وجد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نفسه اليوم في مرمى الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما أحرج شابّاً عاطلاً من العمل طلب نصيحة الرئيس، ليردّ عليه الأخير بأنّ عليه أن يغيّر مهنته ويعمل في قطاعات تعاني نقصاً في اليد العاملة. انتشر شريط مصوّر لماكرون وهو يسدي «نصيحته» إلى البستاني البالغ من العمر 25 سنة، لتنهال عليه الانتقادات على موقع «تويتر» تحت وسم «ماكرون يعبر الشارع».
استوحى الناشطون هذا الوسم من حوار ماكرون مع الشاب الذي كان يزور الإليزيه في إطار نشاط ثقافي، أمس، بعدما قال للرئيس إنه أرسل «نسخاً كثيرة» من سيرته الذاتية «من دون جدوى».
في الحوار، يسأل ماكرون الشاب: «ماذا تريد أن تعمل؟»، ليجيبه «بستاني»، فاقترح عليه الرئيس تغيير مهنته بالقول: «إذا كنت مستعداً ومتحمساً، هناك الفنادق والمقاهي والمطاعم والبناء، في كل مكان أزوره أسمع أنهم بحاجة للعمال. كل الأماكن! الفنادق، المقاهي، المطاعم، أجد لك وظيفة شاغرة بمجرد عبور الشارع»، مشيراً إلى الشوارع المحيطة بقصر الأليزيه. يردّ الشاب: «شخصياً لا مشكلة لدي. لكنني أعطي سيرتي الذاتية ولا أحد يعيد الاتصال بي»، ليصرّ ماكرون عليه بأن يبحث عن عمل في المقاهي والمطاعم، قبل أن يشكره الشاب ويتصافحا.
تمحورت معظم الانتقادات ضدّ ماكرون بأنه، من جديد، ظهر مفصولاً عن الواقع وأظهر نقصاً في التعاطف مع الطبقة العاملة، في ظلّ معاناتهم من البطالة التي وصلت إلى 9 في المئة في البلاد هذا العام.

وحاول، أمس، زعيم «حزب الجمهورية إلى الأمام» الذي أسسه ماكرون، كريستوف كاستانيه، تبرير موقف الرئيس، بنفيه بشكل قاطع وجود أي نية لدى ماكرون بـ«الإساءة للعاطلين من العمل». وفي تصريح لإذاعة «إر تي إل» وتلفزيون «إل سي إي»، قال كاستانيه: «هل تفضلون اللغة الخشبية... أنا أفضل رئيساً للجمهورية يقول الحقيقة».
انضمّ بدوره رئيس «حزب اليسار»، جان لوك ميلانشون، إلى جوقة الساخرين، بنشره على «تويتر» لصورةٍ تسخر من عبارة ماكرون: «أعبر الشارع وأجد لك عملاً».

وعلى موقعه الإلكتروني، استفاض ميلانشون، المعارض الأبرز لماكرون،في انتقاد فعلة الرئيس، بقوله إن «الماكرونية ظهرت بوجهها الأكثر شحوباً»، مشيراً في الوقت عينه إلى تصويت الجمعية الوطنية على قانون يمنح الحصانة لاستخدام مادة الغليفوسات في المواد الزراعية والتي تشير معظم الدراسات إلى أنها مادة مسرطنة، تزامناً مع قيام «الرئيس الغني» باتهام «العاطلين من العمل» بأنهم السبب في بطالتهم.
هذه ليست المرة الأولى التي يرد فيها ماكرون على أسئلة عاطلين من العمل يكونون موجودين ضمن الحشود التي تستقبله خلال تنقلاته، بتشديده على النقص في اليد العاملة في قطاعات عدة، ليتهمّ منذ انتخابه بإدلائه بتصريحات «متعالية»، وبخاصة عندما تحدث عن «طفرة» المساعدات الاجتماعية.
في وقتٍ سابق هذا العام، انتشر فيديو جدليّ آخر لماكرون وهو يردّ بقسوة على مراهق ناداه قائلاً: «كيف الحال، مانو؟»، وهو اختصار لاسم إيمانويل، ليجيبه: «لا، لا تستطيع قول ذلك»، متابعاً: «أنت هنا في احتفال رسمي وعليك التصرّف بتهذيب... تناديني بالسيّد الرئيس أو بسيدي، فهمت؟». حالياً، بلغت مستويات التأييد لماكرون أدناها منذ انتخابه في أيار/ مايو 2017، وفق استطلاع نشره معهد «بي أف إي» الفرنسي، ليبلغ تأييد أدائه نسبة 34 في المئة فقط من الفرنسيين. ويعود هذا المستوى المتدني بسبب سياساته الضريبية.