بدأ وزراء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بالتوافد إلى فيينا للمشاركة في اجتماع كبار المنتجين المقرر يوم الجمعة المقبل. ومع اقتراب موعد الاجتماع، الذي يشكّل محطة مهمة لاتخاذ قرارات حاسمة في شأن الإنتاج، يتصاعد الجدل في شأن المقترح السعودي لزيادة الإنتاج النفطي، المدعوم روسياً من خارج المنظمة. ومن غير المتوقع أن تنجح السعودية وروسيا، في ما تبقى من وقت قبل الاجتماع، في إقناع الدول المعارضة لرفع الإنتاج، إيران والعراق وفنزويلا، بالتراجع عن معارضتها، وسط طابع «سياسي» تأخذه النقاشات. ورأت المحللة في شركة «إينرجي آسبكتس»، أمريتا سين، أن اجتماع «أوبك» سيكون «مسيساً للغاية».ولا تزال أسباب موقف موسكو من زيادة الإنتاج غامضة، وإن كان طموحاً لبعض الشركات أحياناً، إذ إن «الاستثمار في روسيا في الشتاء أمر مستحيل، وفي حال تقررت زيادة الأهداف (في الاجتماع التالي) في تشرين الثاني... سيكون من الصعب زيادة الإنتاج»، وفق ما يوضح المحلل النفطي لدى بنك «يو بي أس»، جيوفاني شيلدروب. وبحسب وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، فإن «الطلب على النفط ينمو عادة بأسرع وتيرة في الربع الثالث (من العام)... قد نواجه نقصاً إذا لم نأخذ إجراءات». لكن المحلل لدى مجموعة «أس آي بي»، المصرفية بيارن شيلدروب، يدعو إلى قراءة موقف روسيا «من منظار جهودها لزيادة نفوذها الجيوسياسي في الشرق الأوسط». في المقابل، يرى محللون آخرون قدرة روسيا نسبياً على زيادة الإنتاج، حالها حال الدول الأكثر استفادة من القرار: السعودية والإمارات والكويت، القادرة على زيادة الإنتاج فعلياً.
إيران: المشاكل في سوق النفط سياسية وليست نتيجة اختلالات


أما طهران، فقد جددت على لسان وزير الطاقة، بيجن زنغنة، اعتبار أن ما يجري «سياسي بامتياز». وقال الوزير الإيراني، أمس، إن «المشاكل في سوق النفط سياسية وليست ناجمة عن اختلال العرض والطلب»، مضيفاً أن «المشكلة الحالية في سوق النفط هي نتيجة للتوتر السياسي الذي أحدثه الرئيس الأميركي، وليس لاختلال العرض والطلب»، في إشارة إلى سياسات واشنطن ضد طهران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي. إلا أن زنغنة رأى، عشية توجهه إلى فيينا، أن ترامب يرغب في سعر نفط مرتفع لدعم الإنتاج الصخري في الولايات المتحدة «لكنه يهاجم أوبك، وبخاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران النووي، لتجنب ضغوط الرأي العام لزيادة أسعار النفط».
ولئن بدت تصريحات وزير النفط الإيراني، هي الأخرى، سياسية لتناقضها في شأن نوايا واشنطن (إلا في حال ارتفع الإنتاج من دون عودة الأسعار إلى الهبوط)، فإن المراقبين لا يزالون يشككون في دوافع السعودية، مرجحين كونها تخضع للضغوط الأميركية. ويستشهد هؤلاء بتأكيد وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، في نيسان الماضي، تحمل الأسواق لأسعار أكثر ارتفاعاً للبرميل، قبل أن تعود الرياض وتتبنى ضمنياً توجهات الرئيس ترامب.
وتقود الأجواء السلبية المخيمة على اجتماع فيينا، بعد غد الجمعة، إلى توقع فشل التوصل إلى قرار في شأن رفع الإنتاج وفق الرغبة السعودية، ما يصعّب مهمة المشاورات مع البلدان خارج المنظمة السبت المقبل. وهو ما ألمح إليه، أمس، وزير النفط الإيراني، وسط توقع باستخدام الدول المعارِضة الثلاث، إيران والعراق وفنزويلا، حق النقض ضد المشروع الذي يتطلب إجماع الأعضاء، على رغم حديث مصادر في «أوبك» عن أن اجتماع اللجنة الفنية للمنظمة الاثنين الماضي خلص إلى «توقع طلب عالمي قوي للفترة المتبقية من العام الحالي».
(رويترز، أ ف ب)