إسطنبول | بعد الحفل الكبير الذي أقيم في البرلمان وبعد ذلك في القصر الجمهوري وسط أجواء عثمانية ودينية، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان تشكيلته الوزارية الأولى بعد تحول النظام إلى رئاسي. وكان التعليق المشترك لأوساط المعارضة أن «هذه ليست حكومة بل مجلس إدارة شركة مساهمة يملكها أردوغان ويترأس هيئتها التنفيذية». فقد تم تعيين بيرات البيرق، زوج ابنة أردوغان، وزيراً للمالية والخزانة، ليكون المسؤول الوحيد والمطلق عن جميع الأجهزة والمؤسسات المالية والاقتصادية، بما فيها الخزانة والمصرف المركزي، فيما سيكون إعداد ميزانية الدولة من صلاحيات الرئيس مباشرة. كما تم تعيين محمد آرصوي وزيراً للسياحة والثقافة، وهو صاحب شركات وفنادق ومؤسسات سياحية وكازينو، في الشطر الشمالي من قبرص. وقالت وسائل الإعلام إن آرصوي مقرّب من أردوغان ونجله بلال، وهو شريك ومساهم في العديد من الفعاليات التجارية والأنشطة التي يتبناها الرئيس. كذلك قام الأخير بتعيين فخر الدين كوبا وزيراً للصحة، وهو صاحب شركة «مديبول» التي تملك العديد من المستشفيات. وتقول الأوساط الإعلامية إن كوبا مقرّب من السيدة الأولى أمينة أردوغان، وهو من أقاربها.وتم تعيين زهراء سلجوق وزيرة للعمل والخدمات الاجتماعية وشؤون العائلة، وهي كانت رئيسة فرع أنقرة لجمعية «المرأة والدين والديموقراطية» التي تترأسها ابنة أردوغان، سميّة، وتتبناها السيدة الأولى أمينة. وتمّ اختيار روهسار باكجان وزيرة للتجارة، بعد أن شغلت العديد من المناصب، بما فيها رئيسة مجلس رجال الأعمال التركي ــ السوري، قبل عام 2011، وشغلت العديد من المناصب في اتحاد الغرف والروابط المهنية، المقرب جداً من الرئيس. وفوجئ الجميع بتعيين بكير باكدمير وزيراً للزراعة، لكون شقيقه معتقلاً بتهمة العلاقة مع رجل الدين فتح الله غولن. وقدّم رئيس الأركان خلوصي أكار استقالته من منصبه ليتم تعيينه وزيراً للدفاع، إذ ستتبع له رئاسة الأركان فيما سيكون هو تابعاً بشكل مباشر لأردوغان، الذي منحه هذا المنصب بسبب موقفه الداعم له خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، وذهابه بصحبة المتحدث باسم القصر الرئاسي ابراهيم قالن لزيارة الرئيس السابق عبد الله غول، لإقناعه بعدم الترشح لمنصب الرئاسة باسم أحزاب المعارضة.
تتوقع مصادر لقاء أردوغان وترامب واعتراض الأخير على صفقة «إس 400»


وحافظ وزير الداخلية سليمان صويلو، ذراع أردوغان الطويلة داخل المؤسسة الأمنية على منصبه، وهو المعروف بعدائه الشديد لأحزاب المعارضة، وعلى رأسها «الشعب الجمهوري». وكان سبق لصويلو أن هدّد وتوعد قيادات حزب «الشعوب الديموقراطي»، وووصفهم بأنهم إرهابيون لعلاقتهم بحزب «العمال الكردستاني» المحظور. ومعروف عن صويلو أنه كان حتى عام 2016 من ألد أعداء أردوغان، حاله حال زعيم «الحركة القومية» دولت بهشتلي، الذي لولا دعم حزبه لأردوغان، لما فاز في انتخابات الرئاسة. كذلك بقي مولود جاويش أوغلو وزيراً للخارجية، وعبد الحميد غول وزيراً للعدل، وتم تعيين كبير مستشاري أردوغان، مصطفى وارانك، وزيراً للصناعة والتكنولوجيا، وضياء سلجوق، وهو صاحب مجموعة من المدارس الخاصة، وزيراً للتربية والتعليم، على أن يكون المنصب الأهم لفؤاد أوقطاي، الذي أصبح نائباً لرئيس الجمهورية، فهو صديق أردوغان منذ أن كان رئيساً لبلدية إسطنبول.
ولم يوفر الرئيس أردوغان وقتاً للبدء بإصدار مراسيم تشريعية، إذ تم تعديل أحد بنود نظام إدارة الجامعات، فلم يعد بالضرورة أن يكون رئيس الجامعة، المعيّن من قبل أردوغان، بروفسوراً. كما لم يعد بالضرورة أن يكون قضاة المحاكم الإدارية من السلك القضائي. وتم إلغاء مديرية الإعلام التي كانت تابعة لرئيس الوزراء والمختصة بقضايا الإعلام الداخلي والخارجي، بما في ذلك منح البطاقات الصحافية، وتم ربطها باسم جديد، بالرئيس أردوغان مباشرة، ليقرر بنفسه لمن ستمنح البطاقة الصحافية منذ الآن. وتتوقع أوساط المعارضة لأردوغان أن يتخذ قرارات ومراسيم تباعاً، ليحدد بها صلاحياته وصلاحيات الأجهزة التابعة له.
هذا ويشارك أردوغان، اليوم، بصفته الرئيس الجديد لتركيا الجديدة، في قمة «حلف شمال الأطلسي» في بروكسل، حيث سيلتقي مع قادة الدول الأعضاء، الذين لم يشارك أي منهم ــ باستثناء الرئيس البلغاري ــ في مراسم تنصيبه في أنقرة. ومن المتوقع لأردوغان أن يلتقي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على هامش القمة، ويبحث معه الملف السوري، وبشكل خاص التنسيق والتعاون المشترك في منبج، ولاحقاً شرق الفرات، وسط معلومات تنقلها أوساط ديبلوماسية، وتتوقع أن يعبر ترامب بشكل واضح لأردوغان عن اعتراضه على صفقة منظومة صواريخ «إس 400» الروسية.