ردّ الأوروبيون، اليوم، على واشنطن، بهجومٍ مضاد على إجراءات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عبر فرض رسوم جمركية إضافية على عشرات المنتجات الأميركية، مثل الويسكي والجينز والدراجات النارية.تأتي هذه الرسوم الجديدة ردّاً على فرض واشنطن رسوماً جمركية على وارداتها من معظم دول العالم، بما فيها حلفاؤها، تبلغ نسبتها 25 في المئة على الفولاذ، و10 في المئة على الألومنيوم.
تعادل إجراءات الردّ التي طبقت اعتباراً من اليوم على المنتجات الأميركية، جاءت نتيجة الأضرار التي نجمت عن القرار الأميركي بشأن الصادرات الأوروبية من الفولاذ والألومنيوم إلى الولايات المتحدة، أي ما مجموعه 6.4 مليارات يورو عام 2017.
في هذه الأجواء التي تتّسم بالتوتر بين الصين والولايات المتحدة من جهة، وبين الأخيرة وحلفائها الأوروبيين وغيرهم، بدأت ترتسم ملامح حرب تجارية؛ وما يزيد من احتمال حدوثها هو أن دونالد ترامب ينوي فرض رسوم على السيارات الأجنبية أيضاً، ما سيلحق ضرراً بالشركات اليابانية والأميركية.
تزامناً مع دخول رسوم الاتحاد على المنتجات الأميركية حيّز التنفيذ، هدّد ترامب اليوم بفرض رسوم جمركية بنسبة 20 في المئة على السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبي، في تغريدة: «إذا لم ترفع الرسوم الجمركية المفروضة منذ فترة طويلة على الولايات المتحدة وشركاتها وعمالها من قبل الاتحاد الأوروبي سريعاً فإننا سنفرض رسوما بنسبة 20 في المئة على كل السيارات المستوردة في الولايات المتحدة... قوموا بتصنيعها هنا!».


عموماً، تشهد العلاقات بين ضفتي الأطلسي توتراً منذ انتخاب ترامب رئيساً بسبب خلافات حول عدد من القضايا الكبرى مثل اتفاق باريس حول المناخ ونقل السفارة الأميركية إلى القدس والاتفاق النووي الإيراني. تصاعد التوتر في العلاقات خصوصاً بعد القمة الأخيرة لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، عندما انسحب الرئيس الأميركي فجأة من البيان المشترك وشتم مضيفه الكندي جاستن ترودو. من جهةٍ ثانية، وقبل الاتحاد الأوروبي، فرضت المكسيك التي شملتها الإجراءات الأميركية أيضاً، رسوماً للرد على واشنطن، بينما تنوي كندا أن تحذو حذوها في بداية تموز/ يوليو.

«قرار غير مبرّر»
وتعليقاً على الإجراءات الأوروبية الجديدة، قالت المفوضة الأوروبية للتجارة، سيسيليا مالمستروم، خلال الأسبوع الجاري، إن «القرار الأحادي وغير المبرر للولايات المتحدة» بفرض رسوم جمركية «لا يترك لنا أي خيار آخر». أضافت أنه «لا يمكن انتهاك قواعد التجارة العالمية من دون رد فعل من جانبنا»، موضحة أنه «إذا ألغت الولايات المتحدة رسومها الجمركية» فسيتم «أيضاً إلغاء» الإجراءات الأوروبية.
هذا يدلّل على وجود «حرب تجارية تتكثف»، وفق المحلل الاقتصادي، روبرت بيركفيست، في مصرف «إس أي بي» لوكالة «فرانس برس».
بدوره، أكّد رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أن الأوروبيين يريدون أن يكون ردهم «واضحاً ومتكافئاً» في مواجهة القرار الأميركي الذي «يتحدّى كل منطق».
تطبق الرسوم التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على لائحة طويلة من السلع المنتجة في الولايات المتحدة مثل مواد زراعية (الأرز والذرة والتبغ...) ومنتجات من الحديد الصلب وآليات (دراجات نارية وسفن...) والنسيج.
وأمل الأوروبيون لفترة طويلة أن يتمّ إعفاؤهم من الإجراءات العقابية التي أعلنها ترامب في آذار/ مارس، لكن بعد إعفائهم مرتين وإجرائهم مناقشات تجارية مع واشنطن، تم تطبيق هذه القرارات على الاتحاد الأوروبي في الأوّل من حزيران/ يونيو.
بعد ذلك، تقدّم الأوروبيون بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية، وهم ينوون أيضاً فرض إجراءات توصف بـ«الإنقاذية» لحماية سوقهم للفولاذ والألومنيوم التي لن تجد منفذاً لها بعد الآن إلى الولايات المتحدة.