على عكس المفاوضات المكثّفة مع الأوروبيين، فإن التقاء طهران وبكين لا يحتاج إلى كثير اجتماعات وتنسيق، لتثبيت أن الصينيين سيلعبون دوراً رئيساً في حماية الاتفاق النووي، وتأمين البدائل مع اقتراب العقوبات الأميركية. مع ذلك، لا تتوقف المشاورات على خط طهران ـــ بروكسل، وآخرها لقاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، على هامش اجتماع وزراء خارجية رابطة «آسيان» في سنغافورة. وناقش الطرفان، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية، آخر التطورات والإجراءات التي يعكف على تجهيزها الاتحاد الأوروبي للحفاظ على الاتفاق النووي ومكتسباته. إجراءات لا يزال يلفّ مصيرها الغموض، وتتضارب التقديرات بشأن مدى إمكانية أن تُثبِّت آلية آمنة للالتفاف على العقوبات الأميركية، وهو ما سيتضح مع دخول العقوبات حيّز التنفيذ في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. لكن موغيريني، في كلمة لها أمس، أكدت أن الاتحاد الأوروبي ماض في العلاقات الاقتصادية والتجارية القانونية مع إيران رغم الحظر الأميركي، بل يسعى إلى توطيدها، وإن كان التعاون مع طهران «سيكون صعباً» بوجود العقوبات، مذكِّرةً بتأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية المتكرر وفاء إيران بالتزاماتها في الاتفاق النووي.
أكد مسؤولون أميركيون أن بلادهم فشلت في استمالة الصين إلى صفّها

وأمس، علّقت الخارجية الصينية على الضغوط الأميركية بشأن الحدّ من شراء النفط الإيراني. وقال المتحدث باسم الوزارة، غين شوان، إن الصين وإيران «لا تنتهكان التزاماتهما الدولية». وأضاف: «نحافظ على اتصالات وتعاون طبيعيين، وهذا أمر عادل ومنطقي ومشروع ومعقول، لا يوجد شيء في هذا يستحق الانتقاد». وانتقدت الخارجية الصينية العقوبات الأميركية، وأشار شوان إلى أن بلاده «تعارض دائماً الإجراءات الانفرادية وفرض سياسة أي دولة على غيرها من الدول». ويبدو الإيرانيون مراهنين أكثر على التعاون مع بكين، بالمقارنة مع انخفاض الثقة بقدرة الأوروبيين على حماية الاتفاق. وهو ما عبّر عنه بطريقة غير مباشرة وزير الخارجية الإيراني، أمس، بالقول إن دور الصين «محوري» في إنقاذ الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه.
فشل واشنطن في استمالة بكين إلى مجاراة قرارها حظر شراء النفط الإيراني، أكده مسؤولون أميركيون وفق ما ذكرت وكالة «بلومبيرغ» أمس. ونقلت الوكالة عن مسؤول أميركي يشارك في الفريق المشكَّل من وزارتَي الخزانة والخارجية للضغط على دول العالم بشأن ملف إيران، أن واشنطن فشلت في إقناع الصين بتخفيض استيرادها للنفط الإيراني، لكن الحكومة الصينية «وافقت فقط على عدم زيادة مشتريات النفط الإيراني»، وهو ما لم تؤكّده بكين بشكل رسمي حتى الآن.
وأعاد الحديثُ عن المناورات الإيرانية في الخليج التوترَ بين طهران وواشنطن، والذي تراجعت حدّته في الأيام القليلة الماضية. وردّ ظريف على التصريحات الأميركية بهذا الشأن بتغريدة على «تويتر» نشر فيها صورة تبيّن المسافة بين أميركا والخليج. وعلّق بالقول: «يبدو أن قوات البحرية الأميركية غير قادرة في محيط مياهنا على العثور على طريقها، لربما أنها لم تفهم اسمها؛ اسمها هو الخليج الفارسي منذ 2000 عام وأطول بكثير من تاريخ تأسيس الولايات المتحدة»، متسائلاً: «ماذا تفعل القوات الأميركية على بعد 7 آلاف ميل من أرضها».
ودخلت واشنطن، أمس، على خط الاحتجاجات التي شهدتها بعض المناطق في إيران. وكتبت الخارجية الأميركية على حسابها باللغة الفارسية: «نحن نتابع الاحتجاجات في أصفهان، وكرج، وشيراز، وطهران، ومدن أخرى من إيران»، مُحمِّلةً الحكومة الإيرانية المسؤولية عن تردّي الأوضاع الاقتصادية. وأضافت الخارجية الأميركية أن «أميركا تدعم صوت الشعب الإيراني».