وسط انهيار الليرة التركية، واستمرار التوتر الحاد بين أنقرة وواشنطن، أعلن البنك المركزي التركي، اليوم، أنه اتخذ «كل التدابير الضرورية» لدعم الاستقرار المالي واستمرار الأسواق في عملها. وتعهّد للمصارف العاملة في البلاد بتوفير أنواع السيولة اللازمة كافة.وفي بيان نشره على موقعه الرسمي، قال البنك إن الإجراءات المتخذة ستوفر للنظام المالي والمصرفي في البلاد نحو 10 مليارات ليرة، و6 مليارات دولار، و3 مليارات دولار من الذهب. كذلك، ذكر أنه خفّض نسب متطلبات احتياطي الليرة التركية بمقدار 250 نقطة أساس، لجميع فترات الاستحقاق من دون استثناء.
البنك أعلن، أيضاً، تخفيض نسب الاحتياطي لمتطلبات الـ«فوركس» غير الأساسية، بمقدار 400 نقطة أساس لاستحقاقات عام وحتى ثلاثة أعوام، مشيراً إلى إمكانية «استخدام اليورو الأوروبي، إضافة إلى الدولار الأميركي، كعملة مقابلة لاحتياطات الليرة التركية، بموجب آلية خيارات الاحتياطي».
هذا الإعلان سمح بالتعويض جزئياً عن الخسائر التي سجّلتها الليرة التركية في الأسواق الآسيوية، خلال اليومين الماضيين، إذ تمّ التداول بها بسعر 6,65 ليرة للدولار بُعيد السادسة من صباح اليوم بتوقيت غرينيتش، بعدما تراجعت إلى أدنى مستوياتها التاريخية مسجّلة 7,2362 ليرة للدولار حتى الساعة 19:51 من مساء أمس (بتوقيت غرينيتش). علماً بأن الليرة خسرت 16% من قيمتها إزاء الدولار يوم الجمعة.


وزارة المالية تتدخّل
إعلان البنك المركزي كان قد سبقه تصريح لوزير الخزانة والمالية التركي، براءت ألبيرق، أكد فيه أن الوزارة بدأت بتطبيق خطة عملها لمواجهة تقلّبات سعر صرف الليرة أمام الدولار، «اعتباراً من هذه الليلة». وفي تغريدة على موقع «تويتر»، أشار ألبيرق إلى إعداد الوزارة خطة عمل بشأن شركات القطاع الحقيقي الأكثر تأثراً بتقلبات سعر الصرف، بما فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وذكر أن الوزارة ستتخذ التدابير الضرورية بسرعة، وبالتعاون مع المصارف وهيئة التنظيم والرقابة المصرفية التركية، مشدداً على أن المؤسسات المعنية ستقوم بالخطوات اللازمة لإزالة الضغط عن الأسواق.
وكان الوزير التركي قد فنّد، في مقابلة مع صحيفة «حورييت» أمس، بشدّة، الشائعات التي تحدثت عن سيناريوات محتملة، مثل وضع اليد على المودوعات في المصارف، وتحويل العملات الأجنبية في حسابات المواطنين إلى الليرة، محذراً في هذا الإطار «من يطلقون ويروجون لمثل هذه الأكاذيب» من اتخاذ الإجراءت القانونية بحقّهم.

هبطت الليرة إلى مستوى قياسي جديد في التعاملات المبكرة في آسيا والمحيط الهادي (أ ف ب )

أردوغان: تقلّبات الليرة مؤامرة
يوم أمس، جدّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إرجاع تدهور الليرة إلى «مؤامرة خارجية»، مؤكداً أن بلاده ستبحث عن أسواق جديدة وحلفاء آخرين، في إشارة كما يبدو إلى تخلّي أنقرة عن حليفتها واشنطن.
وخلال لقاء مع رجال أعمال في ولاية طرابزون شمال شرقي البلاد، قال أردوغان إن المستوى الحالي لليرة وتقلبات سعر الصرف لا يمكن تفسيرها تفسيراً منطقياً، وإن هبوط العملة في الآونة الأخيرة يظهر مخططاً ضد تركيا. وأضاف: «نقول مع السلامة لمن يفرّط بشراكته الاستراتيجية مع تركيا من أجل علاقاته مع تنظيمات إرهابية»، معتبراً أن ما فشلت الجهات الخارجية «بتحقيقه عبر التحريض ومحاولة الانقلاب، تحاول حالياً تنفيذه عبر المال، وهذا يسمى بصراحة حرباً اقتصادية».


الرئاسة توضح الالتباس
في مقلبٍ آخر، يبدو أن تصريح أردوغان تمّ تأويله على نحوٍ خاطئ من قبل «جهات حاولت نشر سيناريوات افتراضية» في محاولة لـ«توتير الشعب والأطراف الفاعلة في السوق»، وفق تعبير رئيس مكتب الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون. الأخير، وبعيد كلمة أردوغان، نفى أن يكون الرئيس التركي قد طرح في أي من تصريحاته «مسألة وضع الدولة يدها على الودائع في البنوك». كذلك، أعاد ألتون في سلسلة تغريدات على «تويتر»، ما جاء ملتبساً في كلمة أردوغان التي قال في سياقها: «اعلموا أن دعم صمود هذا الشعب ليس مهمّتنا وحدنا، بل يشاركنا فيها الصناعي والتاجر. وإلا سنضطر إلى تطبيق الخطة باء والخطة جيم»، مشدداً على أنه من غير المقبول «محاولة توتير الشعب والأطراف الفاعلة في السوق من خلال نشر سيناريوات افتراضية، في الوقت الذي لم يكشف فيه بعد الرئيس التركي عن تفاصيل الخطتين».

الليرة تواصل انهيارها في آسيا
هبطت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد عند 7.24 ليرة للدولار في التعاملات المبكرة في آسيا والمحيط الهادي، مع استمرار الضغوط على العملة بفعل مخاوف المستثمرين المتعلقة بحالة الاقتصاد وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.
وبحلول السابعة من مساء الأحد بتوقيت غرينتش (صباح الاثنين في منطقة آسيا والمحيط الهادي)، بلغت العملة التركية 7.06 ليرة للدولار بعدما لامست 7.24 ليرة في وقتٍ سابق.
وفقدت العملة التركية نحو 40 في المئة من قيمتها منذ بداية العام، وهو ما يرجع بشكل كبير إلى المخاوف المتعلقة بتأثير أردوغان على الاقتصاد ودعواته المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع التضخم، فضلاً عن الخلاف مع الولايات المتحدة التي فرضت، أخيراً، عقوبات اقتصادية على تركيا. وآخر تلك العقوبات فُرض يوم الجمعة، حين ضاعف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والصلب التركية، بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، متذرعةً بعدم الإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون، الذي يُحاكم في تركيا بشأن اتهامات تتعلق بالإرهاب.