تستمر كل من واشنطن وطهران، في تصعيد الإجراءات والإجراءات المضادة، ضمن أجواء التصعيد المتفاقمة منذ إعادة العقوبات الأميركية على إيران. تسعى طهران في تعزيز موقفها أمام ضغوط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على الصعد كافة. في المقابل، تكثّف الإدارة الأميركية محاولاتها لتعزيز الضغط على الجمهورية الإسلامية، وكسب تأييد من دول العالم لعقوباتها، للتسريع في تحقيق طموحها لإخضاع الإيرانيين.وفي وقت يكرر الأميركيون رسائلهم للتفاوض مع الإيرانيين وإعادة إيران إلى طاولة الحوار لصياغة اتفاق جديد، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن تشكيل فريق على مستوى رفيع يعنى بالملف الإيراني. ومهمة الفريق الجديد، وفق وزير الخارجية مايك بومبيو، تركيز الجهود الأميركية والدولية في سبيل تعزيز الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية على طهران. الفريق الذي أطلق عليه «مجموعة العمل بشأن إيران»، يلقى على عاتقه قيادة ما أطلق عليه أميركياً استراتيجية «الضغوط القصوى»، التي قد تصل إلى فرض عقوبات على دول لا تلتزم بالعقوبات. وقد عين بومبيو، بريان هوك، على رأس المجموعة، والذي يحمل صفة «الممثل الخاص للخارجية حول إيران». ويشير اختيار هوك إلى حاجة واشنطن إلى تعزيز الجهد الذي كان بدأه فريق من وزارتي الخزانة والخارجية، ونشط الرجل ضمنه، للتواصل مع الدول الأوروبية والآسيوية والخليجية، بهدف الضغط عليها للالتزام بالعقوبات ومقاطعة إيران اقتصادياً. وقد فشلت خطوات أميركية مماثلة في تحقيق اختراق لدى العديد من الدول، على رأسها غالبية دول الاتحاد الأوروبي وكذلك الهند وباكستان، فضلاً عن كل من تركيا وروسيا والصين. وهو ما يحتم على إدارة ترامب تكثيف العمل لفرض التزام «حلفائنا وشركائنا حول العالم»، وفق ما قال هوك أثناء الإعلان عن المجموعة، استباقاً لموعد الجولة الثانية من العقوبات، والتي تطمح فيها واشنطن، بحسب ما أشار إليه هوك، إلى «خفض الكمية التي تستوردها كل دولة من النفط الإيراني إلى الصفر بحلول 4 تشرين الثاني/ نوفمبر». وذلك حتى لو تطلب الأمر «فرض عقوبات ثانوية على حكومات أخرى تستمر بهذا النوع من التجارة مع إيران»، باتت واشنطن مستعدة لها كما حذر المسؤول الأميركي. كل هذا العمل الأميركي ضد إيران، والذي من المتوقع أن يزداد نشاطه دبلوماسياً في الأسابيع المقبلة، حرص كل من بومبيو وهوك على حصره في إطار الضغط لـ«تغيير سلوك إيران داخلياً وخارجياً»، أملاً في أن «نتمكن في يوم ما قريباً من التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران»، بحسب بومبيو.
واشنطن: تشكيل فريق على مستوى رفيع يعنى بالملف الإيراني


مقابل المساعي الأميركية، لا يبدو أن طهران تشعر بقلق من ردود فعل الدول الأخرى، أمام مشهد دولي يزداد تعقيداً جراء الخلافات التي أشعلها ترامب في أكثر من اتجاه، لا سيما مع تركيا والصين والأوروبيين. وهو ما يمنح الإيرانيين شعوراً متزايداً بالقدرة على الالتفاف وراء العقوبات وحصد تضامن الدول، كما هو واضح من الأزمة التركية - الأميركية المتشابهة في بعض جوانبها مع أزمة إيران. وأمس، أعلنت الخارجية الروسية عن عزم موسكو «مواصلة اتخاذ جميع التدابير اللازمة للحفاظ على خطة العمل المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) وتنفيذها في شكل متكامل». وأوضح بيان للخارجية أن «مختلف أشكال التعاون مع إيران تجري في شكل صارم وفق خطة العمل المشتركة الشاملة وقرار مجلس الأمن الدولي 2231، وكذلك تحت متابعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
أمام الضغوط الأميركية، تختار طهران أن تمارس ضغوطاً مضادة، في موازاة ورشتها الداخلية المتواصلة لحماية الاقتصاد وتماسك الجبهة الداخلية، إضافة إلى التنسيق الدبلوماسي مع دول عدة. في هذا السياق، أعلن مساعد وزارة الدفاع العميد رضا طلائي نيك، عن أن بلاده ستزيح الستار قريباً عن إنجازات عسكرية «ستترك خيبة في نفوس الأعداء». ووفق مساعد وزارة الدفاع للشؤون الصناعية والبحثية رضا مظفري نيا، فإن القوات الإيرانية ستعلن قريباً عن نظام دفاع جوي وطائرات مقاتلة ذكية. وأوضح أن منظومة الدفاع الجوي الجديدة «ذكية وبعيدة المدى، تمت صناعتها محلياً من قبل الخبراء الإيرانيين»، وستدخل الخدمة قريباً. واعتبر الجنرال الإيراني أن بلاده باتت «القوة الدفاعية الأولى في جنوب آسيا والمنطقة»، مشيراً إلى أن إنتاج الغواصات والطوربيدات الإيرانية مكّن القوات البحرية الإيرانية من إمكانية العمل في أعماق مياه بحر عمان.