أثير هذا النقاش بعدما نشرت الجريدة الرسمية في إسبانيا، الشهر الماضي، تأسيس نقابة جديدة تدافع عن حقوق عاملات الجنس، الأمر الذي حصل من دون علم وزيرة العمل الإسبانية، ماغدالينا فاليرو. وزارة العمل صدّقت على تأسيس النقابة، حيث أشار قرار الجريدة الرسمية إلى أن الموافقة على «إنشاء النقابة جاء بعد التحقق من استيفائه متطلبات القانون، الأساسي بشأن الحرية النقابية والمرسوم الملكي بشأن إيداع النقابات ومنظمات أرباب العمل». غير أن تصريحات فاليرو بعدم معرفتها بهذا الأمر، دفعت المديرة العامة في وزارة العمل إلى الاستقالة، بعدما أعلنت مسؤوليتها عن هذه المشكلة. الجدل اشتعل بشكل أساسي بين تيارين، واحدٌ يمثله رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الاشتراكي والمتبني مع وزير العمل، قيم إلغاء العبودية بكل أشكالها. وقد أعلن سانشيز نيته حذف القرار من الجريدة الرسمية. أما التيار الآخر، فيشمل بعض الهيئات والجهات النسوية التي تعتبر أن تنظيم العمل في الجنس، يحمي العاملات في هذا المجال، وبهذه الطريقة لا يمكن للمجتمع البطريركي اتخاذ القرار عنهنّ.
كذلك، يقف الاتحاد العالم للعمل الإسباني على مسافة نقدية من الموضوع، لاعتباره أن تأسيس نقابة لهذا العمل، يخاطر بتطبيع شكلٍ من تجارةٍ يكون فيها جسد الإنسان هو السلعة. أما اللجان العمّالية، فقد دعت إلى التفكير الجماعي بالوضع القانوني والشخصي لآلاف النساء والرجال المعنيين بهذا العمل. فيما دافع القسم الكاتالوني من الاتحاد الكونفدرالي العام للعمل عن تنظيم العمل في الجنس، وذلك بهدف وضع حدٍّ لاستغلال العاملات فيه ولوضع حدٍّ لـ«الاعتداءات الممأسسة».
ويجد هذا النقاش صدىً لدى التيارات النسوية في العالم بين مؤيد ومعارض لتنظيم العمل في الجنس. تنقسم النسويات حول هذه القضية عموماً، لا سيما بين ما يسمى بـ«الموجة الثانية» و«الموجة الثالثة» للنسوية. تنتمي المعارضات لتنظيم العمل في الجنس بمعظمهن إلى «الموجة الثانية»، ويدرجنه في خانة خضوع المرأة للرجل واستغلالها فضلاً عن كون هذا العمل يقع في خانة الإتجار بالبشر وأشكال العبودية التي يجب التخلّص منها، بالإضافة إلى الدعوة للتخلص من صناعة البورنوغرافيا. أما مؤيدات تنظيم هذا العمل، فينتمين بمعظمهن إلى «الموجة الثالثة» التي تدعو إلى حماية حقوق العاملات في الجنس، وإلى تمكينهنّ لتحريرهن من استغلال الرجل وسيطرته في هذا المجال.