لم تكتف الإدارة الأميركية بالحرب التجارية التي تشنها على الصين منذ فترة بتحريض من الرئيس دونالد ترامب. فبعدما أعلنت واشنطن مطلع الأسبوع الجاري، فرضها رسوماً جمركية إضافية على واردات صينية بـ200 مليار دولار، قرّرت الإدارة الأميركية فرض عقوبات جديدة على الصين، التي شاركت في المناورات العسكرية الروسية الكبرى «فوستوك 2018» منذ أسبوع، بسبب شرائها عتاداً عسكرياً من روسيا. وذلك بموجب قانون «كاتسا» الأميركي الذي يسعى لمحاصرة موسكو من خلال فرض عقوبات على من يتعامل معها عسكرياً واستخبارياً.فرضت الولايات المتحدة يوم أمس، عقوبات على وكالة عسكرية صينية ومديرها لشراء عتاد عسكري من روسيا. وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية، إن «العقوبات ستفرض بشكل فوري على إدارة تطوير العتاد الصينية»، وهي الوكالة المسؤولة عن الأسلحة والعتاد، ومديرها لي شانغ فو، بسبب «القيام بتحويلات كبيرة»، مع شركة «روسوبورون إيكسبورت»، وهي الشركة الأساسية لتصدير الأسلحة في روسيا. وأضافت «الخارجية» الأميركية أن «العقوبات تتعلّق بشراء الصين عشر مقاتلات من طراز سوخوي-35 في 2017، وعتاد مرتبط بأنظمة دفاع صاروخية أرض -جو من طراز إس-400 في 2018». وبموجب هذه العقوبات، تمنع الوكالة الصينية ومديرها من الحصول على تراخيص تصدير واستخدام النظام المالي الأميركي. كما تضيفهما إلى قائمة تصدرها وزارة الخزانة الأميركية تحظر بموجبها على الأميركيين القيام بأي أعمال مع المدرجين فيها.

رسالة إلى أنقرة و«من يهمّه الأمر»
وفي تعليق على العقوبات الجديدة، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية قوله لصحافيين، إن «روسيا هي الهدف الأساسي من هذه العقوبات». وأضاف المسؤول: «عقوبات كاتسا في هذا السياق، لا تهدف إلى تقويض القدرات الدفاعية لأي بلد معين، بل إلى فرض كلفة على روسيا رداً على أنشطتها الخبيثة». كما نقلت «رويترز» عن مسؤولين في الإدارة الأميركية، قولهم إنهم يأملون أن «ترسل العقوبات التي فرضت على الإدارة الصينية رسالة تحذير لمن يفكرون في شراء أنظمة صواريخ إس-400 الروسية». ومن الواضح هنا، أن الإدارة الأميركية تسعى لمتابعة سياستها في الضغط على أنقرة، الحليفة في حلف شمال الأطلسي، التي تريد شراء أنظمة الدفاع الجوي «إس-400»، من موسكو. وفي السياق ذاته، قال مسؤول أميركي، بحسب «رويترز»: «نأمل على الأقل أن ترسل تلك الخطوة إشارة عن جدّيتنا، وربما تدفع آخرين للتفكير مرتين قبل أي تواصل مع قطاعي الدفاع والاستخبارات في روسيا».

موسكو تحذّر من «اللعب بالنار»
من موسكو، قال رئيس لجنة شؤون الدفاع في البرلمان الروسي، فرانز كلينسيفيتش، إن العقوبات (الأميركية) «لن تؤثّر على عقود إس-400 ولا سوخوي». ونقلت عنه وكالة «إنترفاكس» قوله: «أنا واثق أن تلك العقود ستنفّذ وفقاً للجدول الزمني... امتلاك هذا العتاد العسكري مهم جداً بالنسبة إلى الصين». كما قال وزير التجارة والصناعة الروسي، دنيس مانتوروف، إن «الضغوط والعقوبات الغربية تدفع روسيا والصين إلى تعميق التعاون بينهما من جديد». جاء ذلك في تصريح للصحافيين، اليوم، عقب اجتماع اللجنة الفرعية المتعلقة بالتعاون الصناعي بين روسيا والصين، في مدينة كونمينغ الصينية. وأشار مانتوروف إلى وجود وضع جيوسياسي واقتصادي معقّد لدى روسيا والصين بسبب إنتاجهما كميات كبيرة من المنتجات التنافسية كالمعادن وخاصة الألومنيوم. واعتبر أن الدول الغربية «تشعر باستياء بسبب التطور الصناعي في روسيا والصين، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية». وفي السياق نفسه، ندّد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بالعقوبات الجديدة، معتبراً أنها تهدد «الاستقرار العالمي». كما اتهم واشنطن بـ«اللعب بالنار»، وقال: «سيكون من الجيد أن يتذكّروا وجود مبدأ مثل الاستقرار العالمي، وهم يزعزعونه بشكل غير مسؤول»، مضيفاً: «من الغباء اللعب بالنار لأنه يمكن أن يصبح خطيراً».

بكين تندّد... وتهدّد
بدورها، دعت الصين اليوم، الولايات المتحدة إلى سحب العقوبات التي فرضتها على الهيئة التابعة للجيش الصيني، بسبب شرائها أسلحة روسية. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية غينغ شوانغ، خلال مؤتمر صحافي، إن «الجانب الصيني يعبّر عن استنكاره الشديد للممارسات غير المنطقية من الجانب الأميركي». وتابع غينغ أن «بكين تقدّمت باحتجاج رسمي لدى واشنطن»، مضيفاً أن «الأفعال الأميركية انتهكت بشكل خطير المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية وألحقت أضراراً جسيمة بالعلاقات بين البلدين والجيشين». وقال: «نحضّ الولايات المتحدة بشدّة على تصحيح خطئها على الفور والتراجع عن العقوبات المزعومة وإلا سيكون عليها تحمل العواقب». وذكر المتحدث الصيني بأن روسيا «شريك في التعاون الاستراتيجي» لبلاده، مشدداً على أن «التعاون يهدف إلى الدفاع عن المصالح الشرعية للبلدين، والسلام والاستقرار الإقليميين، دون أن يستهدف أي طرف ثالث».