يصل مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، اليوم، إلى العاصمة الروسية موسكو للقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. في جعبة ولايتي رسالة من السيد علي خامنئي إلى بوتين، سيتسلمها الأخير في توقيت بالغ الدلالات في أكثر من اتجاه. في العادة، ينظر المراقبون إلى التواصل بين الزعيمين الإيراني والروسي، خامنئي وبوتين، كحدث نادر، يرافق محطات مفصلية، ويحمل أبعاداً استراتيجية تؤثر بشكل مباشر على مستوى العلاقة الثنائية بين طهران وموسكو، الآخذة في التقارب باضطراد. تقارب تصاعَد منذ مشاركة الطرفين في الحرب السورية، وبلغ ذروته في زيارة بوتين إلى طهران ولقائه المرشد الإيراني، لينجم عنه تواصل شبه يومي على المستويين العسكري والسياسي، ما دفع البعض إلى اعتبار أن العلاقة بين البلدين تجاوزت التقارب والتقاطع في ملفات إلى «تحالف» وثيق.ما يؤكد أهمية الرسالة أنها تأتي في ظل التواصل غير المنقطع بين الجانبين، إضافة إلى التوقيت السياسي الراهن، حيث تسبق قمة «الناتو» وكذلك قمة هلسنكي المرتقبة بين الرئيسين الروسي والأميركي الاثنين المقبل، إضافة إلى تطورات الملف النووي الإيراني وحرب العقوبات التي تخوضها واشنطن ضد الاقتصاد والنفط الإيرانيين.
تحتاج القيادة الإيرانية في هذا التوقيت إلى تنسيق أكبر مع الروس، خصوصاً في ملفات مواجهة العقوبات الأميركية على اقتصاد طهران ومحاولات حظر بيع نفطها. كذلك، فإن موسكو تنتظر من طهران مساعدتها في الأوراق التفاوضية التي ستُطرح على الطاولة في قمة فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، في جملة ملفات من بينها الملف السوري. الخارجية الإيرانية، وفي معرض إعلانها عن زيارة ولايتي إلى موسكو، اكتفت بالإشارة إلى أن مناسبة الرسالة «الخطأ الاستراتيجي» الذي ارتكبه الرئيس الأميركي بالخروج من الاتفاق النووي.
ولم يوضح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، ما إذا كانت زيارة ولايتي تشتمل على رسائل تريد طهران من الرئيس الروسي أن يحملها إلى ترامب في قمة هلسنكي، أو ما إذا تضمنت رسالة خامنئي إطلاع بوتين على خطوة تريد طهران أن تقدم عليها في إطار الرد على التصعيد الأميركي، كالانسحاب من الاتفاق، وهو الخيار الذي لم تسحبه إيران عن الطاولة بعد. الأسئلة تنسحب أيضاً على الملف السوري ومعركة الجنوب بالتحديد، ومآلات الملف بعد تطورات درعا. وأشار قاسمي إلى أن بلاده قررت «إرسال عدد من المبعوثين الخاصين الذين يحملون رسائل من كبار المسؤولين... لسائر البلدان». وفي الإطار عينه، سينتقل ولايتي إلى الصين بعد زيارة موسكو، حيث سيسلم بوتين رسالة من الرئيس حسن روحاني والمرشد خامنئي.
وعلى صعيد العقوبات الأميركية، أكد نائب الرئيس الإيراني، إسحق جهانغيري، أن التهديد الأميركي بتصفير صادرات إيران النفطية «كلام عبثي»، مُطمئِناً إلى أن الحكومة وضعت «برامج مناسبة لمواجهة الظروف المستقبلية، وتُجري مفاوضات للحفاظ على صادرات النفط». وأشار جهانغيري إلى أن طهران «حددت استراتيجيات خاصة وفتحت قنوات اتصال مع روسيا والصين لضمان عملية نقل الأموال في البلاد»، في ظل ما وصفها بـ«الظروف الجديدة والعصيبة» التي تعيشها إيران بسبب «الحرب الاقتصادية»، منوهاً إلى أن صادرات إيران غير النفطية تبلغ 50 مليار دولار. وشدد على أن بلاده ستواجه هذه الحرب «بكل ما نملك من قوة»، وعبر توجه مضاد لتوجه واشنطن يتمثل في رفع الصادرات النفطية إلى أعلى مستوى ممكن. وكشف عن محاولات أميركية لوقف صادرات إيران الأساسية غير النفطية أيضاً، كالنحاس والبتروكيماويات والصلب، معتبراً أن وزارة الخزانة الأميركية تحولت إلى «غرفة حرب ضد الاقتصاد الإيراني».
في المقابل، وفي تراجع واضح عن الموقف السابق للإدارة الأميركية الرافض لاستثناء أي دولة من الحظر على النفط الإيراني، أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أمس، أن بلاده «ستدرس» طلبات ستتقدم بها بعض الدول للإعفاء من العقوبات.


... ورسالة من روحاني إلى مهاتير محمد
نقلت مبعوثة الرئيس الإيراني الخاصة إلى ماليزيا، معصومة ابتكار، عن رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد، تضامن بلاده مع إيران، وحرصها على استمرار التعاون بين طهران وكوالالامبور. وكانت مبعوثة الرئيس الإيراني قد التقت، أمس، رئيس الوزراء الماليزي الجديد في بوتراجايا (العاصمة الإدارية الجديدة لماليزيا)، حيث سلمته رسالة من الرئيس روحاني «حول الاتفاق النووي وبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات»، وتضمنت تهنئة بفوزه في الانتخابات، ودعوة إلى زيارة إيران.
والتقت ابتكار وزير الخارجية الماليزي، سيف الدين عبد الله، ومسؤولين آخرين، مشيرة إلى أنها بحثت معهم وجهة نظر بلادها «بشأن الاتفاق النووي، وتوقعات إیران من المجتمع الدولي والبلدان المختلفة والشركاء التجاریین والاقتصادیین لإیران». وأشارت إلى أنها ستقوم بزيارة مماثلة لإندونيسيا، حيث ستسلم رسالة خطية من روحاني إلى الرئيس الإندونيسي، جوكو فيدودو.
الجدير ذكره أن زيارة الوفد الإيراني لماليزيا هي الأولى منذ انتخاب مهاتير محمد، وبعد إعلان حكومته انسحابها من التحالف السعودي - الإماراتي ضد اليمن.