بعد انتقاده اللاذع لرئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، في مقابلةٍ مع صحيفة «ذي صن» البريطانية، حاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب احتواء الضرر، اليوم، خلال مؤتمرٍ صحافي مع ماي، قال فيه إن ما نقلته الصحيفة عن لسانه غير صحيح وهي «أخبار كاذبة». يأتي ذلك فيما يواصل زيارته الرسمية الأولى لبريطانيا على وقع تظاهرات واسعة في لندن. تابع ترامب التأكيد على أنه «موافق» على استراتيجية رئيسة الوزراء البريطانية بشأن «بريكست»، معرباً عن أمله في أن يتمكن البلدان من إبرام اتفاق تجاري، بعدما كان قد انتقد مقاربة ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي. أضاف ترامب، الذي سيلتقي الملكة في وقتٍ لاحق لاحتساء الشاي، بعد محادثاته مع ماي، أن «لا مانع لدي في كل ما تفعلينه. الشيء الوحيد الذي أطلبه من تيريزا هو التأكد من أنه يمكننا ممارسة التجارة».
كذلك، أوضح أن علاقته مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «متينة جداً»، في مستهل محادثاتهما في المقر الصيفي لرئيسة الوزراء في تشيكرز. وقال «العلاقة متينة جداً، ولدينا فعلياً علاقة جيدة جداً».
بالاضافة إلى التجارة، شملت المحادثات بين ترامب وماي الشرق الأوسط وروسيا. وقالت رئيسة الوزراء البريطانية، بعد اجتماعها مع الرئيس الأميركي، إن بريطانيا والولايات المتحدة اتفقتا على إظهار «القوّة» و«الوحدة» في مواجهة روسيا. وفي ظل استعداد ترامب للقاء قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، أضافت ماي أنهما اتفقا «على أن من المهم محاورة روسيا من موقع القوة والوحدة».
من جهته، قال الرئيس الأميركي إنه سيناقش تخفيضات كبيرة في الأسلحة النووية، عندما يلتقي نظيره الروسي، مضيفاً أن «الانتشار (النووي) بالنسبة إلي هو أكبر مشكلة في العالم. الأسلحة النووية أكبر مشكلة في العالم».
كذلك، أشار ترامب إلى أنه شجّع «ماي على مواصلة الضغط على إيران»، فيما أكّدت ماي أنها ناقشت «مع ترامب ما يمكن أن نفعله بخصوص إيران».

انتقاد رئيس بلدية لندن
لم تقتصر انتقادات ترامب على ماي، وقبلها على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال قمّة «حلف شمال الأطلسي»، بل عمد في مقابلته مع «ذي صن» إلى انتقاد أول رئيس بلدية مسلم لمدينة لندن، صادق خان، ليتحوّل الأمر إلى حربٍ كلامية بينهما، شملت الإرهاب والجريمة واللياقة الاجتماعية.
رأى ترامب أن خان «قام بعمل سيّئ جداً في ما يتعلق بالإرهاب»، رابطاً بين الهجرة وعمليات طعن أوقعت قتلى في لندن. وقال: «لديكم رئيس بلدية قام بعمل فظيع في لندن».
هذه الحرب الكلامية بدأت عندما انتقد خان، وهو ابن سائق حافلة هاجر من باكستان في الستينيات، الحظر الذي فرضه ترامب على القادمين من عدد من الدول المسلمة. الأول ردّ اليوم بالقول إن الإرهاب مشكلة عالمية طالت أيضاً مدناً أوروبية أخرى. وتابع أن «الملفت هو أن ترامب لا ينتقد رؤساء بلديات تلك المدن، بل ينتقدني أنا»، مضيفاً أن تصريحات ترامب التي يربط فيها الهجرة بالجريمة في إنكلترا «غير معقولة».
خان رأى، أيضاً، أن على ماي أن «تتحلى بالجرأة لتخاطب الرئيس الأميركي على قدم المساواة، والأمر يعود إليه ليقول ما يريد عني. لن أرد على تعليقات الرئيس ترامب».
ينتمي خان إلى حزب «العمّال» المعارض، فيما كان رئيس البلدية السابق المحافظ بوريس جونسون، الذي استقال من منصب وزير الخارجية احتجاجاً على خطة ماي لـ«بريكست»، علماً بأن ترامب قد أشاد بجونسون في مقابلته مع «ذي صن»، ورأى أنه قد ينجح كرئيس حكومة بديل.

غضب في بريطانيا
عبّرت شخصيات سياسية بريطانية عن غضبها بسبب هجوم الرئيس الأميركي على سياسة الحكومة المتعلقة بـ«بريكست»، رغم أن أحد المشككين في جدوى الاتحاد الاوروبي قال إن تصريحاته كانت «منطقية جداً».
وكتب وزير الجامعات، سام جياماه، على موقع «تويتر»: «أين لباقتك سيدي الرئيس»، فيما صوّب نوّاب آخرون من حزب المحافظين على الرئيس «لتصميمه على إهانة» تيريزا ماي التي استقبلته في جولة في بريطانيا. بدوره، وصفه حزب العمال المعارض بأنه «وقح جداً».
في غضون ذلك، وفيما لزم داونينغ ستريت، مقر الحكومة، الصمت، قلّل مساعد وزير الخارجية، آلان دنكان، من أهمية الجدل، وقال إن ترامب «مثير للجدل، هذا أسلوبه».
ترامب ليس أول رئيس أميركي يتدخل في موضوع «بريكست»، فقد حذّر سلفه باراك أوباما قبيل استفتاء 2016 من أنه في حال خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون «في آخر قائمة الانتظار» لاتفاق مع الولايات المتحدة.
يذكر أن المشروع الذي تقدمت به ماي لبروكسل ينص على الحفاظ على علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي على صعيد تجارة السلع، من خلال إقامة منطقة «تبادل حرّ» جديدة على أساس مجموعة من القوانين المشتركة المتعلقة بالسلع وقطاع الصناعات الغذائية.