في ظلّ أزمة فصل عائلات المهاجرين على الحدود الأميركية ــ المكسيكية، بالرغم من توقيع الرئيس دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يوقف هذا الإجراء، برزت زيارة السيدة الأميركية الأولى ميلانيا ترامب مركزاً للأطفال المحتجزين في تكساس. لكن ما سرق الأضواء لم تكن الزيارة بحد ذاتها، بل ملابس ميلانيا. السيدة الأولى اختارت، في زيارتها الأطفال الذين سبّبوا انتقادات لاذعة في الأسبوع الماضي لزوجها وإدارته، أن ترتدي سترةً زيتية كُتب عليها من الخلف بالإنجليزية: «أنا فعلاً لا أبالي... وأنتم؟) (?I really don't care, do u).ما أن ظهرت صور ترامب، وهي تعتلي الطيارة من مريلاند متوجهةً إلى تكساس، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقادات الحادة للسيّدة الأولى، إذ جرى تفسير الجملة المكتوبة على السترة بكونها رسالة موجّهة إلى المهاجرين والأطفال المبعدين عن عائلاتهم على الحدود. استفزّت الجملة مستخدمي مواقع التواصل، مثلما شكّلت مادةً دسمة للبرامج الأميركية الساخرة، لا سيما أنها بدت تعليقاً على الأزمة الإنسانية التي أثارت جدلاً كبيراً الأسبوع الماضي في البلاد، والتي لم تخفت مع قرار ترامب الأخير.
سياسة «عدم التسامح» (التسمية التي تبنّتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لإجراءاتها ضد المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة)، تسببت بفصل أكثر من ألفي طفل عن ذويهم منذ شهر أيار/ مايو الماضي، وإبقائهم في ظروفٍ سيئة للغاية. هؤلاء وضعوا في أقفاصٍ مسوّرة بشباكٍ معدنية، وظهروا يبكون ويصرخون في صور ومقاطع فيديو، فيما اعتبرت الإدارة الأميركية هذه السياسة وسيلةً لردع المهاجرين غير الشرعيين عن محاولة الدخول إلى البلاد.
محاكاة لغلاف «التايم» باستبدال دونالد ترامب بفتاة تلبس سترة ميلانيا()




وسائل إعلام أميركية قالت إن ميلانيا ترامب ارتدت السترة، حين ركبت الطائرة في قاعدة أندروز الجوية في مريلاند، وغيّرت ملابسها قبل أن تهبط في تكساس. لكن بالرغم من الانتقادات التي تسبب بها زيّها، عادت وظهرت بالسترة نفسها عندما هبطت طائرتها من جديد في مريلاند. وقد ذهبت ميلانيا إلى مركز لإيواء الأطفال في تكساس، وهي منشأة تموّلها الحكومة الفيدرالية تضم نحو 60 طفلاً من هندوراس والسلفادور تتراوح أعمارهم ما بين 5 و17 عاماً. وكانت ميلانيا قد دعت إلى تسوية سياسية لإنهاء عمليات الفصل بين الأطفال وعائلاتهم، وقد أكدت المتحدثة الرسمية باسم ميلانيا ترامب، ستيفاني غريشام، أن السيدة الأولى «تدعم لمّ شمل العائلات، وأنها تعتقد أنه من المهم أن يبقى الأطفال مع عائلاتهم».


كعادته في التفاعل مع القضايا المثيرة للجدل وأحياناً صناعتها، علّق دونالد ترامب على «قضية السترة» مغرّداً: «أنا فعلاً لا أبالي وأنتم؟ مكتوب على ظهر سترة ميلانيا، وهي تشير إلى إعلام الـFake news (الأخبار المزيّفة). ميلانيا علمت كم هم مخادعون، وهي حقيقةً لم تعد تبالي». غير أن غريشام، أكدت أنه «لم يكن هنالك رسائل مبطّنة» (من الجملة)، فيما يناقض تعليق الرئيس. وفي تعليقٍ ساخر في برنامجه «The late show»، قال ستيفن كولبرت، إنه «بالطبع لم يكن هناك رسائل مبطنة، لأن الرسالة من هذه الجملة واضحة جداً!».
ستيفاني غريشام قالت في تغريدة أخرى: «بعد الزيارة المهمة اليوم إلى تكساس، أتمنى ألا يكون هذا (الجملة) ما سيختار الإعلام أن يركز عليه». وفي تغريدة لاحقة، أضافت: «زيارة الأطفال اليوم في تكساس، أثرت بشكل كبير في السيدة الأولى. لو بذل الإعلام وقته وطاقته على أفعالها وجهودها لمساعدة الاطفال، عوضاً عن التفكير والتركيز على ملابسها، قد نستطيع تحقيق الكثير من أجل الأطفال»، وأرفقت هذه التغريدة بهاشتاغ: «هي تهتم» و«إنها مجرد سترة».




من بين آلاف الانتقادات التي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي، تساءل أحد الناشطين على موقع «تويتر»، إذا «كان المطلوب أن نصدق أنها ترتدي ملابس لا تحمل أي معنى، خصوصاً أنها عارضة أزياء»، فيما اعتبرت ناشطة أن «نساءً بيضاً مثل ميلانيا وإيفانكا تدافعان عن وحش مثل دونالد وتغطيانه، هما مثيرتان للجدل ــ بسبب أن إنكارهما هو بالدرجة الأولى لحماية امتيازهما الاقتصادي ــ ويجب أن تتم محاسبتهما كراشدتين».
في السياق نفسه، من بين الانتقادات التي طاولت ميلانيا، واحد صدر عن السيناتور الجمهوري السابق ديفيد جولي. جولي دعا الإعلام الى التوقف عن معاملة ميلانيا بـ«عناية»، وقال إن «ذلك (اختيار الملابس) كان لحظة غير قابلة للتسامح للسيدة الأولى والعائلة الأولى، لا سيما أن ميلانيا ارتدت السترة مجدداً عند العودة». وأضاف: «عندما قالت إنها لا تهتم كانت ذاهبة إلى الحدود حيث زوجها فصل بين العائلات وأطفالها، وهي ترتدي سترة مكتوب عليها أنا لا أبالي»، معتبراً أنها في هذه الجملة تقصد «رسالة سياسية».