مع هزيمة شركائها في الحكومة، أمس، في الانتخابات الإقليمية في بافاريا، خرجت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي حظيت أصلاً بعام صعب نتيجة تراجعها في الانتخابات البرلمانية العام الماضي، لتَعِد بـ«استعادة ثقة» الناخبين. ومع تراجع «الاتحاد المسيحي الاجتماعي» و«الحزب الاشتراكي الديموقراطي» لمصلحة اليمين المتطرف و«حزب الخضر»، وعدت ميركل ببذل مزيد من «الجهد لضمان أن تكون هذه الثقة موجودة».
وتابعت أن حزبها وحليفه البافاري، يمكن «أن ينتظر منهما العمل بشكل متكاتف»، في إشارة إلى خلافها العميق مع وزير الداخلية المتشدد هورست سيهوفر من «الاتحاد المسيحي الاجتماعي».
وتراجع الاتحاد المسيحي الاجتماعي 10 نقاط بحصوله على 37 في المئة من الأصوات في انتخابات أمس، ليخسر غالبيته المطلقة في المقاطعة الواقعة في منطقة الألب، والتي حكمها منذ ستينيات القرن الماضي. وتراجع «الحزب الاشتراكي الديموقراطي»، شريك ميركل الآخر في الائتلاف، ليحصل على 9,7 في المئة من الأصوات، وهي أسوأ نتيجة له في أي مقاطعة على الإطلاق.
أكبر الرابحين في انتخابات أمس، هو «حزب الخضر» المعارض الذي أصبح ثاني أقوى الأحزاب في بافاريا بحصوله على 17,5 في المئة من الأصوات. أما حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف والذي ركز حملته على التنديد بقرار ميركل في 2015 إبقاء حدود ألمانيا مفتوحة أمام اللاجئين والمهاجرين، فقد حاز 10 في المئة من الأصوات. وأعلنت زعيمة «البديل لألمانيا»، أليس فايدل، أن حكومة ميركل «ليست ائتلافاً كبيراً، بل مصغر» وطالبتها «بتمهيد الطريق أمام انتخابات جديدة».

انتخابات جديدة؟
يرخي هذا الفشل الانتخابي بظلال قاتمة على ائتلاف ميركل، وفق صحيفة «دير شبيغل»، التي رأت أن «انتخابات بافاريا جعلت نهايةً مبكرة للائتلاف الكبير، مرجحةً في شكل أكبر». وأضافت إن «اثنين من شركاء الائتلاف الكبير الثلاثة تعرضا لخسارة موجعة. والثالث، حزب ميركل، الاتحاد المسيحي الديموقراطي يخشى العواقب».
من جهتها، ذكرت صحيفة «سودويتشه تسايتونغ»، في أعقاب ما وصفته بمحطة جديدة في تراجع الأحزاب التقليدية الألمانية، أن ائتلاف ميركل أمامه خياران واضحان: «العودة إلى المنطق أو انتخابات جديدة».
في سياق متصل، قال نائب رئيس «الحزب الاشتراكي الديموقراطي»، رالف ستيغنر، لشبكة «فينيكس» التلفزيونية إن «المواطنين وجهوا صفعة مدوية» للأحزاب الحاكمة، مضيفاً أن «الائتلاف الكبير لن يستمر طويلاً» إذا لم يغير نهجه.
في ظلّ هذه الظروف، يترقّب قادة الائتلاف الكبير في برلين بتوتر انتخابات إقليمية مهمة أخرى في نهاية الشهر. ويدلي الناخبون في 28 تشرين الأول/ أكتوبر بأصواتهم في مقاطعة هيسن بوسط ألمانيا التي تضم مدينة فرانكفورت المركز المالي المهم. وتشير الاستطلاعات إلى أن حليف ميركل، فولكر بوفيير سيخوض معركة شاقة للاحتفاظ برئاسة حكومة المقاطعة. ورأت صحيفة «دي فيلت» أن تلك الانتخابات ستكون بمثابة «اختبار» لميركل التي تخوض معركة إعادة انتخابها زعيمة للاتحاد المسيحي الديموقراطي في كانون الأول/ ديسمبر، مؤكدةً أن «مستقبل ميركل يمكن أن يتقرر في هيسن».

ترحيب يميني أوروبي
لقيت هذه النتيجة ترحيب قادة اليمين في أوروبا مثل الفرنسية مارين لوبن والإيطالي ماتيو سالفيني الذي رأى أن «في بافاريا فاز التغيير». وأشادت لوبن بـ«الدينامية» التي أظهرتها أحزاب اليمين المتطرف ليس فقط في الانتخابات الإقليمية في ألمانيا، بل في الانتخابات البلدية في بلجيكا أيضاً. وكتبت زعيمة «التجمع الوطني» في تغريدة على تويتر أن «الدينامية التي ميزت البديل لألمانيا في بافاريا وفلامز بيلانغ في المنطقة الفلمنكية (في بلجيكا) تؤكد على تحول مقبل في التوازنات السياسية في البرلمان الأوروبي في أيار/ مايو القادم» خلال الانتخابات الأوروبية.