بدأت كوريا الشمالية بتفكيك بعض المنشآت في محطة رئيسية لإطلاق الأقمار الصناعية، تعتبر منطقة تجارب لصواريخها الباليستية العابرة للقارات، وفقاً لتحليل خبراء لصور التقطتها الأقمار الصناعية مؤخراً. وفي حال تأكد ذلك، فإن تحليل موقع «38 نورث» الأميركي، قد يكون مؤشراً لخطوة إضافية من بيونغ يانغ لتعزيز الثقة مع واشنطن، والدفع بالاتفاق الذي وقّعه الزعيم كيم جونغ أون، والرئيس دونالد ترامب، في القمة التاريخية التي عقدت الشهر الماضي، رغم أن بعض الخبراء أبدوا شكوكاً إزاء أهمية هذه البادرة.ويتزامن تحليل الموقع الأميركي مع إعلان ترامب أنه «في غاية السرور» لطريقة تطور المحادثات مع بيونغ يانغ، إذ كتب على موقع «تويتر» أمس: «لم تطلق كوريا الشمالية أي صاروخ خلال تسعة أشهر. وبالمثل لم تجرِ تجارب نووية»، مضيفاً «اليابان سعيدة وكل آسيا سعيدة. ولكن الأخبار الكاذبة تقول، من دون حتى أن تسألني، إنني غاضب لأن الأمور لا تسير بسرعة. خطأ. (أنا) سعيد تماماً». وكان ترامب قد أشار، خصوصاً، إلى مقال في صحيفة «واشنطن بوست» نُشر أول من أمس، وتطرّق إلى خيبة الأمل جراء عدم إحراز تقدم في الملف النووي الكوري الشمالي. وأكدت الصحيفة أن الرئيس الأميركي يعبّر عن استيائه في المجالس الخاصة، رغم أنه يعلن عكس ذلك حين يسأل عن الموضوع .
وأكد الموقع أن الصور تشير إلى أن بيونغ يانغ بدأت تدمير مبنى ومنصة لاختبار محرك صاروخي جرى استخدامها لإجراء تجارب على محركات تعمل بالوقود السائل في محطة «سوهاي» لإطلاق الأقمار الصناعية. وتقع «سوهاي» على الساحل الشمالي الغربي في كوريا الشمالية، وهي ظاهرياً منشأة مصمّمة لوضع الأقمار الصناعية في المدار. وقد اعتبر المجتمع الدولي برنامج الفضاء هذا غطاءً لتجارب الأسلحة.
يذكر أن ترامب أعلن في مؤتمر صحافي، بعد قمته مع كيم، أن الأخير تعهد بأنه سيدمر قريباً موقعاً كبيراً للاختبارات الصاروخية، ولم يحدد ترامب الموقع، لكن مسؤولاً أميركياً قال لاحقاً لوكالة «رويترز» إنه «سوهاي».
ترى روسيا والصين أنه ينبغي مكافأة كوريا من خلال تخفيف العقوبات


من جانبه، قال المحلل في الموقع الأميركي، جوزف بيرموديز، إن تفكيك الموقع يعتبر «خطوة أولى مهمة» يتخذها كيم للوفاء بالوعد الذي قال ترامب إن الزعيم الكوري الشمالي قد قطعه أثناء قمة سنغافورة في حزيران الماضي. وأضاف: «بما أن سوهاي يلعب، كما يعتقد، دوراً مهماً في تطوير تقنيات برنامج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، فإن هذه الجهود تمثل خطوة مهمة لبناء الثقة من جانب كوريا الشمالية».
لكن بعض الخبراء حذروا من الأخذ بتحليلات موقع «38 نورث»، إذ قالت كبيرة الباحثين في مركز «جيمس مارتن» لدراسات منع انتشار الأسلحة النووية في مونتيري، ميليسا هانهام، إن «تفكيك موقع اختبار الصواريخ خطوة جيدة، إلّا أنها تمثل الحد الأدنى لما يمكن القيام به في سوهاي». وأضافت هانهام على «تويتر»: «ما لم يقوموا بتفكيك الموقع بأكمله، فإنه سيبقى المكان الرئيسي لكوريا الشمالية لإطلاق الصواريخ... كوريا الشمالية لا تحتاج إلى منصة موقع الاختبار في سوهاي بعد الآن إذا كانت واثقة بتصميم محركات الصواريخ. وكما صرّح (كيم)، فإن بلاده تنتقل من مرحلة التجارب إلى الإنتاج». ورأت أنه يتعين على المراقبين أن يبحثوا عن مؤشرات تتعلق بمواقع جديدة حيث يمكن صناعة المزيد من الصواريخ، لافتة إلى أنه «لقد تجاهلنا بيونغ يانغ أكثر ممّا ينبغي، والآن يتعلق الأمر بإدارة كمية الأسلحة النووية وأنظمة إطلاقها، وليس ما إذا كانت تملكها».
من جهته، قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، بشأن عملية التفكيك، إن «موقع سوهاي ليس أولوية من حيث مراقبة جهود كوريا الشمالية الخاصة بنزع السلاح النووي».
وفي سياق متصل، قال نائب مدير مكتب الأمن القومي الرئاسي الكوري الجنوبي، نام غوان بيو، أمس، إن البيت الأزرق الرئاسي اطّلع على تفاصيل تفكيك موقع «سوهاي» استناداً إلى معلومات استخبارية من الحكومة، لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى، مضيفاً «أن التفكيك مؤشر أفضل من عدم القيام بشيء... أعتقد أنهم يتحركون (بيونغ يانغ) خطوة خطوة نحو نزع السلاح النووي».
إلى ذلك، وفي مؤشر على نفاد صبر واشنطن إزاء ما تعتبره «تباطؤاً» من جانب كوريا الشمالية في قضية «نزع السلاح النووي»، توجّه وزير الخارجية مايك بومبيو إلى نيويورك، الأسبوع الماضي، لحضّ دول مجلس الأمن الدولي على إبقاء العقوبات الاقتصادية الصارمة للضغط على كيم لكي يتحرك. إلّا أن الصين وروسيا اعتبرتا أنه ينبغي مكافأة كوريا الشمالية من خلال إمكانية تخفيف العقوبات، نظراً إلى الحوار مع الولايات المتحدة ووقفها التجارب الصاروخية. كذلك دفعت كوريا الجنوبية بالمصالحة مع الشمال منذ القمة التاريخية بين الكوريتين في نيسان الماضي.