجاح الاتفاق النووي وتنفيذ التزاماته، مشيراً إلى إمكانات التعاون «في مجال التنقيب عن النفط ومكافحة الإرهاب والتطرف والتهريب». وفي كلمته التي ألقاها في اجتماع زعماء منظمة شنغهاي للتعاون، رأى الرئيس الإيراني أن «محاولات الولايات المتحدة الرامية إلى فرض سياساتها الأحادية على باقي الدول يعدّ خطراً متنامياً». وحذر من أن «الحظر الأحادي الجانب المتفرّد يتعارض والقوانين والمقررات الدولية ويُخلّ بالتجارة الدولية»، معتبراً أن «أمن الطاقة والتعامل غير المسيّس من ضروريات التنمية الإقليمية والدولية». وجدد التذكير بأن بلاده «منحت الدول الباقية في الاتفاق النووي وباقي أعضاء الأمم المتحدة فرصة محدودة كي تقوم على أرض الواقع بتنفيذ التزاماتها وعرض ضمانات في هذا الشأن»، لافتاً إلى أن واشنطن «ترصد ردود فعل الآخرين تجاه الانسحاب الأميركي من الاتفاق، وتعتبر عدم وجود أي رد فعل دليلاً على أن التفرّد لا يكلفها أي ثمن» وهو ما سيترك «نتائج سلبية تعود بالضرر على المجتمع الدولي». وجدّد روحاني، في كلمته، استعداد بلاده، التي لا تزال عضواً مراقباً في المنظمة، للتعاون مع الأعضاء الدائمين في «شنغهاي». ويُعدّ تعزيز التعاون الاقتصادي مع الصين، ضمن استراتيجية «التوجه إلى الشرق» المدعومة من المرشد الأعلى علي خامنئي، عامل ضغط إيراني على الأوروبيين الذين يخشون حلول الشركات الصينية والروسية مكان الشركات الأوروبية التي تحاول تجنب العقوبات الأميركية. وفي هذا الإطار، حذر رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، أمس، من أن «وقت المفاوضات على وشك أن ينفد، وأوروبا يجب أن تقول ما إذا كانت قادرة على الحفاظ على الاتفاق... علناً وبسرعة»، مشدداً على أن «القادة الإيرانيين لن يكتفوا بوعود أوروبا إلى ما لا نهاية». وأشار إلى أنه في حال عدم تنفيذ الأوروبيين وعودهم بالحفاظ على الاتفاق وتقديم ضمانات، فإن طهران «ستنتقل إلى المراحل التالية بشأن النووي ومسائل أخرى».