أعلنت المفوضية الأوروبية، اليوم، إجراءات وُصفت بـ«الإنقاذية» تهدف إلى حماية الصناعات المعدنية الأوروبية من الصلب الأجنبي الذي لم يعد يجد منفذاً إلى الولايات المتحدة بسبب الرسوم العقابية التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ويبدأ تطبيقها غداً.بحسب الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، فإنّ المفوضية الأوروبية اقترحت مزيجاً من تحديد حصص وفرض رسوم لمواجهة مخاوف الاتحاد الأوروبي من أن منتجات الصلب التي لم يعد بالإمكان تصديرها إلى الولايات المتحدة ستُغرق الأسواق الأوروبية بدلاً من ذلك.
وفق بيان للمفوضة الأوروبية للتجارة، سيسيليا مالمستروم، فإن «الرسوم الجمركية الأميركية... تؤدي إلى تغيير في المبادلات، ما يمكن أن يسبب أضراراً خطيرة لقطاع الصناعة المعدنية والعمال»، مضيفةً أنّه «ليس لدينا خيار آخر سوى اتخاذ إجراءات إنقاذية» لحماية الصناعة الأوروبية «من ارتفاع كبير من الواردات».
هذه الإجراءات التي تطاول 23 فئة من منتجات الصلب هي مؤقتة، إلى حين يسمح تحقيق تجريه المفوضية باتخاذ قرار نهائي «في 2019 على أبعد حدّ»، وفق المفوضية.
ستتخذ هذه الإجراءات شكل شرائح تخضع للتعرفة الجمركية، أي إن كمية تتجاوز حصة معينة للاستيراد، ستفرض عليها رسوم تبدأ بنسبة 25 في المئة. تنطبق الحصة التي حددتها المفوضية لكل منتج على معدل الواردات في السنوات الثلاث الأخيرة، وهي ستشمل كل دول العالم، باستثناء بعض البلدان النامية ذات الصادرات المحدودة، وكذلك النرويج وإيسلندا وليشتنشتاين.
كذلك، فالإجراءات هي الجزء الثالث من رد الاتحاد الأوروبي على الرسوم الأميركية، إذ فرض الاتحاد أيضاً رسوماً جمركية على واردات من الولايات المتحدة بقيمة 2.8 مليار يورو (3.3 مليارات دولار)، بما في ذلك ويسكي البوربون والدراجات النارية، وقدّم احتجاجاً قانونياً أمام منظمة التجارة العالمية. يأتي ذلك بعدما فرضت الولايات المتحدة منذ مطلع حزيران/ يونيو الماضي رسوماً جمركية عقابية تبلغ نسبتها 25 في المئة على الصلب الأوروبي.
تزامناً مع ذلك، أعلنت وزارة التجارة الصينية، اليوم، أنها ستضطر إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لتعويض الخسائر التي نتجت عن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألومنيوم لحماية حقوقها ومصالحها. جاء بيان الوزارة بعدما قدّمت واشنطن، في 16 تموز/ يوليو الحالي، خمس شكاوى أمام منظمة التجارة العالمية بخصوص الرسوم الجمركية التي فرضتها دول من بينها الصين، رداً على الإجراءات الأميركية.

أميركا... أبرز المتضررين
من جهةٍ ثانية، نبّهت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، اليوم، إلى أن الاقتصاد الأميركي «معرّض بشكل خاص للضرر» من الحرب التجارية العالمية التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان مئات مليارات الدولارات من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
في تصريحات تسبق اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في عطلة نهاية الأسبوع الحالي في الأرجنتين، قالت لاغارد إن هناك مؤشرات على أن النمو العالمي يمكن أن يبدأ بالانخفاض، داعيةً صانعي السياسة إلى الاستعداد.
أول من أمس، وصف صندوق النقد الدولي القيود المتزايدة على التجارة بأنها «أكبر خطر على المدى القصير» على الاقتصاد العالمي. قدّر الصندوق أنه خلال عام 2019 يجب أن يسجّل الاقتصاد العالمي نمواً بنسبة 3,9 في المئة، إلّا أن «ذلك قد يكون أقصى معدّل يمكن أن يحققه»، وفق لاغارد.
أضافت لاغارد «لقد بدأ النمو بالتباطؤ بالفعل في منطقة اليورو واليابان والمملكة المتحدة»، مضيفةً أن التحفيز المالي الأميركي الأخير سيبدأ بالتلاشي قريباً. ورغم أن «جميع الدول ستتأثر سلباً بالنزاع التجاري»، وفق لاغارد، «فإن الاقتصاد الأميركي معرّض للضرر بشكل خاص، لأن جزءاً كبيراً من تجارة الولايات المتحدة مع العالم سيتعرّض لإجراءات انتقامية».
وأوضحت أنه بما أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أطلق الحرب التجارية العالمية، فإنّ الردود الانتقامية والتأثير السلبي سيتركزان على الاقتصاد الأميركي، بينما تستمرّ المناطق الأخرى في ممارسة التجارة في ما بينها.
كذلك، قام خبراء اقتصاد في صندوق النقد الدولي بإعداد تقرير لعرضه على وزراء مالية مجموعة العشرين مع عرض لأسوأ سيناريو يصوّر تنفيذ جميع التهديدات بفرض رسوم والرّد على فرض تلك الرسوم، مع أثر ذلك السلبي على ثقة الأعمال، وهو ما يمكن أن يؤدّي إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي العالمي بمقدار 430 مليار دولار في 2020.