سجّلت العملة الإيرانية، أمس، رقماً قياسياً جديداً في التراجع، لامس توقعات متشائمة كانت صدرت في وقت سابق. وبلغ سعر صرف الريال الإيراني أمام الدولار قرابة 100 ألف ريال للدولار الواحد (102 ألف ريال في السوق غير الرسمي). وتأتي الانتكاسة الجديدة للعملة بعد أسابيع من خضات مماثلة فقد فيها الريال نصف قيمته تقريباًـ، كما تأتي بعد أيام فقط من استبدال الرئيس حسن روحاني محافظَ البنك المركزي، وتعيينه محافظاً جديداً في إطار إصلاحات في فريق الحكومة لمواجهة التطورات المالية والاقتصادية.ولا يزال يُنظر إلى اقتراب موعد العقوبات الأميركية كسبب رئيس لما تشهده الأسواق والاقتصاد في إيران، فيما تصرّ الحكومة الإيرانية على تأكيد عدم وجود مخاوف من انهيار كبير لما تمتلكه من أوراق قوة على صعيد الاحتياطي من العملة الصعبة، وحجم التبادل التجاري الخارجي، إضافة إلى المنسوب المرتفع من الاكتفاء الذاتي في أهم القطاعات. ويضيف المسؤولون أسباباً إلى الضغوط الأميركية، أهمها ملفات الفساد، وتلاعبٌ تديره بعض الغرف في الخليج بالعملة الإيرانية، إضافة إلى أنشطة جشعة لتجار كبار، وحملة إعلامية مبرمجة تستهدف زعزعة الثقة. وأعلن وزير الاقتصاد، مسعود كرباسيان، أمس، تخصيص 18 مليار دولار لتغطية الواردات بسعر الصرف الرسمي (أي 42 ألف ريال)، وهي تشمل السلع الأساسية والأدوية والقطاعات الصناعية، مؤكداً توفير العملة الأجنبية اللازمة. وهو إعلان يبدو في إطار استعدادات الحكومة لمواجهة العقوبات الأميركية من جهة، وطمأنة المستهلكين والأسواق وسط الاضطرابات الراهنة من جهة ثانية.
مجابهة الحكومة للضغوط الأميركية الاقتصادية تتوسع في أكثر من جانب، وآخرها تدشين لقاء نظمه وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، للسفراء الإيرانيين مع رجال أعمال القطاع الخاص. وتحدث ظريف في اللقاء بلهجة متفائلة، ورأى أن بلاده «في ظرف نستطيع فيه تحسين الوضع أفضل من السابق لأن العالم إلى جانبنا»، فيما هناك في المنطقة دول لا تصمد لأسبوعين بلا الاعتماد على الأميركيين. وأضاف: «الآن، هناك فرصة للتغلب على الوضع الحالي من خلال توحید جمیع قوى الدولة»، مقترحاً «تحويل الضغوط إلى فرص من خلال زیادة الإنتاج الوطني وزیادة الصادرات غیر النفطیة». وتوقع ظريف أن يوصل برنامج المواجهة الإيرانية إلى مكان يثبت للأميركيين «أنه ينبغي عليهم ترك هذا الإدمان (على العقوبات)». ودعا إلى توظيف «وجود شرخ وفجوة بين أوروبا والولايات المتحدة»، مشيراً إلى إمكانية تعاون الشركات الأوروبية المتوسطة والصغيرة مع الشركات الإيرانية.
وعلى صعيد متصل، لا يبدو أن رؤية حكومة روحاني لإجراء تعديلات تُحسِّن من أداء الحكومة تحظى كلها بإجماع داخلي؛ حيث رفض البرلمان، أمس، مقترحاً مُقدَّماً من الحكومة لإعادة هيكلة الوزارات، يقترح استحداث وزارة التجارة وفصلها عن وزارة الصناعة والمناجم والتجارة. وقال رئيس البرلمان، علي لاريجاني، إن مشروع الحكومة «لم يحظ بموافقة المجلس الذي يعارض تغيير هيكلية الوزارات وفصلها في الظروف الراهنة»، داعياً الحكومة إلى اتخاذ «نهج آخر لتحسين هيكلية الوزارات».
في غضون ذلك، جددت تركيا رفضها الالتزام بالعقوبات ضد إيران. وكشف الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، أنه سبق أن قال للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما: «أعتذر، لكننا نشتري الغاز من إيران، من أي مكان آخر يمكننا شراؤه سوى إيران؟ مواطنونا سيتجمدون من البرد من دون نفط في الشتاء، فماذا عساي أفعل في هذه الحال؟»، وأضاف: «هذا الكلام بالضبط نقلته للرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب».