إسطنبول | بعد ساعات قليلة على الإعلان الأميركي ــ التركي المشترك، بشأن تسيير دوريات منفصلة في محيط مدينة منبج السورية، استعداداً لإخراج «وحدات حماية الشعب» الكردية نحو شرق الفرات، وهو ما عدّه وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، تطوراً مهماً على طريق إعادة العلاقات التركية ــ الأميركية إلى مسارها الطبيعي، أعلن اختيار مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد، لشغل منصب سفير بلاده في أنقرة. وقرأت أوساط حزب «العدالة والتنمية»، ووسائل الإعلام الموالية له، هذا الاختيار من إدارة دونالد ترامب على أنه دعم للرئيس رجب طيب أردوغان، باعتبار أن السفير السابق كان قد غادر أنقرة قبل أكثر من عام، في فترة شهدت توتراً واسعاً في العلاقات بين البلدين، تركز على الخلاف حول «الوحدات» الكردية، وتعزز بقرار أنقرة شراء منظومة صواريخ «إس 400» الروسية، وعرقلة الولايات المتحدة صفقة بيع طائرات «F 35» للجانب التركي.الإعلام الموالي لأردوغان تحدث عن انتصار الديبلوماسية التركية، بدخول الجيش التركي إلى منبج، فيما عدّه وزير الخارجية جاويش أوغلو، أنه «بداية لتطبيق هذا النموذج في التنسيق، في شرق الفرات، كجزء من المساعي لمعالجة الأزمة السورية». وتوقع مزيداً من «التنسيق والتعاون الشامل» بين واشنطن وأنقرة «بعد أن أدرك الأميركيون أهمية تركيا بالنسبة إليهم». غير أن مشروع قرار «الكونغرس» الأميركي، المتضمن حظر إتمام صفقة طائرات «F 35» ومنظومة «باتريوت»، يصبّ في عكس الرؤية التركية.
وتوقع أستاذ العلاقات الدولية حسن أونال، مزيداً من التعاون والتنسيق التركي ــ الأميركي في حال بقاء أردوغان في السلطة. وقال «إن أميركا قد تسمح للقوات التركية بالانتشار شرق الفرات، باتجاه الرقة ذات الأغلبية العربية، وذلك لمنع عودة القوات السورية الحكومية إليها، كما سمحت سابقاً لقوات فرنسية وبريطانية وإيطالية بوجودها شرق الفرات». وأضاف أونال أن «واشنطن في حال بقاء أردوغان في السلطة، ستسعى لتخريب علاقاته مع موسكو وطهران، وذلك بهدف إنهاء التعاون التركي مع روسيا وإيران، وهو ما سينعكس على مباحثات جنيف الخاصة وعملية صياغة الدستور السوري الجديد بإشراف (المبعوث ستيفان) دي ميستورا». وتوقع أيضاً، مزيداً من المشاكل في علاقات أنقرة مع موسكو وطهران، غرب الفرات من جرابلس إلى الباب ثم عفرين وجوار إدلب، حيث تتعاون أنقرة مع «الجيش الحر» وعشرات الفصائل الأخرى، بما فيها «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» و«جيش الإسلام»، إلى جانب فصائل موالية لها بنحو مباشر.
أكد إينجه نيّته تعيين شخصية كردية ضمن نوابه في حال فوزه


من جانب آخر، أشارت مصادر ديبلوماسية إلى أهمية اختيار ساترفيلد سفيراً جديداً في أنقرة. إذ وجدت هذا الاختيار «مثالياً» لخبرات ساترفيلد بشؤون المنطقة، وهو ما سيحتاجه ترامب خلال المرحلة المقبلة التي ستشهد تحركات ديبلوماسية سريعة بعد حسم معركة الحديدة في اليمن. فقد خدم ساترفيلد بصفة سفير في لبنان وأدى دوراً مهماً في الحرب الإعلامية والسياسية الدولية ضد دمشق، بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري. كذلك عمل مستشاراً للوزيرة كونداليزا رايس، صاحبة مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، وساعد بول بريمر في مساعيه لترسيخ الاحتلال الأميركي للعراق، وأقام علاقات وثيقة مع «الإخوان المسلمين» والسلفيين في مصر. وأسهم في إعدادهم لما يسمى «الربيع العربي»، وذلك عندما كان مديراً عاماً للقوة المتعددة الجنسيات في سيناء. وأدى ساترفيلد دوراً مهماً في قرار ترامب الخاص بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل والتنسيق مع تل أبيب وباريس وعمّان، لمنع الجيش السوري من حسم معركة الجنوب، وأخيراً، سعى لتحقيق المطامع الإسرائيلية في المياه الإقليمية اللبنانية، وهو ما يجعل منه شخصاً مهماً وخطيراً جداً في المعادلات والحسابات الأميركية المقبلة في سوريا والعراق، وعبر تركيا ذات الحدود المشتركة مع هاتين الدولتين وإيران التي تدعمهما.
أما في أجواء الانتخابات، فقد أوضح رئيس الوزراء بن علي يلدريم، أن «30 ألفاً من السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية، يمكنهم أن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات المقبلة». وبينما توقعت أوساط معارضة أن يكون هذا الرقم أكثر من 80 ألفاً، تحدثت معلومات صحافية عن توزيع هويات تركية مزوّرة على السوريين حتى يصوّتوا في الانتخابات لأردوغان وحزب «العدالة والتنمية». وأكدت زعيمة حزب «الخير» والمرشحة لانتخابات الرئاسة ميرال أكشينار، «ضرورة إعادة جميع السوريين إلى بلادهم بعد الاتفاق مع دمشق، باعتبار ذلك الوسيلة الوحيدة لتحييد كل السيناريوهات الخاصة بهم».
وعن احتمالات الجولة الثانية من الانتخابات، قال عضو البرلمان عن حزب «الشعب الجمهوري» كورسال تكين، إن «محرم إينجه سيعلن أسماء ثلاثة نواب له قبل أيّام من الجولة الثانية في الثامن من تموز المقبل، وسيكون من بين هؤلاء الثلاثة، شخصية كردية مهمة». وجاء كلام تكين بعد إعلان قيادات «حزب الشعوب الديموقراطي» قرارها بتأييد إينجه في الجولة الثانية. وتحدثت معلومات صحافية عن احتمالات تصويت عدد كبير من أنصار «حزب الشعب الجمهوري» وأتباعه لـ«حزب الشعوب الديموقراطي» حتى يتجاوز العتبة الانتخابية، وهي 10% من مجموع أصوات الناخبين، وهو ما سيساعده للفوز بما لا يقل عن 70 مقعداً من أصل 600 سيتقاسمهما «تحالف الجمهور» الذي يضم «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» و«الوحدة الكبرى»، و«تحالف الأمة» الذي يضم «الشعب الجمهوري» و«الخير» و«السعادة» و«الشعوب الديموقراطي».